اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
دخل ملف نزع السلاح الفلسطيني في لبنان مرحلةً تنفيذيةً دقيقةً، مع بدء وفد حركة 'فتح' برئاسة عزام الأحمد سلسلة لقاءاتٍ بعيدًا عن الإعلام، لترجمة التفاهمات التي تمّ التوصل إليها بين الرئيسيْن اللبناني جوزاف عون والفلسطيني محمود عباس، بشأن حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
وبينما تؤكّد مصادر حكومية تمسّك بيروت بإطلاق العملية في موعدها منتصف حزيران، تشهد الساحة الفلسطينية تجاذباتٍ داخليةً بين الفصائل، وسط تشكيك 'حماس' في جدّية الخطوة، وإصرار لبناني على المضي في التنفيذ مهما كانت التحدّيات، انطلاقًا من أولوية السيادة ورفض أي مقايضة أو تراجُع عن القرار.
في هذا السّياق، تحدثت مصادر فلسطينية مطّلعة لـ'الشرق الأوسط' عن 'ثلاث مهامّ يقوم بها، وهي: أولًا، التأكد من وضع حدٍّ للتوتّرات التي حصلت داخل 'فتح' في الآونة الأخيرة نتيجة تبايُن وجهات النظر حول ملف تسليم السلاح. ثانيًا، محاولة توحيد الموقف الفلسطيني حول هذا الملف من خلال اجتماعاتٍ يعقدها مع قادة الفصائل غير المنضوية في إطار منظمة التحرير. وثالثًا، التفاهم مع السلطات اللبنانية على آليات تنفيذية لعملية التسليم'.
ولا تنفي مصادر حكومية لبنانية وجود 'شدّ حبال بين الفصائل حول عملية التسليم، لكن في المقابل هناك إصرارٌ من الحكومة اللبنانية على إطلاق هذه العملية كما هو متفق عليه في 16 يونيو/حزيران الحالي في مخيّمات بيروت'، كاشفةً لـ'الشرق الأوسط' أن 'اجتماعًا سيُعقد الخميس المقبل بين هيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تضمّ فصائل منظمة التحرير والفصائل الأخرى غير المنضوية في المنظمة مع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني التي يرأسها السفير رامز دمشقية؛ لاستكمال وضع الآليات التنفيذية لعملية التسليم'.
ويجزم الدكتور سرحان سرحان، نائب أمين سرّ حركة 'فتح' في لبنان، بعدم وجود انقسام في صفوف الحركة، مشدّدًا في تصريح لـ'الشرق الأوسط' على أن 'فتح تحت قيادةٍ موحدةٍ، والكل فيها موافق على ما تضمّنه البيان الرئاسي المشترك الذي صدر عن الرئيسيْن عون وعباس وكل ما يُحكى خلاف ذلك لا يمتّ للحقيقة بصلة'، موضحًا أنّ 'كلّ الفصائل الفلسطينية سواء المنضوية في منظمة التحرير أم لا، أعلنت موافقتها على أن تكون تحت سقف الدولة اللبنانية وقوانينها، وبالتالي على بسط الجيش اللبناني سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية'، مضيفًا: 'طبعًا نحن لا نتحدّث هنا عن الإسلاميين المتطرّفين وعن الخارجين عن القانون من تجّار مخدرات وغيرهم الذين نحن جاهزون للتعامل معهم وتسليمهم في حال توافر الغطاء القضائي – السياسي – الأمني اللازم'.
وشدّد سرحان على أن 'الفصائل في لبنان ستنفّذ ما هو مطلوب منها بالكامل، ولن نكون خنجرًا في خاصرة لبنان، ولن نسمح بأي فتنة فلسطينية – فلسطينية أو فلسطينية – لبنانية تحت أي ظروف'.
وقالت مصادر قريبة من 'حماس' إنّ 'زيارة عزّام ليست لتوحيد الموقف الفلسطيني، إنمّا لترميم الشرخ الذي نشأ داخل 'فتح' نفسها'، معتبرةً، في تصريح لـ'الشرق الأوسط' أنه 'حتّى الساعة لم تتمّ مقاربة ملف السلاح داخل المخيمات بشكل جدّي ومعمّق، بل بشكلٍ سطحي باعتبار أنّ من تحدث باسم الفصائل في لبنان أشخاص يعيشون في رام الله ولا يعرفون شيئًا عن تعقيدات وحساسيّات المخيمات في لبنان، وأن موضوعًا بهذه الدقة يُفترض أن يُحلّ من خلال نقاشٍ معمّقٍ من خلال لحنة الحوار الوطني اللبناني – الفلسطيني'.
في المقابل، قال مسؤول أمني لـ'النهار' إنّ 'خطة تسلّم سلاح المخيمات الفلسطينية ستنطلق في مواعيدها المحدّدة للمرحلتيْن الأولى والثانية، وسيتقرّر في ضوئها إطلاق المرحلة الثالثة، ولن يكون تهاون في الموضوع سواء رضيت الفصائل أم لم ترضَ لأن الأمر يتعلق بالسيادة اللبنانية وباستعادة الدولة زمام الأمور'.
وفي وقتٍ سابقٍ، جزم مسؤول أمني لبناني بتصميم الدولة على سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، بدءًا من منتصف حزيران المقبل، ليس من باب تحدّي الفصائل ولا التضييق على اللاجئين، بل من زاوية حقّ الدولة في بسط سلطتها وحصرية السلاح على كل أراضيها.
وأكد المسؤول لـ'النهار' أن بداية سحب السلاح ستكون من المخيّمات في قلب بيروت ومحيط الضاحية الجنوبية وعلى مقربة من مطار رفيق الحريري الدولي.
واعترف المسؤول بأنّ المهمة ليست سهلةً في معالجة ملفٍ عائدٍ إلى عام 1969. وثمّة أكثر من رسالة تريد الدولة توجيهها من سحب السلاح الثقيل من هذه المخيمات 'فما النّفع من وجود صاروخ أو مدفع هاون في مخيم برج البراجنة؟'
في المقابل، كانت مصادر لبنانية رسمية قد أكدت لـ'الديار' أنّ 'قرار إفراغ المخيمات من السلاح، وبسط سلطة وسيطرة الدولة اللبنانية على أراضيها كافّة اتُخذ، وهناك غطاء دولي كبير يواكب العملية. وبالتّالي لا تراجع عنه أيًّا كانت التحدّيات والضغوط'، لافتةً الى أنّ 'هذا الاسبوع سيكون حاسمًا في هذا المجال، بحيث سيتّضح مدى جدّية الطرف الفلسطيني، الذي يُنتظر منه الإيفاء بتعهداته، خاصةً أن الطرف اللبناني يتمسّك بمهلة منتصف الشهر الحالي لانطلاق الخطوات العملية، التي يُفترض ان تبدأ تسليم السلاح المتواجد في مخيمات بيروت'.
وتشير المصادر الى أنّ 'هناك قوى لبنانية دخلت على الخطّ لتخريب هذه العملية، لانّها تعي ألّا مصلحة لها بذلك، فبدأت تروّج لمنطق أن هناك تسرّعًا ببتّ الموضوع، وبأنّ مصير السلاح الفلسطيني في لبنان يُفترض ان يكون مرتبطًا بمصير الوضع العامّ في المنطقة'.
ونبّهت من 'دعوة البعض لاستبدال قرار تسليم السلاح داخل المخيمات بتنظيمه، كما من طرح مقايضة السلاح بالحقوق'، قائلة: 'كل ذلك يُراد منه الاطاحة بالقرار اللبناني – الفلسطيني المشترك'.
وتشدّد المصادر على أنّ 'الكرة راهنًا في الملعب الفلسطيني، والطرف اللبناني لن يتساهل مع أي محاولة للالتفاف على التعهّدات، التي أعطاها صراحةً الرئيس الفلسطيني محمود عباس للرئيس اللبناني العماد جوزاف عون'.