أربعة أيام من التصعيد الإسرائيلي على الجنوب… وبري يُحذّر

لم يكن الجنوب اللبناني على موعدٍ مع الهدوء هذا الأسبوع. فمنذ صباح الأربعاء وحتّى صباح السبت، شهدت القرى والبلدات الجنوبية سلسلةً من الغارات الجوّية الإسرائيلية المتصاعدة، باستخدام الطائرات المسيّرة، طالت أهدافًا متفرقةً من النبطية إلى حاصبيا وبنت جبيل وصور، وأسفرت عن سقوط ضحايا، وخسائر مادية، وتجدّد المخاوف من تدهور الوضع الأمني مجددًا.

الأربعاء: استهداف مباشر وخرق واضح

في مستهلّ التصعيد، استهدفت مُسيّرة إسرائيلية صباح الأربعاء سيارة من نوع 'رابيد' عند مدخل وادي الحجير – قعقعية الجسر (قضاء النبطية)، ما أدّى إلى سقوط ضحية، وفق ما أعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة. 'القناة 12' الإسرائيلية أشارت إلى أن الغارة استهدفت عنصرًا في حزب الله، قبل أن يعلن الجيش الإسرائيلي أنه 'قضى على قائد مجمّع قبريخا' التابع للحزب.

وفي قضاء حاصبيا، سقطت مُسيّرة إسرائيلية نتيجة عطل تقني داخل منزلٍ في بلدة شبعا، قبل أن تعاود طائرة أخرى قصف المنزل ذاته عند الفجر، واقتصرت الأضرار على الماديات.

الخميس: استمرار الاستهداف وتصعيد في العمق

الخميس، تجدّدت الغارات، فاستهدفت طائرة مُسيّرة سيارةً على طريق أرنون – يحمر، مما أدى إلى سقوط ضحية. وعلى الرَّغم من تأكيد وسائل إعلام لبنانية أنّ المستهدف هو محمد ماروني، أحد عناصر حزب الله، فإنّ وزارة الصحة اللبنانية قالت إنّ الضحية مدني، ولم تُعلن اسمه.

بالتوازي، شنّت إسرائيل سلسلة ضربات متفرقة استهدفت بلدات مركبا، وعديسة، وحولا، وكفركلا. كما أُلقيت قنابل صوتية على منازل ومدارس، منها مدرسة الضهيرة المدمّرة، فيما طال القصف منزلًا في بلدة كفركلا وغرفةً في أحد منازل العديسة فجرًا، وغارات متوالية استهدفت مبنى لجمعية 'وتعاونوا' في بلدة حولا.

وفي تطوّر آخر، سقطت طائرة استطلاع إسرائيلية من نوع 'سكاي لارك' في منطقة علمان – الشومرية، في حين قصفت المدفعية الإسرائيلية جبل السدّانة بثماني قذائف، واستُهدفت بيوت جاهزة قرب مركز الشؤون الاجتماعية في عيتا الشعب.

الجمعة: حادثة مع اليونيفيل تُعيد القرار 1701 إلى الواجهة

لم تقتصر أحداث الجمعة على الغارات فقط، بل كشفت مواجهات اندلعت بين 'اليونيفيل' ومجموعةٍ من المدنيين في الجنوب، أن الوضع يتّجه نحو المزيد من التعقيد. وأكّد بيان قوات الطوارئ الدولية أنّ 'مجموعةً كبيرةً من الأفراد بلباسٍ مدنيّ' اعترضت دورية أممية، ما يعكس توترًا ميدانيًا في ظلّ حديثٍ متصاعدٍ عن ضرورة تفعيل القرار 1701.

وتُفيد مصادر حكومية أن الرئيس جوزاف عون تابع الحادثة منذ لحظتها الأولى، وأوعز إلى الجيش والأجهزة بالتعامل معها بجدّية، في حين شدّد مجلس الوزراء على رفض الاعتداءات ضد 'اليونيفيل' ووافق على تمديد ولايتها. ووصفت مصادر وزارية هذه التحركات بـ'المقلقة'، معتبرةً أن حزب الله لا يزال يتحفّظ على حرية حركة القوة الأممية في مناطق تواجده.

السبت: غارات 'مزدوجة' ورسالة مفتوحة

فجر اليوم السبت، جدّدت إسرائيل استهدافها لبلدة عيتا الشعب عبر غارةٍ مزدوجةٍ نفذتها مسيّرة على 'هنغار' في حي المفرق سبق أن تعرّض لغارةٍ مماثلةٍ في الأيام الماضية. ولم تُسجّل إصابات.

وفي تطور متّصل، نفذت مسيّرة إسرائيلية غارةً أخرى استهدفت جرافةً قرب معمل حمدان بين بلدتيْ يحمر الشقيف وأرنون، أسفرت عن سقوط ضحية، وِفق وزارة الصحة. وفي وقتٍ لاحقٍ، استُهدفت سيارة على طريق أبو الأسود – عدلون، ما أدّى إلى تدميرها بالكامل، وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ الغارة 'اغتالت قائدًا ميدانيًا محليًا في حزب الله'.

بري: 'بالصّبر نقاتلهم… ولن يكون لبنان سليمًا طالما الجنوب ينزف'

في ظلّ هذا التصعيد المستمر، خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري بموقفٍ حازمٍ عبر صحيفة 'الجمهورية'، مؤكّدًا أنّ 'الوضع خطير في ظلّ العدوان الإسرائيلي المستمر'، مشدّدًا على أنّ لبنان 'ملتزم بالكامل باتفاق وقف إطلاق النار'، داعيًا الولايات المتحدة إلى 'إلزام إسرائيل باحترامه'.

وأضاف بري: 'نحن ملتزمون بالاتفاق، وقرارنا الآن هو أن نصبر وسنبقى صابرين، وكما قلتُ سابقًا بالصبر نقاتلهم'، مؤكدًا أنّ 'الاعتداءات الإسرائيلية تهدّد وحدة لبنان وأمنه'، قائلًا: 'لا قيامة للبنان، ولن يكون لبنان سليمًا كما نرجو، طالما أن الجنوب يتعرّض للعدوان، فلبنان جسم كامل، وأي خلل في أي عضو يُصيب الكل'.