اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١٤ أب ٢٠٢٣
على هامش نشاطات شهر محرّم وولادة الامام زين العابدين، نظمت 'حركة أمل' في عدد من القرى مسيرات حسينية، غير ان ما لفت هو ما قامت به في عدد من القرى البلدات الجنوبية من عراضات شبه عسكرية، تحاكي ما ينظمه حزب الله في يوم القدس وغيره، فما هو الطارىء الذي جعل من هذه الحركة التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري تنظم هذه الاستعراضات العسكرية؟!
المعروف ان حركة أمل ميليشيا اسسها الامام السيد موسى الصدر الذي اختفى في ليبيا عام 1978، فترأسها رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني لعامين بعده، ثم ترأسها بري منذ عام 1980، وقد شاركت في المرحلة الثانية من الحرب الاهلية كما شاركت بمقاومة اسرائيل ابتداء من عام 1983، وعند انتهاء الحرب عام 1991، سلمت الحركة سلاحها الى الدولة إسوة بباقي المليشيات، عدا حزب الله الذي بقي على سلاحه من أجل مقاومة اسرائيل ب'اتفاق' اللبنانيين حينها نسبيا، والدول الاقليمية الراعية لاتفاق الطائف.
اسبابا عدة جعلت من انصار حركة أمل ينظمون استعراضات لمقنعين ببدلات سوداء وآليات عسكرية، أولها التشبه بحزب الله الذي يحوز حاليا على السلاح ورواتب الفريش دولار
اليوم يراقب اللبنانيون وخصوصا الجنوبيون بحذر، النزعة العسكرية للحركة التي عادت لتطل على الساحة، في الوقت الذي يطالب اكثر اللبنانيين بنزع سلاح حزب الله من اجل عدم استخدامه ورقة ضغط في السياسة الداخلية في لبنان خدمة لمصالح المحور الايراني السوري، فقد نظمت الحركة بمناسبة عاشوراء مسيرات عسكرية أمس الاحد، بسلاح مخفي ووجوه مقنّعّة في عدة قرى وبلدات جنوبية منها شقراء، اشترك فيها العشرات من الشباب والشابات، ما اثار دهشة الناس، رغم ان حزب الله كان قد نظم مسيرة مماثلة قبل يوم، اعتبرها كثيرون انها تحاكي طبيعة الحزب العسكرية.
أسباب الاستعراضات
ويرى مراقبون، ان اسبابا عدة جعلت من انصار حركة أمل ينظمون استعراضات لمقنعين ببدلات سوداء وآليات عسكرية، أولها التشبه بحزب الله الذي يحوز حاليا على السلاح ورواتب الفريش دولار، في ظل الافلاس المادي والمعنوي، الذي يعاني منه انصار الحركة بعد تبخر رواتبهم مع انهيار العملة اللبنانية، وجلّهم من الموظفين في اجهزة الدولة ومؤسساتها، وكذلك انتقال ثقل القيادة السياسية الشيعية من الحركة ورئيسها 'المعمر' فيها بري، الى القيادة الشابة المدعومة من ايران المجسّدة بحزب الله ورئيسه السيد حسن نصرالله.
قيادة حركة أمل تحدد رغبتها باثبات نفسها امام باقي الاطراف السياسية اللبنانية للقول انها ما زالت قوة يحسب لها حساب على الساحة الشيعية وليست حكرا على حزب الله
اما السبب الثاني فهو يعني قيادة حركة أمل تحديدا، ورغبتها باثبات نفسها امام باقي الاطراف السياسية اللبنانية وطوائفها المتناحرة، في القول ان حركة أمل لديها مقاومة عسكرية وهي بصدد إطلاقها مجددا أو بالحد الأدنى التذكير بها، ما زالت قوة يحسب لها حساب على الساحة الشيعية، وليست حكرا على حزب الله، فضلا عن رفع معنويات أنصارها الرابطة جراء المناحرات والإشكالات اليومية مع 'جماعة الحزب الذين 'يتفوقون' عليهم بالسلاح في معظم الأحيان، وكذلك ان حصتها في السلطة لن تتخلى عنها، أو عن منصب رئاسة المجلس النيابي الذي يحوزه رئيسها بري منذ 31 عاما'.
هذا ويتساءل غالبية الجنوبيين، عن المغزى من تحويل مناسبات دينية الى عراضات عسكرية، فقد كان المؤمنون الشيعة قبل هيمنة حزب الله على المشهد السياسي الشيعي، يكتفون بقراءة الادعية في منازلهم بمناسبة ذكرى ولادة أئمتهم ووفاتهم، وغالبية الشيعة لا يشعرون بهذه المناسبات أصلا، فلا تتلى المجالس الحسينية في الحسينات العامة، الا في ذكرى استشهاد الامام الحسين واهل بيته في عاشوراء.
تتضخّم اليوم الشعائر الدينية الشيعية المستوردة من ايران بواسطة حزب الله، ثم حركة أمل التي تحاول التشبه به، كي لا يفوتها السبق، والضحية هو المذهب الشيعي وأهله الغارقين، في طقوس يختلط فيها السلاح بالاسطورة، لتولّد مذهبا جديدا لا يشبه المذهب الشيعي الذي المعروف، انما يشبه حالة التشرذم وتفشي العصبيات الطائفية التي تغرق فيها البلاد حاليا.