اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
بعد نار حرب الإسناد، وفي خضمّ استمرار العمليات والاستهدافات الإسرائيلية، تخوض محافظتا الجنوب والنبطية اليوم معاركها البلدية والاختيارية في 272 بلدة ومدينة، أو ما تبقى منها خارج هيمنة التوافقات. إذ سجّل الجنوب أعلى نسبة تزكية مقارنة بالمحافظات والأقضية اللبنانية كافة. وفي آخر إحصاءات لوزارة الداخلية والبلديات، أشارت إلى فوز 95 بلدية، وجاءت على الشكل التالي: 43 بلدية في محافظة النبطية و52 في لبنان الجنوبي.
وجاء تقسيم البلدات التي فازت بالتزكية بحسب الأقضية:
13 بلدية في قضاء جزين، 30 بلدية في صور، 12 بلدية في صيدا، 10 في النبطية، 16 في بنت جبيل، 3 في حاصبيا و11 بلدية في مرجعيون. كما فاز 77 مختاراً بالتزكية في كلّ من النبطية ولبنان الجنوبي.
وحصل 'الثنائي' على نحو 73 بلدية فيما التوافقات الأخرى كانت بين العائلات. وتركّز اهتمام حركة 'أمل' و'حزب الله' والعائلات على قرى الشريط الحدودي المدمّرة، لا سيما في قضاء بنت جبيل، حيث فازت 15 لائحة من لوائح 'التنمية والوفاء' بالتزكية في: بنت جبيل، عيتا الجبل، حاريص، رشاف، كونين، خربة سلم، الطيري، يارون، برج قلاويه، قلاويه، مارون الرأس، بيت ياحون، عيتا الشعب، الغندورية وصربين. في حين أن البلدات الأمامية التي خرجت من صفوف التزكية سيتوجّه ناخبوها إلى مدينة بنت جبيل ومنطقتي (صور) والنبطية.
في هذا السياق، يرى البعض أن التوافقات كانت ضرورية لتخفيف الأعباء اللوجستية والنفسية والأمنية على الأهالي. في المقابل، يعتبر آخرون أن التزكية حرمت الجنوبيين من المساءلة والمحاسبة عبر صناديق الاقتراع ووصفها أحد المعارضين الجنوبيين بـ'ورقة التين' لستر 'عورات الإسناد' وتكاليفها الباهظة. في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أن البلديات التي فازت بالتزكية في انتخابات 2016، بلغت 34 بلدية مقارنة مع 95 بلدية 2025، ما يعني أن التنافس البلدي الحزبي والعائلي له أرضيته الخصبة جنوباً. ولو لم يشكّل 'الثنائي' لوائح موحّدة في هذه الدورة، لكانت الانتخابات فرصة لكشف توجّهات الرأي العام الجنوبي بعد الحرب التي أقُحم بها وأدت إلى هذا التدمير والتهجير الهائلين.
أما في القرى المسيحية، فالوضع مختلف تماماً. إذ تشهد اليوم منافسة انتخابية حامية. فمعارك السلطة المحليّة تعنيهم وتجذبهم أكثر من النيابية. ففي انتخابات السلطة التشريعية 2022، لم تتخطَ نسبة المسيحيين المقترعين في قضاء بنت جبيل الـ 19 %، في حين أن النسبة تتخطّى الـ 50 % بلديّاً، علماً أن عدد الناخبين لمسيحيي قضاء بنت جبيل يلامس الـ 20 ألف ناخبٍ ولا يُمثّلون بنائب مسيحيّ.
في قرى رميش، عين إبل، دبل، القوزح، يُشكّل الاستحقاق البلدي فرصة للمّ شمل المقيمين مع القاطنين في بيروت والمغتربين. تتشارك البلدات في حدّة المنافسة وطبيعتها من جهة، وتتمايز من جهة أخرى. في عين إبل (حوالى 5 آلاف ناخب و15 عضواً)، انتهت المعركة البلدية قبل أن تبدأ، حيث ساهم الوعي السياسي والحضور الحزبي اللافت في البلدة إلى جانب العائلات والفعاليات في اقتناص التوافق البلدي، واختيار أيوب ابراهيم خريش رئيساً لمجلس بلديتها، مع إبقاء باب التنافس مفتوحاً أمام مخاتيرها الثلاثة.
في رميش، التي تعتبر عاصمة الجنوب المسيحي، تتنافس لائحتان مكتملتان (15 عضواً لكل واحدة ويتخطّى عدد الناخبين الـ 5 آلاف)، هما: 'وحدة ونهضة' و'لائحة رميش لغدٍ أفضل'. وعلى الرغم من الحراك السياسي المتنوّع فيها من مختلف الأحزاب والتيارات، تتخذ المعركة طابعاً عائلياً بامتياز. وتتوقّع الأوساط الأهلية أن تكون نسب الاقتراع هي الأعلى في قضاء بنت جبيل، نظراً إلى حماسة الرميشيين للمشاركة بصناعة قرارهم المحلّي. كذلك الأمر في دبل، حيث لا تقلّ سخونة المعركة الانتخابية، فتتزاحم لائحتان على المجلس البلدي، ومن المتوقّع كما رميش أن تشهد اللوائح خروقات متبادلة.
القوزح، تشهد معركة حامية، إذ يتنافس على مجلسها البلدي المكوّن من 9 أعضاء، ثلاث لوائح: الأولى، برئاسة غطّاس فلفلي، الثانية، برئاسة فارس فلفلي. والثالثة، برئاسة شربل رزق. ويبلغ عدد الناخبين حوالى 950 ناخباً، وسيقترع منهم بحسب بعض مصادر البلدة حوالى 400 ناخبٍ. وقد اعتمدت القاعة التابعة لكنيسة مار يوسف الأثرية مركز اقتراعها. تسعى البلدة المسالمة والمنكفئة بين ربوعها ومنازلها وحقولها، إلى لملمة جراحها وإصلاح ما أمكن، بعد حرب لم ترحمها. لم يرأف بها المتحاربون، ذنبها الوحيد أنها تقع عند خطوط النار الأمامية وساحات الحروب الاقليمية، حيث تعرّضت منازلها لقصف إسرائيلي عنيف، وتدمير بنيتها التحتية. تقع على عاتق المجلس البلدي الجديد مسؤليات جمّة نظراً لخسائرها الكبيرة في المنازل والمزروعات، على الرغم من بعض المساهمات المحلية لا سيما من قبل مطرانية صور المارونية التي تكفّلت بإصلاح شبكة المياه.
أما علما الشعب المنكوبة (التابعة لقضاء صور)، والتي نالت نسبة كبيرة من عدد الغارات والصواريخ والقذائف الفوسفورية خلال الحرب، وأدت إلى تدمير البنى التحتية، وتدمير شبه كلّي في المنازل والمزروعات، فتمكّنت بفضل جهود أبنائها وفعالياتها وتكاتف أهلها في السرّاء والضرّاء، من انتزاع التوافق من تحت الركام، وفازت لائحة 'كلنا علما الشعب' بالتزكية بأعضائها الـ 12، في حين يبقى التنافس على مقعدَين اختياريين ترشح لهما أربعة، سيخوضون معركتهم عبر مركز الاقتراع الذي انتقل من البلدة إلى مدينة صور.