اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢ أيلول ٢٠٢٥
بعد أن غرق العالم بتطوير التكنولوجيا بما يخدم مصالحه، ومع بروز منظومة الذكاء الإصطناعي؛ يقف الإنسان حائراً عن معرفة موقعه وعن كيفية أداء دوره.. وكيف بإمكانه تصوّر ما يكمن داخله نتاج تورّطه في توجيه ذاك الذكاء الإصطناعي الذي من الممكن تسخيره لأعمال الشرّ.. يقف الإنسان متردداً.. وعلى مفارق طرق؛ أهو من يصنع ذلك.. أم من؟!!
توقفنا الروائية على أعتاب ذلك العالم الذي يحدث اضطراباً في حياة البشرية مع إلهام، الشخصية المحورية، «أوقفت سيارتها في المكان المخصص لها في المرآب المقرّ الرئيسي لمجموعة شركات «تكنولوجيا الغد» الواقع بمحاذاة «تاور بريدج» في مدينة لندن[...] وهي تعمل كمهندسة متخصصة في برمجة الكمبيوتر، وخبيرة في الذكاء الإصطناعي... هي إلهام ذات الجمال الآخّاذ، والملامح المشرقة، والتي لأنوثتها طغيان والتي صوتها شدو الناي الذي تسكن له البلابل، ومن المفارقات أنّ هذه الشخصية التي توحي بالملائكية قامت بالتخطيط ومن خلال توظيف الذكاء الإصطناعي، لعملية تفجير أودت بحياة أناس كثيرون.. من بينهم «سيلا» زوجة وليد الموظف الذي يعمل معها في تلك الشركة.. انها تعيش حالة صراع، فهناك عالم شرٍّ يسكن داخلها، جعلها تعيش في خوف وهي التي تعلقت بذلك الشاب، لم تكن تعي ما الذي دفعها إلى ذاك العمل.. وتدفع الروائية هنا بمفهوم القدر الذي وعلى الرغم من وصول الإنسان إلى تلك المرحلة من التطور في صناعة الأحداث على هذا النحو أو غيره، فإنّ ذلك إنّما يعود إلى القدر... هي تعمل في مجال علوم التكنولوجيا الآلية المعقّدة والمشفَّرة، ولكنها لم تحاول خوض العالم الروحاني لأنه كان يخيفها، ولكنها ومن خلال حواراتها مع من حولها في الأمر توصلت إلى قرار «ولكن لا أخفيك سراًّ أنني بدأت أؤمن بشدّة بتدابير القدر في أمورٍ كثيرة، لا بد، أن يلتقيا يوماً على أمرٍ أجهله»[...] وذلك ما حاولت صديقتها أماليا العاملة معها في نفس الشركة بقولها: «علينا الإنتباه ونحن نعمل في مجال التكنولوجيا والذكاء الآلي ألّا يغيب عنّا أنّ العقول البشرية أفراداً وجماعات هي التي تصنع الآلة وتبتكرها.. أمّا الصانع الأوحد لعقولنا فهو لله... واليقين بلله يجب أن يكون حاضراً في أذهاننا دائماً»[...] والنقطة المهمة في الأمر أنّ لله أعطى الإنسان حرية توظيف عقله.. وهكذا تأخذك الروائية إلى مجالاتٍ فكرية شتّى.. كما وإلى أماكن متفرقة.. تستحضر من خلالها الحاضر بمستجداته.. والعالم العربيّ على وجه الخصوص.. يحضر لبنان بأحداثه وأزماته.. وفلسطين بنكباتها ومن الواقف ورائها منذ البدايات.. وتحضر غزة من خلال شخصية كوهين صديق إلهام ووليد في شركات «تكنولوجيا الغد» الذي كان قد أخبر وليد والجميع وحذّرهم من انّ إسرائيل بقيادة نتنياهو وحكومته الصهيونية المتطرفة تنوي شنّ حرب كبيرة على غزة وصولاً إلى تهجير أهلها أو إبادتهم ثم احتلالها.. يحضر كوهين كيهودي نزيه، يرفض ممارسات الصهاينة... وقفزة خيال تأخذك الروائية إلى الفضاء، تستحضر من خلالها كائنات فضائية تعمل مع شركة «تكنولوجيا الغد» جنباً إلى جنب لصنع وسائل ومن خلال الذكاء الإصطناعي لمحاربة قوى الشرّ أينما كانت، يموج عالم الكاتبة بشخصياتٍ.. تتداخل وتتباعد.. وتأتلف وتختلف... مشكلة لدى القارئ متاهات تمنعه عن متابعة الأحداث بشكل سلس.. باحثاً عن حبكة دون جدوى... [ترى ما الذي يدور في مخيّلتك الآن في هذه اللحظة؟ هل انتهت أحداث الرواية هنا؟ هل وصلت رسالتك؟... فأحداث الرواية ربما قد تكون قد انتهت اليوم على الورق.. أما على الواقع فلا..[...]
(الرواية صادرة عن الدار العربية للعلوم ناشرون)
ضحى الخطيب