سياسة التعطيل ومرشح "حزب الله"

من المفترض أن تتضح الأسبوع المقبل صورة مواقف الكتل النيابية من ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لتجري عملية بوانتاج دقيقة للأصوات التي يمكن أن ينالها مرشح أطراف المعارضة و'التيار الوطني الحر'، وتحسم بعض الكتل المترددة وبعض النواب السنة والتغييريين والمستقلين اضافة الى نواب 'اللقاء الديموقرطي' اتجاهاتهم، فإما أن يؤيدوا مرشح الثنائي سليمان فرنجية أو يسيروا بخيار أزعور الذي يقوم باتصالات لشرح مواقفه من القضايا الحساسة المطروحة، وهو يبتعد كما يبدو عن اتخاذ مواقف ترجح كفة على أخرى ويكتفي بالدعوة الى الحوار حولها لا سيما موضوع السلاح، فيما يؤكد على ضرورة العمل مع البنك الدولي لوقفف التدهور المالي ووضع الاقتصاد على سكة حل.

بالطبع، تتجه الأنظار الى ما إذا كان الرئيس نبيه بري سيعمل على فتح مجلس النواب لعقد جلسة لانتخاب الرئيس طالما أصبح هناك متنافسان أم أنه سينتظر لأن أزعور ليس مرشحاً جدياً من وجهة نظره، وعليه يطالب بمرشح آخر، وهو يناور في خدمة 'حزب الله' الذي يريد ايصال مرشحه مستخدماً لعبة الوقت علّ الظروف الاقليمية تسنح له بفرض فرنجية، بينما يجري الحديث عن مواصفات رئيس قادر على تنفيذ خطة انقاذ لا عن رئيس يتلقى الأوامر من الضاحية ويحمي الفاسدين والسلاح الذي يجعل من لبنان ساحة ومن اللبنانيين رهائن النووي الايراني.

بحسب التوقعات يمكن أن يحصد أزعور ما فوق الــ65 صوتاً بينما لا يستطيع فرنجية سوى الحصول على حوالي 55 صوتاً، هذا طبعاً إن التزم الفرقاء المؤيدون لأزعور بانتخابه من دون أن يحدثوا خللاً علماً أن الحذر موجود والثقة بمواقف البعض مهتزة، لا سيما وأن هناك كثيراً من النواب لا سيما الفئة المترددة يفضلون تمرير مصالحهم المرتبطة بالعلاقة مع سوريا وايران وعدم التحدي بل السير في ركاب فرنجية لحسابات خاصة.

من الواضح أن ليس أمام الرئيس بري اليوم خيارات، سوى أن يفتح المجلس النيابي، لا سيما وأن لبنان اليوم لم يعد متروكاً وموضوع تحت المجهر الدولي وهناك تهديد بالعقوبات الا أن مدى جدية تنفيذها تبقى عرضة للتباينات، فالبعض يعتبر أن الولايات المتحدة الأميركية لا يمكن أن تفرض عقوبات على بري وسفيرتها في لبنان تتواصل معه وتطرق أبواب عين التينة دائماً، وهي إن طالت بري بعقوباتها يعني أن تقطع مع الطائفة الشيعية بينما المطلوب ابقاء باب للصلات طالما أن العلاقات متوترة مع 'حزب الله' وأمر القطع لا يمكن أن يحصل في العمل السياسي، علماً أن التهديد بالعقوبات يمكن أن يكون دليلاً على زيادة الضغط من أجل تمرير الاستحقاق والتحرك نحو اتخاذ الاجراءات الدستورية الواجبة وليس تضييع الوقت بما يسمى حوار.

ولا شك في أن 'حزب الله' محشور في الداخل بين بيئته نتيجة الأوضاع الاقتصادية وهم الجوع الذي يهدد كل اللبنانيين ولا يفرق بين طائفة أو منطقة، وبالتالي لم يعد بامكانه نكران الأزمة المعيشية والاكتفاء بتكرار أنه يؤمن لهم ما استطاع اليه سبيلاً من أموال بالفريش دولار ومساعدات البطاقات للعائلات المحظوظة، فهذا أمر لم يعد حلاً للمشكلات المستعصية نتيجة الانهيار الحاصل في قطاعات الدولة والتي كان يستفيد منها جميع اللبنانيين. من هنا فان سياسة التعطيل لن تكون في صالح 'حزب الله' لاحقاً ولن تقوي موقعه أو توصل مرشحه الى سدة الرئاسة، والرسائل كثيرة أخيراً في هذا الاتجاه ومنها توجيه الاتهام اليه في حادثة مقتل الجندي الايرلندي في العاقبية، وهي رسالة واضحة بأن سلاحه المتفلت سيكون تحت المجهر ولن يُسكت عنه.

يبقى الأمل في أن يفتح المجلس النيابي أبوابه وتأخذ اللعبة الديموقراطية طريقها لتكون هي الحكم والفصل بين اللبنانيين ويعود البلد الى نظام العمل المؤسساتي وفقاً للدستور.