اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
ما إن عدّل حاكم مصرف لبنان كريم سعيد التعميمين 158 و166 حتى تحركت الاعتراضات الخافتة، محاولة وضع الأمر حينا في سياق 'التسرع'، على خلفية اشتعال الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وحينا آخر في إطار تفرد أقدم عليه الحاكم، بعدما آلت إليه كل صلاحيات المجلس المركزي إثر انتهاء ولايته القانونية.
آخر هذه الحملات انطلقت ضد سعيد، بعد تداول وثيقة قرار 'هيئة التحقيق الخاصة' بتحرير جميع حسابات القائد السابق للجيش اللبناني العماد جان قهوجي، والتي كانت مجمدة بسبب تحقيقات قضائية. هذا ما دفع الحاكم إلى إصدار بيان، لم يخل من الإشارة إلى استهدافه، أكد فيه أنه امتثل 'لهذا القرار القضائي الملزم، كما يفرض عليه القانون. وتاليا، فإن أي محاولة لتحميل المصرف المسؤولية في هذا السياق هي في غير محلها ومضللة للرأي العام'.
ولم يعد خافيا أن أحد أسباب الحملة على سعيد، إقراره أمام جمعية المصارف في آخر لقاء بينهم، بأن الاحتياطات بالعملات الصعبة الموجودة في مصرف لبنان هي في غالبيتها الساحقة أموال للمودعين، على عكس ما كان يقال سابقا إنها موجودات لمصرف لبنان.
هذا الاعتراف 'التاريخي قانونا'، قطع الطريق على جهات سياسية وحكومية، تسعى في الكواليس واللقاءات الجانبية إلى تسويق فكرة استخدام جزء من هذه الاحتياطات في عملية إعادة الإعمار ومشاريع الكهرباء والماء، وبناء المرفأ والأهراءات، لأن المال، بعد اعتراف سعيد العلني للمصارف، حسمت ملكيته للمودعين، ولم يعد للدولة إمكان قانوني يخولها استخدامه كما فعلت سابقا بـ'الدعم المشؤوم'.
إلا أنه كان لافتا اعتراض بعض الوزراء على التعديل بحجة أنه 'كان يجب انتظار الخطة الشاملة، وإبقاء السحوبات على حالها، والمحافظة على الاحتياط بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان'. هذا الموقف أثار استغراب جهات معنية، معتبرة أن 'ما قام به مصرف لبنان هو أدنى حقوق المودعين، وإجراء سيساهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي، علما أن دور مصرف لبنان ليس زيادة الاحتياط بالعملات الأجنبية لديه، بل استخدامه على نحو صحيح وإعادته إلى أصحابه'.
وفيما حمّل البعض المصارف مسؤولية الحملة على الحاكم بسبب قراره الأخير، أكد عضو مجلس إدارة جمعية المصارف سعد أزهري لـ'النهار' أن تعديل التعميمين كان له صدى إيجابي في أوساط القطاع. فالمصارف تهتم وترحب بأي قرار يقوم به المركزي لإعادة أموال المودعين الموظفة لديه، بدلا من استخدامها كما حصل في السابق لدعم مشاريع الدولة'. وإذ أكد أن 'جزءا من الزيادات السابقة على السحوبات كانت تدفعه المصارف من سيولتها الجاهزة'، أوضح أن 'الزيادات الحالية لم تحمّل المصارف أي كلفة إضافية، وهي تدفع أموالها الموظفة في مصرف لبنان'.
ضخ 2.6 ملياري دولار خلال سنة
وكان مصرف لبنان عدّل التعميمين 158 و166، ليرفع سقف السحوبات النقدية الشهرية للأول من 500 إلى 800 دولار، وللثاني من 250 إلى 400 دولار نقدي، وذلك لمدة سنة قابلة للتجديد.
التعديل، على أهميته، ليس كافيا، بدليل أن بيان مصرف لبنان أشار إلى أن الحلول الجذرية تكون بقانون إعادة أموال المودعين، وقد أكد المصرف المركزي أنه يضع كل إمكاناته في سبيل تحقيق ذلك.
وبالأرقام، سيؤدي تعديل التعميمين المذكورين إلى ضخ ما مجموعه 2.6 ملياري دولار خلال سنة تبدأ من تموز/يوليو 2025، ستدفع من توظيفات المصارف الإلزامية لدى مصرف لبنان، فيما يتوقع أن يفيد منها نحو 320 ألف مودع، يعيلون ما يقارب ربع الشعب اللبناني وفق مصادر مصرفية.