اخبار لبنان
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
«لقد ولّت سياسات التنوّع والإنصاف والشمول (DEI) إلى الأبد»، هذا ما وعد به وزير الخارجية ماركو روبيو في منشور على منصة X في وقت سابق من هذا العام. بول دو كوينوي – Newsweek
تصريح روبيو جاء رداً على مذكرة رئاسية أصدرها الرئيس دونالد ترامب في 18 مارس، حظرت فيها ممارسات التوظيف والترقية القائمة على التنوّع في جميع وحدات وزارة الخارجية، ومنعت «جميع الموظفين والمسؤولين» من اتخاذ أي إجراء يهدف إلى «تعزيز أو الدعوة لصالح أو نشر دعم لأيديولوجيا الإنصاف التمييزية».
وكانت هذه المذكرة متماشية مع أحد الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب في يوم تنصيبه، والتي منعت أنشطة DEI في جميع الوكالات الحكومية والجهات المانَحة والمقاولين الحكوميين.
إلا أنه بعد مرور تسعة أشهر على بداية الولاية الرئاسية الثانية لترامب، لا تزال برامج DEI نشطة وقوية في مجال حيوي واحد على الأقل من عمليات وزارة الخارجية: المدارس الأمريكية في الخارج. فهذه المدارس تتلقى عشرات الملايين من الدولارات من أموال تُدار بواسطة «مكتب المدارس في الخارج» التابع للوزارة، وهو مكتب غير معروف نسبياً. وتقدّم هذه المؤسسات تعليماً من مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الثاني عشر (K–12) لأكثر من 138,000 طالب—من جنسيات أمريكية وأجنبية—مسجلين في 193 مدرسة منتشرة حول العالم. وعادةً ما تستهدف هذه المدارس، التي تمثّل نموذجاً للتعليم «الأمريكي»، أبناء الدبلوماسيين الأمريكيين، وأبناء المغتربين الأثرياء، والنخب الأجنبية التي تتوق إلى شهاداتها. وكثيراً ما يلتحق خرّيجو هذه المدارس بجامعات رفيعة المستوى ويبدأون مسارات مهنية دولية بارزة.
ورغم الحظر الفيدرالي الواضح على سياسات DEI والتفويض الشعبي القوي الذي يقف خلفه، لا توجد مؤشرات تُذكر على أن الموظفين المسؤولين عن إدارة وتدريس هذه المدارس التابعة لوزارة الخارجية في الخارج قد غيّروا نظرتهم الإيجابية تجاه تلك الأيديولوجيا المثيرة للخلاف، وغير الأمريكية، والمحظورة الآن قانوناً.
ففي مارس الماضي، وثّقت نيتُ أرنولد، المحلّلة في معهد مانهاتن، العشرات من المؤسسات الممولة من وزارة الخارجية التي واصلت تطبيق سياسات وبرامج DEI بشكل فعّال. وفي العديد من الحالات، يبدو أن هذه المؤسسات تلقت توجيهات من مستشارين نصحوها باستبدال المصطلحات التقليدية لـ DEI بمفاهيم أقل وضوحاً مثل «الانتماء» أو «العدالة»، على الأرجح لتفادي الاكتشاف. كما وثّقت أرنولد استمرار تدفّق أموال وزارة الخارجية إلى جمعيات مهنية يبدو أنها واصلت تقديم محتوى ذي صلة بـ DEI في جلسات تدريبية تتناول المناهج الدراسية، والتوظيف، والتطوير المهني، وغيرها من المجالات. ويبدو أن بعض هذه التدريبات تتضمّن استراتيجيات لصدّ الانتقادات الموجّهة لسياسات DEI، رغم أن الرئيس الأمريكي نفسه قد حظرها رسمياً.
وقد سلّطت أرنولد الضوء على نتائج بحثها في مقال رأي نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال، لكن يبدو أنه لم يُتخذ أي إجراء—أو إجراء ضئيل جداً—في مقر وزارة الخارجية (فوجي بوتوم). فبعد مرور أشهر، ووفقاً لتقرير صدر هذا الأسبوع عن زمالة بن فرانكلين (Ben Franklin Fellowship)، وهي رابطة تضمّ خبراء في السياسة الخارجية ملتزمين بالدستور، لا تزال سياسات DEI راسخة في المدارس الخارجية التي لا تزال تتلقى تمويلاً سخياً من إدارة ترامب.
فعلى سبيل المثال، تنشر «المدرسة الأمريكية في تايبيه» تقويمها الشهري الذي يحتفي بمواضيع «التنوّع» الخاصة بهويات يروّج لها التيار التقدمي، بما في ذلك «اللاتينيين والهسبان»، و«السود والأمريكيين من أصل أفريقي»، و«مجتمع الميم (LGBTQ+)»، و«الآسيويين الأمريكيين وأهل جزر هاواي الأصليين وجزر المحيط الهادئ». وقد أعلنت المدرسة أن مبادرتها تأتي «ضمن التزامنا بتنمية أفراد ذوي وعي عالمي»، آملةً أن «يدافعوا عن ممارسات شاملة تعزّز التنوّع والإنصاف والعدالة»—على الأقل بالنسبة لفئات معيّنة من الناس.
ومن جانبها، تعلن «المدرسة الأمريكية في لبنان» (American Community School) أنها «ملتزمة بإنشاء بيئة عادلة وشاملة وتنمية مجتمع يضمّ وجهات نظر متنوعة». وتقع هذه المؤسسة ملاصقةً لـ«الجامعة الأمريكية في بيروت»، التي تحصل بدورها على دعم مالي أمريكي وتعجّ بسياسات DEI، وتُرسل إليها طلابها. وقد عكست المدرسة اللبنانية ترتيب الحروف في الاختصار (DEI)، لكنك لست بحاجة إلى شهادة من مدرسة «أميركية النمط» نخبوية لتمييز كلمات «التنوّع» (Diversity) و«الإنصاف» (Equity) و«الشمول» (Inclusion) في التزامها القانوني المشكوك فيه.
وليس كل المدارس الخارجية تتّبع أسلوباً خفياً. فـ«المدرسة الدولية في بانكوك» تحتفظ بموقع إلكتروني مخصص بالكامل لموضوع «التنوّع والإنصاف والشمول والانتماء» (Diversity, Equity, Inclusion, and Belonging)، بينما تفعل «الأكاديمية الغربية في بكين» (Western Academy of Beijing) الشيء نفسه عبر التباهي بـ«التزامها بتعزيز التنوّع والإنصاف والشمول والعدالة». ربما استعانوا جميعاً بنفس المستشار، الذي كان بإمكانه بسهولة أن يسافر (بالدرجة الأولى، بطبيعة الحال) بين هاتين المدينتين.
المصدر: Newsweek
* التنوع والإنصاف والإدماج (DEI) مصطلح شامل لمجموعة من السياسات المُطبقة في أمريكا الشمالية ودول الأنجلوسكسون، بهدف تحقيق التمثيل والمساواة للفئات الاجتماعية المهمشة تاريخيًا والمضطهدة. وتُكافح منظمات التنوع والإنصاف والإدماج، من خلال تدابير مُتنوعة، التفاوت المؤسسي وتُطبّق سياسات الهوية (الانتماء). وقد طُبّقت سياسات التنوع والإنصاف والإدماج بأقصى قدر من الفعالية خلال رئاسة جو بايدن في النصف الأول من عشرينيات القرن الحادي والعشرين.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب











































































