اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
يعتبر لبنان هو من أوائل دول المنطقة التي بنت نظامها على أساس الديموقراطية؛ وبيروت لم تكن فقط عاصمة الديموقراطية اللبنانية بل كانت رسالة الحرية والديموقراطية إلى الشرق الأوسط..
.. وعلى هذا فإن لبيروت تراثاً غنياً مع الديموقراطية وطالما كانت مدينة الرأي الحر والصحافة وكانت المقهى الذي تتحلق حول طاولاته النخب العربية والمفكرون وكانت الجامعة التي يخرج منها قادة الرأي والعمل التحرري والسياسي العرب، وبغض النظر عن من فاز ومن لم يحالفه الحظ فإن بيروت أول أمس قامت بواجبها الوطني والديموقراطي وأكدت أنها مدينة تحافظ على كرامة أهلها وعلى وجهها الديموقراطي وعلى عيشها المشترك وعلى الميثاقية.
وضمن الشلالات التي تركتها عملية الانتخابات البلدية في بيروت يجدر إدراج ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأولى هي التأكيد على أهمية أن النائب فؤاد مخزومي وضع المعيار الوطني أمام المعايير الأخرى من خلال الجهد الذي بذله لإنشاء تكتل انتخابي في بيروت يسهم في إعطاء أقوى فرصة كي ينجح التعايش المشترك في عاصمة لبنان.
لقد كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري سباقاً لرفع شعار المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في مجلس بلدية بيروت؛ وقال في هذا الإطار عبارته الشهيرة: 'انتهى العد'؛ ما يعني أن المناصفة في بلدية العاصمة ليست قصة أرقام وأحجام بل هي تعبير وطني عن إرادة البيروتيين بحفظ التعايش الوطني والميثاقية اللبنانية.
لا تستطيع العاصمة تحت أي ظرف أن تدير ظهرها للشراكة والعيش المشترك؛ حتى لو كان ذلك يتم على حساب أهلها الذين يتركون شيئاً من حقهم من أجل إعطاء الوطن حقه عليهم؛ البيارتة أم الصبي وهم المعنيون مثل غيرهم وربما قبل غيرهم بالحفاظ على معنى بيروت الوطني والحضاري ورسالة الحرية والتنوع.
الملاحظة الثانية التي تستحق التوقف عندها هي فوز العميد محمود الجمل الذي من خلاله سجلت بيروت أنها موجودة فوق مساحة خصوصيتها وأنها ليست صندوقاً انتخابياً يمكن مصادرته. وفوز العميد الجمل يقول أمرين إثنين في وقت واحد: بيروت تعطي الميثاقية حقها ولكنها لا تترك حقها من خلال تسجيل نقطة هامة في مجال إثبات حضورها.
الملاحظة الثالثة تقع في أن الكثير ممن شاركوا في التنافس الانتخابي من أبناء بيروت لم يكن همهم الحصول على سبق الفوز بقدر ما كان همهم المشاركة للفت النظر إلى أن هناك في بيروت شباباً قادرون على حمل هم الشأن العام وإظهار أن بيروت لديها شبابها ولديها طاقاتها البشرية القادرة والمتعلمة والمؤمنة بالممارسة الديموقراطية..
لقد خاض عدد من شباب بيروت العملية الانتخابية بإقدام وشجاعة وسجلوا في سجل بيروت الذهبي أنهم ذخيرة الغد التي سيكون لها دور مهم في مستقبل بيروت.
لقد انتهت الانتخابات ولكن معركة بناء معنى بيروت وبنى بيروت الاقتصادية مستمرة ولا تنتهي مع انتهاء موسم انتخابي.
والحق يقال أن النائب فؤاد مخزومي جسد في استراتيجيته التي ساهم بانتاجها للاستحقاق البلدي في بيروت، ما كان نادى به الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سار على نهجه الرئيس سعد الحريري؛ وكلاهما وضع لبلدية بيروت شعاراً له الأولوية: المناصفة التي تغني الشراكة الميثاقية الوطنية. وبعد ذلك وتحت قبة هذه الشراكة يتم تطوير العاصمة وبنائها..
بيروت اليوم في يوم جديد.. لقد انتهت الانتخابات وبقيت إرادة العيش المشترك في العاصمة وإرادة وحدة العاصمة وإرادة تشابك الأيدي بين كل الذين شاركوا في اللوائح المتنافسة ليكونوا شركاء في بناء بيروت وتطويرها والأخذ بها إلى المكانة التي تستأهلها.
مبروك للذين فازوا ومبروك الروح الديموقراطية للذين لم يحالفهم الحظ؛ والجميع لن يخرج من ميدان المعركة، من أجل بناء عاصمة لبنان وست الدنيا كما وصفها الشاعر نزار قباني..