اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٧ تموز ٢٠٢٥
مثّلت الحكومة «السلامية» على مدى يومين متتالين أمام مجلس النواب في جلسة عامة خصصت لمناقشة سياساتها، تحدث فيها 50 نائبا في 11 ساعة، لكن هذه الحكومة خرجت من البرلمان مزهوة بعد أن نالت ثقة المجلس النيابي مجدّدا، حيث حصلت على 69 صوتا وحجبها تسعة نواب من أعضاء تكتل «لبنان القوي» وامتنع أربعة نواب، هم: آغوب ترزيان، عماد الحوت، نبيل بدر، فريد البستاني. وتجديد هذه الثقة قدّمها رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل على طبق من ذهب نتيجة طلب طرح الثقة عشوائيا ومن دون أي حسابات ولغاية غير مفهومة.
وعلى عكس اليوم الأول الذي مرَّ هادئا فإن الجلسة أمس شهدت بعض السجالات والمشادات الكلامية التي كادت أن تتطور الى اشتباك بالأيدي لولا تدخّل بعض النواب في القاعة العامة.
وقد حصلت المشادة الكلامية الأولى بين النائبين أحمد الخير وسليم عون على خلفية كلام الخير وقوله «هناك خشية من أن يصبح شعار الحكومة في الإصلاح والإنفاق مثل شعار الإصلاح والتغيير»، مما استدعى ردّا من النائب سليم عون وقوله: «نحن لسنا مكسر عصا»، فردَّ الخير، مطالبا إياه بـ«السكوت». وهنا غادر عون مكانه متوجا الى حيث كان يقف الخير وهو يصرخ، غير ان بعض النواب أحاطوا به وحالوا دون وصوله.
والمشهد السجالي تكرر أيضا بين النائب سليم عون والنائب فراس حمدان الذي أتى في كلمته على ذكر «الصهر» وهو ما استفزّ عون الذي ردّ عليه، بالتزامن مع استخدام الرئيس نبيه بري مطرقة الرئاسة عدة مرات، طالبا شطب كلمة «صهر» من المحضر.
أما لناحية المداخلات النيابية فبقي المضمون ذاته ولم يتغيّر عن اليوم الأول حيث استحضر من تكلم ملفات السلاح، والتفاوض مع الموفد الأميركي طوم برّاك، إضافة الى الملف الشعبوي المتعلق بأموال المودعين، من دون إغفال المطالب المناطقية والإنمائية، والتصويب على آلية التعيينات الأخيرة.
هذه المداخلات ردَّ عليها رئيس الحكومة نواف سلام بقوله: «لا شك أن مسؤوليتنا كبيرة ونحن عازمون على مواصلة تحمّلها ولأن برنامج الحكومة إصلاحي تواجه عقبات وعراقيل موروثة وتذكّروا أن عمر حكومتنا أشهرا معدودة لا سنوات عدة». وقال: «الجميع يعلم أن الجيش أنجز الكثير من حيث بسط سيادة الدولة على أراضيها في جنوب الليطاني والحكومة مصرّة على مواصلة العمل من أجل بسط سيادة الدولة على مناطق شمال الليطاني كما جنوبه. وضعنا خطة متكاملة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وسمّيناها «آمنة ومستدامة». ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري ليس مجرد إعلان نوايا بل إنه التزام وقرار لا لبس فيه ولا رجعة عنه». ولفت إلى أن «مؤسسات الدولة كانت قاصرة عن القيام بواجباتها، والسعي بالوفاء بتعهداتنا يُحيط به الضغوط لكنّنا نُجدّد التزامنا وإصرارنا على الإصلاح والإنقاذ». وأشار إلى أن «هناك 16 ألف طلب تم تسجيلهم خلال الأيام الـ10 الأخيرة لعودة نازحين سوريين إلى بلادهم». وبالنسبة إلى التعيينات قال: «وضعنا أسماء المرشحين إلى الوظائف العامة على أساس الكفاءة والتنافس واحترام المناصفة».
ماذا في وقائع الجلسة؟
استؤنفت جلسة مناقشة الحكومة في الحادية عشرة برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء والنواب. وأعطيت الكلمة للنائب هاكوب ترزيان الذي تناول وضع الايجارات السكنية. وتحدث عن آلية التعيينات التي حصلت في مجلس الوزراء، معتبرا انه «حصل تجاوز لمكوّن سياسي في لبنان (الأرمن)»، لافتا الى «أن الشفافية غير موجودة». وقال «نحن مكوّن أساسي في هذا البلد تم تخطينا».
واعتبر «أن المستأجرين القدامى يذلّون»، وسأل: «ماهي رؤية الحكومة لجذب الاستثمارات؟».
الخير
وأعطيت الكلمة للنائب أحمد الخير، فقال: «الناس لم تستطع تحمّل ألا تعرف، إذا كانت الفرصة موجودة. وأعرف اننا ننال «أوسكارا» في تضييع الفرص».
ولفت الى ان «المعادلة واضحة، إذا بقينا نسير في نفس الطريق في منطقة يُعاد تركيبها، يعني اننا نرتكب جريمة في حق لبنان». وقال: «نحن نحمد الله، اننا وبلاد الشام عدنا الى الحاضنة العربية، لا أحد يستطيع أن يغيّر هوية لبنان وحدوده ونسلّم بمرجعية الدولة، والسلاح الذي نعتبره مقاومة، جزء كبير يعتبر نقمة للبنان».
حمدان
وتحدث النائب فراس حمدان، معتبرا ان «مناقشة الحكومة بعد زمن، يُعتبر تطوّر مهم»، معتبرا أن «تقاسم الجبنة أدّى الى اهتراء الدولة».
وانتقد التعيينات وآليتها والتشكيلات القضائية «ما أوصل إلى ان قضاء مكبّلا لا قدرة له على القيام بواجباته».
وتوجه الى الرئيس نواف سلام: «أنت الأنزه من الطقم السياسي الموجود. أفرض لا تتفاوض».
أضاف: «وقفة تقدير للحكومة لخطوة جوهرية لأنها وضعت عينها على الجنوب وتهتم بالجنوبيين». ورأى أن «المزايدات على الحكومة تطلق ممن كانوا سابقا «صم بكم».
وبالنسبة إلى الأعمال العدائية الإسرائيلية اعتبر أنها لا تُحلّ إلّا «عبر تطبيق الطائف والتزام خطاب القسم والبيان الوزاري واتفاق وقف النار». وأكد ان الحل «من خلال وحدة اللبنانيين وإعلاء المصلحة الوطنية وتثبيت نهائية الكيان والدخول إلى الدولة التي تفاوض عن كل اللبنانيين لأجل كل اللبنانيين».
بري يردُّ
وردَّ الرئيس بري على مداخلة النائب حمدان: «الدستور ينص على المناصفة في وظائف الفئة الأولى بين المسلمين والمسيحيين والوقوف على الخاطر في هذا الأمر لا يعتبر تدخّلا ولا مسّا بالشفافية هذا ما قصدته».
الحاج حسن
وقال النائب حسين الحاج حسن: «موضوع قانون الانتخاب مطروح بطريقة لا تخدم المصلحة الوطنية وبعض الأفرقاء يريد الاستفادة من التطورات التي حصلت استنادا لتدخّلات دول».
واعتبر ان «في لبنان يريدون الإتيان بقروض ولكن من دون وجود أي رؤية أو خطط».
تابع: «سمعت نوابا يطالبون بتطبيق الـ1701 من قبل لبنان، وأنا أسألكم هل طبقت إسرائيل وأميركا؟ هل توقفت الاعتداءات وعاد الأسرى؟».
وقال: «حتى اليوم لبنان ممنوع من إعادة الإعمار لأنه محاصر من أصدقاء لبنان.اللجنة الخماسية لم تفعل شيئا و«إسرائيل» لم تطبق القرار 1701. المشكلة في بعض الفرقاء أنهم يطبقون السردية الأميركية ويخدمون سردية العدو ولا يرون التهديدات «الإسرائيلية» والإرهابية».
افرام
ومما قاله النائب نعمة افرام في مداخلته: «جميع اللبنانيين لديهم قلق على الكيان الذي يقف أمام خطر كبير. موضوع السلاح له علاقة بصدقية عمل الكيان، لذا مسؤولية كبيرة تقع علينا جميعا».
وتحدث عن الضريبة على المازوت، داعيا إلى «إعادة النظر فيها لأنها تعني المواطن في شكل أساسي».
مسعد
وعبّر النائب شربل مسعد في مداخلته عن تقديره لجهود الوزراء، وشدّد على «أن «الشكر لا يعفي من المساءلة، والجهد لا يغني عن النتيجة»، سائلا الحكومة: «ماذا تغيّر منذ نيلكم الثقة؟ هل تبدّدت العتمة؟ هل ستعاد المودعون حقوقهم؟ هل شعر القضاء بالاستقلال؟».
وقال: في ملف التعيينات، ما زلنا نشهد تقاسم النفوذ، لا تعيين أصحاب الاختصاص. المواقع تجزأ والمراكز تفاوض عليها كما تفاوض الحصص الانتخابية. وهكذا لا تقوم دولة، بل تعاد إنتاج الأزمة.
حسن خليل
بعدها كانت مداخلة للنائب علي حسن خليل، فقال: «إستمعنا الى مداخلات الزملاء وهذا الأمر أعطانا كثيرا من الأمل بأننا قادرون على ضبط خلافاتنا وتنظيمها تحت سقف هذا المجلس».
أضاف: «لم نقف عند حدود الانقسام السياسي في بلدية بيروت بل كان همّنا وحدة العاصمة بكل مكوناتها ولنحافظ بالممارسة على المناصفة».
تابع: «لبناننا هو الذي يحترم الخصوصية والشراكة الحقيقية والذي دافعنا عنه كمكوّن بصدق ولا نقف وراء الإنقسامات السياسية. أنا من المنطقة التي يصرّ العدو على أن يجعلها محروقة وأهلها يصرّون أن يمارسوا الانتماء الحقيقي من خلال بقائهم في أرضهم».
وقال: «لا بد من التذكير، بأن لبنان وافق على وقف إطلاق النار وهو لا لبس فيه ففيه وقف الاعتداءات وانسحاب من الأراضي المحتلة وانتشار الجيش وإطلاق سراح الأسرى. حكومة لبنان وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على انتشار الجيش اللبناني وسحب السلاح وإطلاق الأسرى والعدو لم يحترم هذا القرار».
أضاف: «لم يسجل خرق من لبنان في حين سجل أكثر من 3500 خرق إسرائيلي و220 شهيدا جراء الاعتداءات، والأخطر هو عجز الراعي الأميركي والفرنسي عن إلزام الاحتلال تنفيذ الاتفاق».
أضاف: «الحكومة لم تقم باجتماع واحد مع الجهات المعنية لوضع خطة حول إعادة الإعمار، ولم نشعر ان الحكومة تتصرف بمسؤولية وتتحرك بجديّة لمنع سقوط اتفاق وقف إطلاق النار فعليها أن تشعر اللبنانيين انهم ليسوا رهائن».
واعتبر أن «المقاومة لم تكن مشروعا قائما بذاته أو أنها تريد أن تكون مشروعا خاصا بل هي ردة فعل أتت عندما عجزت منظومة الدفاع الوطني عن القيام بواجباتها وبخاصة في الجنوب».
ولفت إلى أنه «إذا كان السلاح لا يحمي فلتجب الدولة كيف تحمي سيادتها وأبنائها؟».
آلان عون
وتحدث النائب آلان عون فقال: «يجب على هذه الجلسة الإجابة عن هل هناك حرب قادمة؟».
وسأل: «الحكومة ذهبت إلى سوريا فهل يمكنها أن تقدم إجابات حول مخاوف اللبنانيين بخاصة أبناء البقاع؟».
أضاف: «سنجدّد ثقتنا بالحكومة لإبقاء الفرصة قائمة أمام جميع اللبنانيين الذين يترقبون عملها». ورأى أن «حصرية السلاح بيد الدولة لم تعد شعارا بل عنصرا أساسيا لمعادلة الردع الجديدة». وقال: «ان «حزب الله» غير قادر على الرد على اي اعتداء إسرائيلي حتى ولو كانت لديه الإمكانية وعلى الحكومة أن تضع خريطة طريق لحماية لبنان».
تحويل أسئلة الى استجوابات
وبعد انتهاء الكلمات طلب رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل التحدث بالنظام وقال: «نحن وجّهنا عشرة أسئلة للحكومة، ولم نحصل على أجوبة عليها». وأشار الى «أننا سوف نقوم بتحويل الأسئلة الى استجوابات»، وقال: «استمعنا الى جواب الحكومة ولم نقتنع وأنا كنائب أطلب طرح الثقة بالحكومة».
طرح الثقة
وبعد ذلك، تم طرح الثقة بالتصويت بالمناداة بالأسماء. فنالت الحكومة 69 صوتا ثقة و9 لا ثقة (نواب تكتل «لبنان القوي»)، وامتنع أربعة نواب هم: آغوب ترزيان، عماد الحوت، نبيل بدر، فريد البستاني. وبعدها اختتمت الجلسة وتُلي المحضر فصُدّق.
سليم عون يُساجل الخير وحمدان
سُجِّل إشكال وتلاسن بين النائب أحمد الخير والنائب سليم عون داخل جلسة مجلس النواب، ما أدّى إلى تدافع بعد أن حاول عون مهاجمة الخير وهو واقف على المنصة المخصصة لإلقاء الكلمات.
خير الذي قال: «هناك خشية حقيقة من أن يصبح شعار حكومة «الإصلاح والإنقاذ» كشعار «الإصلاح والتغيير»»، استدعى ردّاً من النائب سليم عون الذي قال: «فيكن تحلّو عن سما ربنا»، فردَّ الخير: «لن أردّ عليك، وطي صوتك وسكوت».
الرئيس بري ردَّ بدوره على عون، فقال: «يا عيب الشوم عليك».
كما اندلع سجال بين النائبين عون وفراس حمدان على خلفية كلام حمدان عن «الصهر» مما استدعى الرئيس بري الى شطب الكلمة من المحضر.