اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب ميشال نصر في 'الديار'
يشهد لبنان اليوم سباقا محموما على مستقبله بين مسارين يزدادان توازياً وتصادماً: ضغوط أميركية تتزايد حدّتها، في مقابل استعدادات إسرائيلية متسارعة لحرب قد تُفرض على لبنان تحت عنوان 'إعادة صياغة قواعد الاشتباك' أو 'إزالة التهديد من الشمال'، مع تحول لبنان إلى ساحة اختبار مفتوحة: من يعيد رسم التوازن أولاً؟ واشنطن عبر الضغط، أم 'تل أبيب' عبر القوة؟
فمن يتابع حركة المواقف الأميركية والإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة، يكتشف سريعاً أن لبنان دخل مرحلة 'المنطقة الرمادية'، حيث المساحة التي لا تُعلن فيها الحرب ولا تُبنى فيها التسويات، بل تُدار فيها الضغوط وتُختبر فيها الخطوط الحمر، ويصبح كل حدث مهما كان شكليا، جزءاً من سباق أكبر يجري فوق الخرائط وتحت الطاولة في آنٍ معاً. وفي هذا السباق، تبدو بيروت الساحة الأكثر كشفاً للنيات الأميركية والإسرائيلية، والأكثر تأثراً بأي تبدّل في ميزان الردع الإقليمي.
مصدر وزاري لبناني اكد ان واشنطن تبعث برسائل متناقضة إلى لبنان، فهي من جهة لا تريد اتساع المواجهة، مبدية تفهمها الكامل للموقف الرسمي اللبناني المتخوف من 'اهتزاز الوحدة الوطنية'، لكنها في الوقت ذاته مصرة على استكمال مشروعها بجعل لبنان تحت تاثيرها المباشر، 'عا طريقتها'، دون مراعاة واقع التركيبة اللبنانية، وهنا يتظهر الموقف 'العدائي' غير المبرر لشخصيات اساسية وصاحبة التأثير في القرار الأميركي.
ويتابع المصدر بان المسؤولين ابلغوا الموفدين على اختلاف جنسياتهم بان سياسة 'الردع الناعم' المعتمدة، من ضغوط سياسية، وتشديد للعقوبات، الى تحريك للملفات الديبلوماسية، مرورا بالرسائل الأمنية المبطّنة عبر تقارير استخباراتية عن 'مخاطر متزايدة'، بدأت تترك انعكاساتها 'بالقلب' على الساحة الداخلية، بدليل ما حدث خلال الساعات الماضية من مواقف تلت اغتيال رئيس اركان حزب الله.
لكنّ واشنطن تُدرك أيضاً أن فائض القوة الذي تستند إليه في ملفات الدول الأخرى لا ينطبق في لبنان، يقول المصدر، اذ ان حزب الله قادر على قلب الطاولة في أي لحظة، من هنا محاولة الولايات المتحدة استخدام 'العصا الديبلوماسية' عبر استثمار نفوذها في الداخل، من خلال رسائل إلى المؤسسات السياسية والمالية والعسكرية مفادها: الاستقرار مرهون بإدارة أميركية للمرحلة، وبقدرة لبنان على الالتزام بسقف لا يجرّه إلى صدام مباشر مع 'إسرائيل'.
ويتابع المصدر، على الضفة الأخرى تتحرك 'تل ابيب' بمنطق مختلف تماماً، فهي ترى أن بيروت باتت تشكّل نقطة ضعف قاتلة في حسابات الردع، وأن استمرار جبهة الشمال مفتوحة ولو بوتيرة منخفضة ، يعني استنزافاً دائماً لجيشها ولسياساتها الداخلية، لذلك تركّز حاليا على محاولة تغيير 'قواعد الاشتباك' عبر عمليات نوعية، أو اغتيالات محسوبة، أو ضربات داخل العمق اللبناني تهدف إلى تأكيد 'القواعد'، تماما كما حصل الاحد في حارة حريك.
غير ان 'إسرائيل'، خلافاً للولايات المتحدة، ليست في وارد انتظار نتائج الديبلوماسية، فهي محكومة بحسابات داخلية متفجرة: ضغوط اليمين، الأزمة السياسية، هشاشة الجبهة الداخلية، لذلك تسعى إلى تسجيل خرق ما على الساحة اللبنانية يمكن تسويقه كإنجاز، وهو ما حذر منه وزير الخارجية المصري، خلال عشاء جمعه مع مجموعة من الشخصيات، بعد ساعات من وصوله الى بيروت ، وقبل بدء جولة اتصالاته الرسمية.
عليه، فان المواجهة بين الولايات المتحدة و'إسرائيل' في لبنان ليست مواجهة مباشرة، لكنها سباق على التأثير وعلى رسم حدود الدور المستقبلي لحزب الله في أي تسوية مقبلة، حيث يستخدم الطرفان الأدوات نفسها: الضغط، الرسائل الأمنية، الضغوط الاقتصادية، وحشد المواقف الدولية، في اطار الاتفاق على الهدف النهائي في ظل الخلاف على 'خلطة الوسائل وحجمها'.











































































