اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٦ كانون الأول ٢٠٢٥
إنّ تجارب لبنان الطويلة والمريرة مع “إسرائيل”، سواء في الحروب أو المفاوضات غير المباشرة، كاجتماعات الناقورة أو مفاوضات الترسيم البحري، تقدم دروساً مهمة لمواجهة التحديات الراهنة في مفاوضات “الميكانيزم” وما يتبعها.
يمكن للبنان أن يستفيد من تجارب الماضي من خلال تبني استراتيجيات تقوم على الثبات والوحدة والحنكة الدبلوماسية في مواجهة الضغوط والالاعيب والمناورات الإسرائيلية، وذلك من خلال ما يلي:
أولاً، الاستفادة من تجربة ترسيم الحدود البحرية، والفصل بين التقني والسياسي:
لقد نجحت مفاوضات الترسيم البحري (2022) لأنّ لبنان تمسك بالطابع التقني ـ القانوني للملف، ورفض تحويله إلى مسار تطبيعي أو سياسي شامل، وأبقى المفاوضات غير مباشرة.
ولذلك فإنّ هذه التجربة يجب ان تطبق في مفاوضات الميكانيزم لتنفيذ وقف النار من خلال التشديد على:
1 ـ تحديد سقف التفاوض بدقة كما أعلن رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، بالتأكيد مراراً وتكراراً أنّ لجنة “الميكانيزم” هي إطار لـمراقبة وقف الأعمال العدائية وتطبيق بنود محددة، كالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وإطلاق الأسرى، وليست منصة لمفاوضات سلام أو تطبيع.
2 ـ رفض وعدم القبول بربط تطبيق “إسرائيل” لالتزاماتها (مثل وقف الاعتداءات أو الانسحاب من التلال الخمسة) بأيّ شرط مستقبلي يمسّ سلاح المقاومة أو السيادة اللبنانية، لأنّ هذا التكتيك يهدف إلى جرّ لبنان إلى “مساومة قسرية” لإجباره على التخلي عن أوراق قوته وفي مقدمها المقاومة.. لجعله مكشوفاً وضعيفاً أمام الأطماع التوسعية الإسرائيلية.. ولهذا يجب ان يؤكد لبنان بأنّ موضوع سلاح المقاومة مسألة داخلية تناقش في إطار استراتيجية للأمن الوطني، بعد انسحاب “إسرائيل” من كلّ الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الاعتداءات، وانّ هذه المسألة ليست خاصعة للمساومة.
ثانياً، التحصّن بالموقف الوطني الموحد في مواجهة الضغوط والإملاءات
أاما الدرس الثاني فهو انّ أيّ انقسام داخلي في لبنان كان على الدوام نقطة ضعف تستغلها “إسرائيل” والوسطاء الدوليون لفرض شروطهم. المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية مثلاً استمرّت عقوداً وسط تغيير الحقائق على الأرض بسبب الانقسام الفلسطيني حول الأهداف.
وهذا الدرس يتطلب توحيد الموقف الرسمي أولاً، وتعزيز التكامل بين الجيش والمقاومة، الإصرار على إجماع وطني حول الثوابت التفاوضية والخطوط الحمراء السيادة، التحرير الكامل، والعودة الى اتفاق الهدنة لعام 1949 ورفض التطبيع…
كما يجب على الوفد اللبناني، وخاصة بعد إشراك عنصر مدني، أن يمثل موقف الدولة اللبنانية الموحد، والثوابت الوطنية صوناً للسيادة والحقوق الوطنية.
ثالثاً، الحذر من لعبة الوقت التي يتقنها العدو الإسرائيلي:
أما الدرس الثالث فهو الانتباه الى انّ المفاوضات الطويلة والمماطلة إنما تخدم دائماً الطرف الأقوى الذي يستغلّ الوقت لـ”تغيير الحقائق على الأرض” أو الاستمرار في اعتداءاته. خصوصاً أنّ “إسرائيل” تواصل خرق وقف النار، وتنفيذ اعتداءات يومية، في خضمّ التفاوض… بهدف محاولة فرض شروطه بالنار.
ويستدعي ذلك التمسك بوضع إطار زمني محدّد ومُلزِم للمرحلة الانتقالية التي تهدف إلى وقف الاعتداءات والانسحاب، لعدم الوقوع في فخ “المفاوضات المفتوحة”.
أما إذا استمرّت “إسرائيل” في خرق وقف النار، كما يحدث حالياً، فيجب على لبنان تجميد أو سحب المرونة التي أبداها، وذلك عبر التراجع عن الاستمرار في إشراك ممثل مدني، لإظهار أنّ استمرار التفاوض مرهون بوقف العدوان.. وصولا الى الأخذ برأي قائد الجيش بتعليق استمرار تنفيذ لبنان لاتفاق وقف النار الى ان تلتزم “إسرائيل” بمندرجاته.
رابعاً، عدم الرهان على الوساطة او الرعاية الأميركية الأحادية:
انّ الاستمرار في الرهان على وساطة أميركية أحادية لا يخدم أهداف ومصالح لبنان الوطنية، لأنّ واشنطن أثبتت دائماً بأنها تقف الى جانب “إسرائيل” وتعمل على ممارسة الضغوط على لبنان كي يستجيب لإملاءاتها، ولهذا يجب توسعة دائرة الدول الراعية لإيجاد توازن يحدّ من هذه الضغوط الأميركية. كما يجب تنشيط الدبلوماسية اللبنانية في المحافل الدولية، وتوثيق الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية بشكل مستمر في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، والمطالبة بالضغط على “إسرائيل” لإجبارها على الالتزام بالقرار 1701.











































































