اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٨ أيلول ٢٠٢٥
كتب ابراهيم ناصر الدين في 'الديار'
تزور المبعوثة الاميركية مورغان اورتاغوس بيروت يوم الاحد المقبل وعلى جدول اعمالها مناقشة خطة الجيش التي عرضت امام الحكومة في جلسة الخامس من الشهر الجاري، كما تشير مصادر مطلعة، لفتت الى ان الخطة ذات 'الطابع السري' تم اطلاع الجانب الاميركي عليها، وينتظر ان تحمل اورتاغوس الملاحظات الاميركية على مضمونها، فهل تعيد واشنطن قلب الاولويات وتعود سياسة الضغوط القصوى بعد 'استراحة محارب' موقتة كان يفترض ان تستمر لـ3 اشهر؟
رد الفعل الهزيل في قمة الدوحة على العدوان على قطر، واستمرار المجزرة المفتوحة في قطاع غزة، يشجع الادارة الاميركية على رفع مستوى ضغوطها مجددا على الساحة اللبنانية، بعدما تبين ان سقف التحدي الذي تواجهه سياساتها في المنطقة هو بيانات تنديد لا 'تغني ولا تثمن عن جوع'. ولهذا تخشى اوساط سياسية بارزة من العودة الى 'نقطة الصفر' مجددا، خصوصا ان ثمة اطرافا لبنانية مستعجلة اكثر من الاميركيين لخشيتها من استعادة حزب الله كامل عافيته، ولا تبالي بالتداعيات المحتملة على السلم الاهلي. وقد جاءت تصريحات رئيس الحكومة نواف سلام الاخيرة ليزيد منسوب القلق بعدما جدد التباهي بما يعتبره ضمنا انتصارا سياسيا على الحزب من خلال نزع شرعية سلاح المقاومة تمهيدا للتخلص منه، وهو يؤكد ان 'ما هو واضح وملموس هو استعادة الدولة اللبنانية قرار الحرب والسلم'. مجددا الالتزام بوضوح بالجهات المخولة بحمل السلاح، وهي: الجيش اللبناني، قوى الأمن الداخلي، الأمن العام، أمن الدولة، الجمارك، والشرطة البلدية حصراً. ويضيف 'قلت سابقًا إنّ حتى الكشاف لا يمكنه حمل السلاح'. واذ اكد ان تكليف الجيش بتنفيذ الخطة جاء بعيدًا من أي تدخلات أو ضغوط، تحدث مجددا عن ثلاثة أشهر لإنهاء حصر السلاح جنوب الليطاني ، لكن الاخطر، تشديده على ما اسماه احتواء السلاح في نفس هذه المهلة اي منع نقله من مكان إلى آخر أو استخدامه. وهذا الفعل قد يؤدي عمليا الى تصادم ميداني بحال تم اعتراض محاولات المقاومة للتعافي، وهنا مكمن الخطورة.
لماذا؟ لان ثمة من يعتقد على نحو جاد داخل الادارة الاميركية، وكذلك في لبنان، بان حزب الله ضعف الى درجة تجعله غير قادر على اي محاولة لنزع سلاحه بالقوة، وقد يكون رئيس الحكومة في طليعة هؤلاء، وهو ما سخرت منه مجلة 'فورين بوليسي' الاميركية التي تشير الى ان ادارة الرئيس ترامب وقعت في فخ الأمنيات، ومنها مسألة نزع سلاح حزب الله، واضافت انه 'وعلى الرغم من الإنجازات العسكرية الإسرائيلية والنوايا الحسنة لقادة لبنان الجدد، لم يتم تدمير الحزب. صحيح أنه أصبح أضعف مما كان عليه، لكنه لا يزال يحتفظ بأسلحة، وكوادره متحمسون، فيما لم تيأس إيران من إعادة بنائه. ولهذا السبب دأبت إسرائيل على خرق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه واشنطن في تشرين الثاني الماضي عبر ضربات عسكرية متقطعة، وهو ما يفسر إصرار إدارة ترامب على نزع السلاح.
ولتحقيق هذا الهدف، كشفت المجلة ان السفير الأميركي لدى تركيا، توم باراك هو من اقترح خطة من أربع مراحل لتتمكن قوات المسلحة اللبنانية من 'نزع السلاح'. وتتساءل المجلة 'هذا هدف نبيل، لكن هل هو قابل للتحقيق – خاصة بحلول نهاية العام كما تطالب إدارة ترامب؟. ولهذا تصف 'فورن بوليسي' إدارة ترامب والجهات الأميركية التي تطالب بنزع سلاح حزب الله بأنها ساذجة وتقترح مفاوضات طويلة وسرية تسمح للحزب بالاحتفاظ بجزء من سلاحه كقوة مساعدة للجيش، باعتبارها استراتيجية أكثر واقعية وحكمة من خطة باراك. لانه عندما تنفصل السياسة عن الواقع، فإن النتيجة المرجحة هي الفشل'.
في الخلاصة، لا توجد ضمانات داخلية او خارجية حيال الاستمرار في حالة الاستقرار الهش القائمة حاليا، ثمة رهان على التواصل العالي المستوى بين الرياض وطهران، وهناك من يترقب نتائج ايجابية لزيارة رئيس مجلس الامن القومي علي لاريجاني الى المملكة ولقائه الامير محمد بن سلمان، حيث حضر الملف اللبناني في جزء من المحادثات التي ركزت على مخاطر المشروع الإسرائيلي في المنطقة والدعم الاميركي المفتوح لبنيامين نتانياهو. لكن تبقى المخاوف كبيرة من فلسفة القوة والمزيد من القوة التي تنتهجها 'اسرائيل' ويتبناها الاميركيون الذين قد يغرقون لبنان في الفوضى اذا ما أخطأوا مجددا بالحسابات ومعهم بعض القيادات اللبنانية 'الساذجة'.