فقاعة عملاقة من المجرات المجاورة قد تكون من بقايا الإنفجار العظيم

اكتشف علماء الفلك مصفوفة من المجرات داخل فقاعة عملاقة على مسافة غير بعيدة من درب التبانة، وقد تكون جزءاً من بقايا الكون المبكر. أطلق العلماء اسم «هوليلانا» على تلك الفقاعة، وهو اسم من هاواي مستوحى من نشيد «كوموليبو» الذي يروي قصة نشوء بنية الكون. تشير خصائص تلك الكتلة إلى وجود ما يُسمّى «التذبذبات الصوتية الباريونية»، وهي عبارة عن موجة صوتية متحجرة انتشرت في أنحاء الكون المبكر قبل أن تتجمد في مكانها.

يقول عالِم الفلك برانت تولي من جامعة هاواي: «لم نكن نبحث عن تلك الفقاعة. لكنها عملاقة لدرجة أن تصل إلى أطراف قطاع السماء الذي كنا نحلله. وبما أنها تزيد كثافة الموجات، تبين أنها أقوى بكثير مما توقعنا. يتجاوز قطر كل مليار سنة ضوئية حدود التوقعات النظرية. إذا كانت آلية تشكيل التذبذبات الصوتية الباريونية وتطورها تتماشى مع هذه النظرية، يعني ذلك أنها قد تكون أقرب من المتوقع، ما يعطي قيمة متزايدة لمعدل توسّع الكون».

ينجم الاكتشاف الجديد عن قائمة جمعها تولي وفريقه باسم «التدفقات الكونية-4». قاس الباحثون المسافات الفاصلة مع 55877 مجرة في قطاع محدد من السماء عبر استعمال ثمانية منهجيات مختلفة لطرح أدق خارطة حتى الآن. لن تتضح أنماط كثافة المجرات إلا بعد تحديد مدى بُعدها عنا.

هكذا رصد الباحثون نمطاً محدداً ومألوفاً على نحو صادم، فهو على شكل حلقة بعرض مليار سنة ضوئية، حيث تبدو المجرات متجمّعة بكثافة متزايدة، وتقع كتلة كثيفة من المجرات في الوسط. هذه هي بنية التذبذبات الصوتية الباريونية.

عندما أصبح عمر الكون حوالى 380 ألف سنة، بات بارداً بما يكفي لدرجة أن تتشكل الذرات انطلاقاً من جزيئات مرتدّة. توقفت التعرجات الخارجية للموجات الصوتية وتجمدت في مناطق عالية الكثافة داخل المادة التي كانت قيد التطوير، وبلغ نصف قطرها حوالى 150 فرسخاً فلكياً، أي ما يساوي 490 مليون سنة ضوئية. لا تكون هذه الأنماط على شكل حلقات بل دوائر، لكنها تبدو أقرب إلى الحلقات بنظرنا بسبب الزاوية التي نشاهدها منها.

تُعتبر هذه الهياكل مفيدة لأسباب عدة، فهي تساعدنا على قياس المسافات الكونية مثلاً لأننا نعرف حجمها بدقة. حتى أنها قد تُسهّل تعقب مسار توسّع الكون. لكن لا يمكن رصدها إلا بعد اكتشاف طريقة تجمّع المجرات جنباً إلى جنب.

يقول عالِم الكونيات دانيال بوماريد من جامعة «باريس ساكلاي» في فرنسا: «أنا رسام الخرائط في فريق البحث، ويسمح لنا استكشاف فقاعة «هوليلانا» بتقنية ثلاثية الأبعاد بفهم محتواها وعلاقتها بمحيطها. كانت عملية بناء هذه الخارطة تجربة مدهشة، فهي سمحت باستشكاف تركيبة البنية العملاقة لفقاعة «هوليلانا» التي تتألف من عناصر تم التعرف عليها في الماضي كجزء من أكبر الهياكل في الكون».

يشمل عدد من تلك الهياكل المتصلة بالفقاعة دائرة منخفضة الكثافة من المجرات يبلغ قطرها 400 مليون سنة ضوئية واسمها «الخلاء العظيم». ويشكّل «جدار كوما العظيم» و»جدار سلون العظيم» أجزاءً من القشرة، بينما يبدو «عنقود الخلاء الخارق» شبه ميت في وسط الفقاعة.

وبما أن الفقاعة كانت أكبر مما يمكن توقعه من التذبذبات الصوتية الباريونية، يعني اكتشاف «هوليلانا» أن الكون قد يتوسع بوتيرة أسرع مما افترضنا. تتراوح التقديرات عموماً بين 67 و74 كيلومتراً في الثانية مقابل كل فرسخ فلكي كبير. وتوحي الفقاعة بأن معدل التوسع يبلغ 76.9 كيلومتراً في الثانية.

أخيراً، يدعو الباحثون إلى إجراء تحليلات أخرى لمحاولة استكشاف هذا التشابك المبهر.

نُشرت نتائج البحث في «مجلة الفيزياء الفلكية».