خاص ـ هل تحقق واشنطن أمنية بكين وموسكو؟

منذ انطلاق الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس ووقوف الإدارة الأميركية بكل ثقلها مع تل ابيب في هذه المعركة، كثرت التساؤلات عن المواقف الحقيقية للصين روسيا وسعيهما الفعلي لوقف الانهيار الكبير الذي قد يطال الشرق الأوسط برمته.

في مكتبه داخل مبنى الكرملين يجلس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مبتسماً ابتسامته المعهودة وهو يشاهد ما يحصل في غزة على شاشات التلفزة. منذ فترة ليست ببعيدة كان الرجل حديث المحطات التلفزيونية الاول بسبب حربه في اوكرانيا، فجاة ظهر من ينقذه من الوحل الاوكراني ويحرف انظار العالم عنه.

عليه ان يشكر من كل قلبه قادة حماس لا بل ان يقيم لهم التماثيل في ساحات موسكو، فبفضل ما فعلوه هناك لم يعد زيلينسكي يحظى على المرتبة الاولى في سلم اولويات واشنطن، لقد احتل نتانياهو الصدارة بامتياز وبمسافة بعيدة.

اما في بكين فالمشهد يكاد يكون مماثلا لما يحصل في الكرملين، فالرئيس الصيني شي جين بينغ سيكون أكثر سروراً من القيصر إذا ما تورطت واشنطن في وحول الشرق الاوسط.

يعرف الرجل جيدا ان العملاق الأميركي يشكل احراجاً وتحدياً له في عقر داره، بحر الصين والمحيط الهادئ، ولا يتوانى عن دعم منافسيه سياسياً وعسكرياً وخصوصاً تايوان التي يسعى نظام بكين الى استردادها للحضن الصيني.

يعطي شي جين بينغ أهمية كبيرة للقائه بايدن في سان فرانسيسكو على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (أبيك)، فهو يسعى الى اراحة خصمه اللدود وتوفير مناخ مريح له في الشرق الأقصى ليتفرغ الأخير لما يدور في المقلب الاخر من الشرق، فيحقق الزعيم مبتغاه ويعود الى بكين مرتاح البال وقد ابعد عنه كأس المواجهة مع اميركا مدة زمنية لن تكون بالقليلة.

وعلى الرغم من تصريح الرئيس الأميركي جو بايدن بهد انتهاء القمة بأنه لا يزال يعدّ نظيره الصيني 'ديكتاتورا' يدير نظاما شيوعيا يختلف تماما عن النظام الأميركي، فان أي موقف رسمي صيني لم يصدر حتى الساعة ردا على بايدن، ما يشي بأن بكين تريد البناء على إيجابية اللقاء لا على ما صدر بعد انتهائه.

يصلي سيدا الكرملين وبكين ويتضرعان من قلبهما كي تنغمس إدارة بايدن أكثر فأكثر في رمال المتوسط المتحركة، وقد يذهبا بعيداً لتحقيق هذا الهدف، لأنهما يعلمان في قرارة نفسهما ان لا شيء يبعد العملاق الأميركي عن حدودهما الا لعنة الشرق الأوسط.

لكن هل تتحقق أمنية 'القيصر' و'الزعيم' بابعاد شبح الولايات المتحدة عنهما؟

الاحداث الاخيرة في اوكرانيا لا توحي بان الغرب المشغول بحرب غزة قد غض الطرف عما يجري هناك، واخبار الميدان المتحرك تظهر تماما ان الدعم الغربي لكييف على حاله منعا لاي سقوط امام الغزو الروسي.

اما على جبهة الصين فقد بدا واضحاً ان أداء بايدن ومواقفه خلال القمة الصينية الأميركية بشأن تايوان لم ترح نظيره الصيني الذي طالب علنا بوقف الدعم العسكري الأميركي للجزيرة. فقد بدا واضحاً ان بايدن أراد توجيه رسالة مباشرة الى شي بان ما ما يفكر فيه او يريده من الولايات المتحدة في الشرق الأقصى لن يكون سهل المنال رغم انشغالها بأكثر من نقطة في العالم.