اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٩ حزيران ٢٠٢٥
تترك الحرائق المندلعة في اكثر من منطقة لبنانية والتأخر في اطفائها اكثر من علامة استفهام حول امكانيات وقدرات جهاز الدفاع المدني من اعلى الهرم حتى اسفله اذ انه رغم أهمية الدفاع المدني في الحفاظ على سلامة المواطنين ومواجهة الكوارث، فإن الجهاز يعاني من مشكلات إدارية بنيوية عديدة تؤثر سلباً على أدائه العام بدءاً من تعيين مديره وصولاً الى غياب الهيكل الإداري الواضح اذ كثير من الوظائف تُشغل بدون توصيف دقيق أو مهام محددة، ما يؤدي إلى تضارب في الصلاحيات وتكرار في المهام أو إهمالها تماماً فيما بعض المتطوعين يمارسون أدواراً قيادية من دون مؤهلات مناسبة أو من دون رقابة فعلية ناهيك عن فساد ومحسوبيات في التوظيف والتكليف.
الحريق الذي اندلع في كرمسده قضاء زغرتا مؤخراً كشف واقعاً سيئاً يعانيه الدفاع المدني في المنطقة لاسيما انه لطالما كانت زغرتا محرومة من تجهيزات حديثة لهذا الجهاز الحيوي في المنطقة رغم مطالبات تيار المرده المتكررة في هذا الاطار ورغم مساعي النائب طوني فرنجيه من اجل ارسال اليات متطورة ومجهزة جيداً للاسراع في اخماد الحرائق حيث ان حريق كرمسده الذي اخمد بجهود جبارة بذلت من الناشطين والدفاع المدني وبامكانيات محدودة عاد واندلع مجدداً ما كشف سوء ادارة ونقص في التجهيز ما يهدد في حال اندلاع حريق مماثل على اطراف وادي قنوبين الذي يصعب الوصول اليه من دون تجهيزات حديثة بكارثة بيئية تتحمل مسؤوليتها الدولة وادارة الجهاز الذي يعمل رئيسه بمحسوبيات ومن دون مسؤولية ربما عن قصد وربما عن جهل حيث ان مدير الدفاع المدني العميد نبيل فرح جاء تعيينه في سابقة من نوعها اذ لم يصل عبر السلم الاداري المتعارف عليه اذ تسلم مهامه رسمياً في ٣ كانون الاول من عام ٢٠٢٤ بعد اقل
من أُسبوعين على إصدار المدير العام لقوى الأمن الدّاخلي، اللواء عماد عثمان، قراراً بفصل فرح من منصبه في قيادة سريّة بعبدا الإقليميّة إلى ديوان المدير العام، بتصرّف وزير الدّاخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي الذي أصدر رغم ان الحكومة لتصريف الاعمال فقط قراراً بإلحاق العميد نبيل فرح بالمديريّة العامّة للدّفاع المدني.
بالمقابل انسحبت محسوبية تعيين مديره على الجهاز ككل حيث تفشت المحسوبيات ايضا في التعيينات، اذ يتم تعيين أو تكليف أفراد بمواقع المسؤولية بناءً على الانتماء السياسي أو الطائفي، وليس على الكفاءة أو الخبرة. هذا الأمر أدى إلى فقدان الثقة داخل الجهاز، وخلق بيئة عمل غير مهنية تفتقر إلى العدالة والمساءلة.
كما ان انعدام التخطيط الاستراتيجي له دور سلبي حيث يقول العارفون ان إدارة الدفاع المدني لا تمتلك خطة استراتيجية طويلة الأمد لتطوير القدرات أو مواكبة التغيرات المناخية والطبيعية وغالبا ما تكون الاستجابات للكوارث ارتجالية وعشوائية، من دون دراسات جدية لمخاطر المناطق أو وضع خرائط طوارئ. هذا الغياب للتخطيط يجعل لبنان عرضة لخسائر أكبر في كل موسم حرائق أو عاصفة.
ناهيك عن كل ما سبق هناك فشل في إدارة الموارد والمخصصات المالية
حيث تُصرف بعض المساعدات والمخصصات المالية (سواء من الحكومة أو من الجهات الدولية) من دون رقابة صارمة أو شفافية بالاضافة الى غياب المحاسبة ما أدى إلى سوء استخدام الموارد، وتوجيه الأموال إلى صيانة معدات غير مستخدمة، أو صفقات توريد غير ضرورية، بدلًا من تطوير البنية الأساسية للجهاز أو تدريب الطواقم.
اما الاهم من كل ما سبق هو إهمال الكادر البشري وحقوقه اذ يعاني العديد من عناصر الدفاع المدني، خصوصا المتطوعين، من الإهمال الإداري والمعنوي. فرغم أنهم يقومون بأعمال خطيرة، إلا أن الإدارة تتعامل معهم كأنهم خارج المؤسسة فلا رواتب ثابتة، ولا تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، ولا تقييم موضوعي للأداء.
يبقى ان سوء التنسيق بين المديريات والمناطق ينعكس سلباً على فعالية الجهاز حيث يشكو عناصر من مختلف المناطق اللبنانية من ضعف التنسيق بين المديريات التابعة للدفاع المدني، اذ تُدار كل منطقة بطريقة شبه مستقلة، من دون نظام مركزي واضح للاتصال أو تبادل الموارد وهذا يُضعف من سرعة الاستجابة للحوادث الكبيرة التي تتطلب التنسيق التام الذي من دونه
يحصل تباطىء في الاستجابة للحرائق والانهيارات والحوادث، ما يؤدي إلى خسائر أكبر في الأرواح والممتلكات لاسيما ان المواطن يسارع الى اخماد الحرائق بانتظار وصول الدفاع المدني الذي يحول عدم تنظيمه اداريا ولوجستيا دون الاستجابة الفورية.
لذلك وبحسب المتابعين ان سوء الإدارة داخل جهاز الدفاع المدني في لبنان ليس مجرد خلل إداري عابر، بل هو أزمة تهدد فعالية جهاز يفترض أن يكون في الخط الأول للدفاع عن الناس وان الحل يتطلب إصلاحا إداريا جذريا.