عين إسرائيل على لبنان… وجريمة باسكال تهز البلد

فيما البلد يتشظى جنوباً، بحرب تسعى إسرائيل بكل قوتها الى توسيعها، ويسعرها 'حزب الله' بين الحين والآخر وفقاً لمصالح مرجعيته الخارجية، أطلت فتنة أهلية جديدة على لبنان، بعد مقتل منسق 'القوات اللبنانية' في جبيل، باسكال سليمان، على يد خاطفيه السوريين، فتحولت الجريمة، للأسف، الى مادة للتجييش المتبادل للنفوس ما أعاد أجواء 'أحداث الطيونة' وسط انتشار للجيش بين الشياح وعين الرمانة الشهيرتين في معجم وأطلس الحرب الأهلية اللبنانية.

وتجد اسرائيل كل يوم موقعاً جديداً لتقصفه لأول مرة، كأنها تتحدى 'حزب الله' أن يردّ، وقد طال القصف بالأمس منزلاً في بلدة السلطانية إغتالت خلاله أربعة عناصر لـ 'حزب الله' بينهم قيادي رفيع المستوى، وذلك قبيل خطاب الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في تأبين القيادي الايراني محمد رضا زاهدي الذي قتل قبل نحو أسبوع في قصف القنصلية الإيرانية في دمشق. وأكد نصر الله في خطابه حتمية الرد الايراني على هذا الاستهداف للأراضي الايرانية، ويأتي ذلك بعد تسجيل تحول في الاهتمام الاسرائيلي من غزة الى جبهة الشمال. 

مقتل منسق 'القوات'المخطوف

ونشرت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بياناً متابعة لقضية المخطوف سليمان جاء فيه: 'تمكنت مديرية المخابرات في الجيش من توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف. وتبين خلال التحقيق معهم أن المخطوف قُتِل من قبلهم أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا. تنسق قيادة الجيش مع السلطات السورية لتسليم الجثة، وتستكمل التحقيقات بإشراف النيابة العامة التمييزية'.

وكانت أعلنت في وقت سابق أن 'مديرية المخابرات تمكنت، على أثر خطف المواطن باسكال سليمان بتاريخ ٢٠٢٤/٤/٧، بعد متابعة أمنية من توقيف عدد من السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتجري المتابعة لتحديد مكان المخطوف ودوافع العملية'.

وفي وقت لاحق أعلنت عن 'توقيف ٣ سوريين إضافيين مشاركين في عملية الخطف، ويجري التحقيق معهم لكشف ملابسات العملية'.

ميقاتي يدعو لضبط النفس

وأفاد المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في بيان أن 'دولة الرئيس تبلغ مساء اليوم (امس) من الأجهزة الامنية المعنية نبأ مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان الذي كان خطف مساء أمس (الأول)'.

وأشار الى أن 'الأجهزة الأمنية كانت باشرت منذ انتشار نبأ اختطافه تحرياتها واستقصاءاتها لكشف الفاعلين والضالعين في الجريمة واعادة المخطوف الى عائلته سالماً، لكن يبدو أن الجهات الخاطفة التي تستمر التحقيقات لكشف كامل هويتها، عمدت الى تصفيته'.

واذ دان 'هذا العمل الاجرامي'، تقدم بالتعازي من ذويه ومن حزب 'القوات اللبنانية'، مشدداً على 'استمرار التحقيقات لكشف الملابسات الكاملة وراء عملية الخطف والمتورطين فيها وفي اغتيال المخطوف وتقديمهم الى العدالة'.

ودعا الجميع 'في هذه الظروف العصيبة، الى ضبط النفس والتحلي بالحكمة وعدم الانجرار وراء الشائعات والانفعالات. رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر'.

نصر الله والفتنة

وفي خطابه خلال الاحتفال التأبيني للقيادي في الحرس الثوري الايراني محمد رضا زاهدي، تطرق نصر الله إلى ملف منسق 'القوات' المخطوف، وقال: 'حاولوا بالأمس ترويع أهالي ‫جبيل – كسروان وأرسلوا رسائل تهديد وهذه خطوة خطيرة جداً جداً حتى ينقطع النفس وعليهم أن يفهموا خطورتها'.

وردت أوساط نيابية قواتية على كلام نصر الله في حديث لموقع 'لبنان الكبير'، نافية أن تكون هناك أي تهديدات للطائفة الشيعية في جبيل. وأكدت أن كل الأطياف في جبيل وكسروان رفضت عملية الخطف وأدانتها وتضامنت مع عائلة سليمان، وأكبر دليل هو الالتزام بالاقفال من جميع المؤسسات في جبيل بعد أن دعا إلى ذلك اتحاد البلديات، 'وليسمح لنا نصر الله إن كل مواطن اليوم معرض للخطف والسرقة والقتل بسبب ترهل الدولة بسبب حزب الله وسياسة تقويض الدولة التي اتبعها على مدار سنوات طوال'.

إسرائيل تركّز على جبهة الشمال

على الصعيد الميداني، حوّل الجيش الاسرائيلي تركيزه على جبهة الشمال مع لبنان، بعد يوم من سحبه معظم قواته من قطاع غزة، وهو تحوّل أثار الكثير من الجدل في إسرائيل حول مدى نجاح الجيش في تحقيق أهداف الحرب بعد 6 أشهر من القتال، وإذا كان قادراً على اجتياح مدينة رفح فعلاً، وسط مخاوف من اندلاع حرب أكبر في الأسابيع القليلة المقبلة.

وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وقائد الجيش هيرتسي هاليفي أكدوا أن القتال ليس قريباً من النهاية في غزة، هدد اليمين الاسرائيلي نتنياهو بإسقاط الحكومة، وقال إنه لن يبقى رئيساً للوزراء إذا لم يحدث اجتياح لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع.

لكن نتنياهو ردّ بالقول انه تم تحديد موعد الاجتياح الاسرائيلي لرفح، من دون الكشف عن هذا الموعد، وقال: 'تلقيت اليوم تقريراً مفصلاً عن المحادثات في القاهرة، ونحن نعمل من دون كلل لتحقيق أهدافنا، وفي مقدمتها إطلاق سراح جميع رهائننا وتحقيق النصر التام على حماس'.

وأضاف: 'هذا النصر يتطلب الدخول في رفح والقضاء على كتائب الإرهاب هناك. سيحدث ذلك. جرى تحديد موعد'.

في هذه الأثناء، أطلق الجيش الاسرائيلي مناورة عسكرية في الجليل الغربي والساحل الشمالي تحاكي اندلاع حرب مع 'حزب الله'، وتتضمن مناورة برية يُفترض أنها قد تحدث في لبنان.

وشاركت قوات من الجيش الاسرائيلي، وقيادة الجبهة الداخلية، والشرطة، وخدمات الإسعاف وخدمات الإطفاء والإنقاذ، والبلدية في التمرين الذي أرادت إسرائيل التأكيد من خلاله أنها انتهت من تعبئة واسعة النطاق لقوات الجيش والجبهة الداخلية.

وقال وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس إن على إسرائيل ردع 'حزب الله'. وهدد بأن 'تل أبيب لا تخشى الإقدام على اجتياح عسكري بري والجيش الاسرائيلي على أهبة الاستعداد للقيام بذلك'.

وتأتي التهديدات المتصاعدة ضد 'حزب الله'، في ظل تأهب إسرائيلي – أميركي، استعداداً لضربة محتملة قد توجهها إيران الى إسرائيل انتقاماً لاغتيالها زاهدي، في قصف مبنى قنصلية إيران في دمشق، الاثنين الماضي.

الميدان الجنوبي

ميدانياً، أدت غارة إسرائيلية على قرية السلطانية فجراً، إلى سقوط عناصر من 'حزب الله' بينهم قياديّ ميدانيّ في 'قوة الرضوان'. كما استهدفت غارة أخرى حي المسلخ – فوق الشاليهات في بلدة الخيام. وقصف سهل مرجعيون بالمدفعية المركزة، وكذلك أطراف ميس الجبل.

في المقابل، أعلن 'حزب الله' أنه شن 'هجوماً جوياً بمسيرة انقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري وأصابت هدفها ‏بدقة'، ثم أعلن تباعاً عن استهداف مواقع حانيتا، رويسات العلم، حدب يارين وثكنة زبدين.

الرئيس القبرصي

إلى ذلك، جال الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الذي وصل إلى بيروت صباح أمس، على المسؤولين اللبنانيين، والطبق الرئيسي في جولاته هو تدفق اللاجئين من لبنان إلى بلده. وعلم موقع 'لبنان الكبير' من مصادر مقربة من الرئيس ميقاتي أن 'الجانب القبرصي أبدى رغبته في التعاون من أجل مساعدة لبنان في موضوع اللاجئين السوريين، بالاضافة الى مساعدة من الاتحاد الاوروبي وكيفية تعزيز عودة اللاجئ السوري الى بلاده عبر دعمهم على أراضيهم'.

وأشارت المصادر الى أن 'البحث تناول كيفية تعزيز قدرات المؤسسات العسكرية اللبنانية لضبط حدودها البرية والبحرية، وسيناقش هذا الشق مع الاتحاد الاوروبي'.

وكان الرئيس القبرصي التقى الرئيس ميقاتي في السراي الحكومي قبل أن ينتقل إلى عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري.