اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
ينطلق الصيف في جبل لبنان الجنوبي الذي يضم أقضية الشوف وعاليه وبعبدا، فيما المنطقة تعاني من شحّ كبير في المياه وتراجع خطر على مستوى الثروة المائية عموماً، كما في كل لبنان، وقد بلغت تراجعاتها نحو 60 في المئة، بعدما كشفت معدلات المتساقطات السنوية في لبنان لهذا العام أرقاماً مفاجئة، بدأت تدفع المعنيين للبحث عن المعالجات الضرورية، في ظل الهواجس المستقبلية.
فالواقع الراهن الذي يواجه لبنان من أزمة مياه متفاقمة، بسبب قلّة المتساقطات وتغيّر المناخ، والخشية الكبيرة مما يهدد الحياة اليومية والاقتصاد على أبواب فصل الصيف، زادت من خطورته مشاهد المجاري والأنهر والينابيع التي تناقصت كميات المياه فيها إلى حد الجفاف، وعدم خروج مياه الينابيع الجوفية الطبيعية كعادتها السنوية، وفي مقدمّها نهرا الباروك ونبع الصفا (الشوف)، وهما الأكبر على مستوى المنطقة واللذان يغذيان قرى القضاء ومعه مدينة عاليه وجزءاً من بلدات المتن الاعلى.
وفي هذا السياق، يشبّه رئيس قسم التقديرات في 'الأرصاد الجوية' في مطار بيروت الدولي محمد كنج، لـ 'نداء الوطن'، عام الشحائح المطرية هذه السنة في لبنان بالعامين 1957 – 1958 وشتاء 2013 – 2014، باعتباره العام الاسوأ ضمن مدار الـ 80 سنة'، مبيّناً الفروقات الكبيرة الحاصلة في التراجعات في المناطق اللبنانية، وقال: 'في بيروت تراجعت كميات المياه السنوية من 1051 ملم العام الماضي إلى 382 ملم راهناً، فيما المعدل العام هو 820 ملم، وفي زحلة لم يتجاوز الحوض المائي 40 في المئة، وبلغ التراجع 268 ملم من 666 ملم، بينما العام الماضي كان 742 ملم. ولذا، فإن منطقة جبل لبنان الجنوبي المتوسطة بين زحلة وبيروت لا تتجاوز فيها كمية الأمطار 45 في المئة من معدلها السنوي العام'.
أضاف كنج: 'فقدنا هذا العام العواصف الشمالية المليئة بالتراكمات، وحلّت مكانها الجنوبية الدافئة والشحيحة مائياً، باستثناء عاصفتيّ 'أسيل' و 'آدم' اللتين كانتا شحيحتين جداً، وهذا الواقع انعكس سلباً على توليد الكهرومائية أيضاً، خاصة في مناطق مثل جزين وبعض بلدات الشوف التي بدأت تشعر بالمعاناة مع بداية الصيف'.
الجرماني
وحول شحّ المتساقطات هذا العام وآثاره السلبية على الينابيع والأنهر والمجاري المائية، يذكّر رئيس دائرة التوزيع والمحطات في عاليه، المسؤولة عن المياه في جبل لبنان الجنوبي، الأستاذ يونس الجرماني، في حديث لـ 'نداء الوطن'، ببيان مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان حول 'وجود شحائح كبيرة هذا العام، وضرورة الترشيد في الاستهلاك'، ومقدماً أمثلة عن نسبة التراجعات المائية، مثل: 'نبع الباروك' وهو المصدر الرئيسي، الذي يغذي قرى الشوف وقدرته الاستيعابية للخط المغذّي للقرى بقطر 600 ملم بمعدل 30 ألف متر مكعب خلال 24 ساعة، لكن تناقص كمية المياه في السنوات الأخيرة إلى ما بين 8 آلاف و10 آلاف في أدنى مستوى، تراجع هذا العام إلى حدود 5 آلاف متر'.
أضاف: 'آبار كفرا تغذّي خط الباروك عند الشحائح، قدرة التصريف فيها حوالى 75 متراً مكعباً في الساعة، إلا أن منسوب المياه تراجع إلى نصف الكمية، علماً أنها تساعد نبع الباروك الذي يغذّي، إضافة إلى الشوف، قرى قضاء عاليه، التي حُرمت من هذه المياه منذ شهر أيلول الماضي لعدم القدرة على إيصالها. أما نبع القاع، وهو مصدر المياه الذي يغذي منطقة إقليم الخروب في محلة نبع الصفاء، فتبلغ قدرة تصريف مياه الشفة حوالى 30 ألف متر مكعب باليوم، تناقص تدريجياً ليصل الى حوالى 7 آلاف متر مكعب، وهو يستفيد أيضاً من بعض مجاري المياه السطحية. كما أن عدداً كبيراً من الآبار الأرتوازية التي تغذي قرى إقليم الخروب قد طالها الشح أيضاً'.
تابع جرماني: 'نبع الرعيان الذي يغذّي قرى في قضاء عاليه، من عين زحلتا صعوداً نحو جرد عاليه، إضافة إلى بعض قرى قضاء بعبدا عبر العبادية وشويت بواسطة الضخ، كما تصل كمية متنقلة بالجاذبية من نبع الصفاء إلى قرى غرب عاليه. وقد تراجعت كمية مياه النبع من 35 ألف متر مكعب إلى أقل من 7 آلاف متر مكعب يومياً، علماً أن هناك بئر مياه لدعم هذا النبع يتم الاعتماد عليه في حالات العجز. أما سد القيسماني، الذي تبلغ سعته مليون متر مكعب في العادة ويغذي قرى المتن الأعلى، فإنه يُستفاد منه بزيادة مطردة مع تقدم فصل الصيف، إلا أن الكمية الموجودة حالياً تبلغ حوالى 100 ألف متر مكعب فقط، وهو يتغذّى من بعض المجاري السطحية. إضافة إلى ذلك، لم يظهر نبع الغادي هذا العام، وكذلك نبع أبو لبن، كما أن آبار بمريم التي تساعد في التغذية قد طالها الشح أيضاً'.
الجرماني الذي دقّ ناقوس الخطر، حذّر من 'المرحلة الخطيرة جداً على مستوى الثروة المائية، وإننا بالتالي أمام أزمة حقيقية للمياه تهدّد ليس منطقة الجبل الجنوبي فحسب وإنما كل لبنان، وهذا يستدعي المعالجات الواجبة من قبل الجهات المعنية المولجة قبل فوات الأوان، وعلينا العمل معاً لتحسين البنية التحتية وتقليل الهدر لضمان استدامة المياه'.