اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢١ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
الخبر الذي يحتل مقدمة الحيز السياسي العالمي اليوم هو المعلومات المسربة عن مسؤول أميركي كبير حول أن إيران تستعد من جانب واحد – أي من دون موافقة واشنطن – لضرب منشآت إيران النووية.
والواقع أن الخلفيات السياسية ذات الصلة بهذا الخبر كثيرة ومتشعبة؛ بعضها مرتبط بما وصلت إليه العلاقة بين ترامب ونتنياهو؛ وبعضها الآخر متصل بالاستراتيجية الإسرائيلية الخاصة بتغيير الشرق الأوسط بمقابل استراتيجية ترامب الخاصة بتغيير أولويات واشنطن في المنطقة؛ وبعضها الثالث مرتبط بالتطورات الحاصلة في البحر الأحمر وفي المشرق العربي، الخ..
قد يكون هدف تسريب هذه المعلومة التي أثرت اليوم على أسعار النفط الخام، هو خلط الأوراق في المنطقة وحتى في العالم، أو بتعبير آخر رغبة نتنياهو – وربما معه شركاء في أميركا – بتغيير مسار التوجهات الكبرى في الشرق الأوسط التي رتبتها زيارة ترامب لدول الخليج العربي.
إن أهم تغيير حملته زيارة ترامب للمنطقة تمثل بأن عربة سياسة واشنطن في الشرق الأوسط أصبحت منقادة من حصاني مصالحها الاقتصادية الضخمة بدل أن تكون منقادة من مصالح نتنياهو الأمنية الضخمة ولكن غير المنطقية. وهذا التغيير في السياسة الأميركية ساهم في إحداثه سلوك نتنياهو نفسه، قبل الأسباب الأخرى التي من بينها أن هناك متغيرات جوهرية دخلت على النظام العالمي. فنتنياهو هو الذي بادر قبل وصول ترامب للبيت الأبيض إلى طرح ضرورة تغيير الشرق الأوسط؛ ولكنه يتفاجأ الآن أن ترامب يريد أيضاً تغيير الشرق الأوسط، ولكن وفق أجندة تختلف في جانب أساسي منها عما تريده تل أبيب.
اليوم تروج جهات غير معروفة هويتها ولا خلفياتها على وجه الدقة أجواء تفيد بأن الشرق الأوسط ذاهب لمرحلة ما بعد احتمال ضرب نتنياهو للمنشآت النووية الإيرانية، والمقصود من إشاعة هذا الجو هو نفي الجو السائد اليوم والقائل أن الشرق الأوسط دخل مرحلة ما بعد زيارة ترامب لدول الخليج العربي.. والواقع أن تسريب خبر استعداد إسرائيل لضرب النووي الإيراني إنما هدفه الأساس طي مرحلة من التفاؤل بخصوص الاستقرار في المنطقة وفتح صفحة جديدة من التشاؤم بخصوص مستقبل الاستقرار في المنطقة..
وما يريده نتنياهو هو تعميم الآثار الصاخبة الجارية في غزة؛ بحيث تصل 'عربات جدعون' إلى كل نقطة فوق جغرافيا المنطقة؛ والسبب الذي يحفز نتنياهو على هذا السلوك واضح، وهو أنه يريد تعميم حربه على غزة لتكون نتائجها موجودة إسرائيلياً داخل أي تسوية وأي تطور يجري في المنطقة.
.. ببساطة نتنياهو يريد العودة إلى اللعبة ويريد القول لترامب أن واشنطن لا تستطيع أن تكون في الشرق الأوسط خارج غرفة قيادة عربات جدعون؛ وأنه إذا اراد نتنياهو إنشاء سياسة لواشنطن مستقلة عن تل أبيب في المنطقة فإن نتنياهو قادر على تخريب سياسته هذه من خلال إشعال فتيل القنبلة النووية الإيرانية..