اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٩ أيار ٢٠٢٥
في مشهد قلّ نظيره في الحياة السياسية اللبنانية، تتقدّم المؤسسة الإنسانية الأهم في البلاد، الصليب الأحمر اللبناني إلى واجهة الاهتمام الرسمي، حيث رعى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إطلاق الحملة المالية للصليب الأحمر للعام 2025 من القصر الجمهوري، بحضور اللبنانية الأولى، في دلالة واضحة على أن هذا العهد يولي أهمية استثنائية لهذه المؤسسة، ولقيمها ودورها المتجذّر في نسيج المجتمع اللبناني.
الحدث لم يكن تقليدياً. فإلى جانب الكلمات والمواقف، حملت المناسبة بُعداً رمزياً وإنسانياً بالغ الدلالة، مع إعلان الرئيس عون التبرع بكامل راتبه الشهري دعماً للصليب الأحمر، في خطوة غير مسبوقة على مستوى موقع الرئاسة الأولى، ورسالة واضحة بأن هذا الدعم ليس فقط معنوياً بل هو فعلي ومترجم بالفعل.
في صلب الحدث: كلمة ودلالات
في كلمته خلال إطلاق الحملة، قال عون: أنا إلى جانبكم على الدوام، وأعدكم بالبقاء سنداً كبيراً لكم.من جهته، ثمّن رئيس الصليب الأحمر اللبناني السيد جورج كتانة هذه المبادرة، مؤكداً أن المؤسسة ستواصل مسيرتها القائمة على العمل التطوعي والحياد.وكان كتانة قد زار القصر الجمهوري سابقاً، واضعاً رئيس الجمهورية في صورة حاجات الصليب الأحمر وتحدياته الميدانية، وتلقى حينها تأكيداً رئاسياً بأن الدولة، ممثلة برئاسة الجمهورية، ستكون شريكاً فعلياً للمؤسسة في كل مراحلها.
كتانة: تبرّع إضافي من عون والسيدة الأولى
وفي هذا السياق، كشف كتانة عبر نداء الوطن عن المطالب التي طرحها في قصر بعبدا، مفصّلاً إياها: الحماية، وتطبيق القانون الدولي الإنساني، ونأمل من خلال الحملة أن يدعمنا الناس مادياً لكي نستمر.وقال: المستلزمات اللوجستية تم تأمينها ضمن خطة واستراتيجية واضحتين، والمشكلة اليوم تكمن في التمويل، فالتبرّع لم يعد كما في السابق، نتيجة تقليص الموازنة من قبل الـ USAID وشركائنا الذين يعتمدون عليها، وكل ذلك أثّر بشكل مباشر أو غير مباشر.وتابع: نحاول أن نبحث عن آلية دعم مع الجالية اللبنانية، والجالية اللبنانية في كندا من أكبر الداعمين لنا، لكن المطلوب اليوم هو خطة تؤمّن الاستدامة.
وردًا على سؤال، أجاب: نشكر كل من تبرّع للصليب الأحمر اللبناني، لكن المطلوب اليوم برامج وطنية كبيرة تُدخل المال إلى الجمعية.وأشار إلى أن الزيارة الأخيرة للصليب الأحمر إلى قصر بعبدا كانت مهمة للغاية، وقد تبرّع خلالها الرئيس براتبه للجمعية، كما أنه والسيدة الأولى خصّصا تبرّعاً إضافياً لنا.وشرح كتانة أن حملة التبرّع هذا العام ستمتد استثنائياً إلى شهري أيار وحزيران بسبب الانتخابات البلدية والاختيارية، والأموال المُحصّلة من هذه الحملة تعود إلى فروع الصليب الأحمر في مختلف المناطق اللبنانية، وليس إلى المركزية.وعن خسائر الصليب الأحمر خلال الحرب، أجاب: سقط لنا 18 جريحاً خلال الحرب، وكل ما نطلبه هو تأمين الحماية من الأطراف المتقاتلة.
ورداً على سؤال حول تأثير الأزمة الاقتصادية والمالية على تمويل الصليب الأحمر، قال: أموال الجمعية، كأموال اللبنانيين، مجمّدة في المصارف، والهدف اليوم من حملتنا هو تأمين تمويل مستمر غير مقيّد بزمن، لنتمكّن من الاستمرار في مساعدة الناس، ودعم الإسعاف، وبنك الدم، وتوزيع الأدوية مجاناً، والمعاينات الطبية، والحد من المخاطر، والدعم النفسي، ولمّ شمل العائلات، والتوعية، وغيرها.وشدّد كتانة على أن رئيس الجمهورية هو الرئيس الفخري للجمعية بحسب النظام، وتحديداً الرئيس عون، نحن على تنسيق دائم معه منذ أن كان ملازماً أول في الجيش اللبناني، وهذه علاقة خاصة ساهمت في تقديم الكثير من الدعم لنا.وأكّد أن الآلية تهدف إلى تأمين استمرارية الجمعية لخمس سنوات على الأقل، وليست مشروعاً لتأمين التمويل لشهر أو شهرين.
وختم: التمويل الذي يتم عبر الفروع هو مخصّص للفروع وليس للمركزية، ونطالب الناس بتحمّل زحمة السير التي قد نسببها خلال حملة دعم الفروع.
في كل بيت لبناني… ظلٌّ من الصليب الأحمر
منذ تأسيسه، شكّل الصليب الأحمر اللبناني أكثر من مجرد مؤسسة طبية أو إسعافية، بل تحوّل إلى عمق إنساني مشترك بين جميع اللبنانيين. لا يكاد بيت في لبنان يخلو من قصةٍ معه، ولا تمر أزمة إلا ويكون في طليعة من يستجيب. في ظل دولة مثقلة بالأزمات، يبقى الصليب الأحمر اللبناني صمّام أمان حقيقياً، وملاذاً أخلاقياً ومهنياً، يثبت في كل مرة أن العمل الإنساني المحض لا يحتاج إلى ضوء، بل يكفيه النبض.