اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ أحمد منصور
حققت برجا، التي تعتبر من كبرى بلدات الشوف، إنجازا مهما على صعيد الخارطة السياحية في لبنان، بعد إدراج وزارة الثقافة الشهر الماضي، موقع «قصر أبو حنين» في البلدة على لائحة «الجرد العام»، لإبراز تاريخ وأهمية المنطقة، من خلال الحضارات والعصور التي تعاقبت عليها، كونها نافذة على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
وأشاعت خطوة وزارة الثقافة، ارتياحا وترحيبا برجاويا وشوفيا واسعا، بعد جهود ومتابعة استمرت لسنوات طويلة، قام بها فاعليات وأبناء البلدة، خصوصا وانها كبقية بلدات الشوف ولبنان، غنية بالآثار والمواقع والمعالم التاريخية، والتي لا يزال العديد منها شاهدا على تلك الحقبات التاريخية، في الجية وجون ودير المخلص وشحيم ومزبود والدبية ودير القمر وبعقلين والدامور وبيت الدين وغيرها.
وفي لقاء مع عضو جمعية الفنانين التشكيليين، وصاحب العقار الذي يقع عليه «قصر أبو حنين»، المهندس الداخلي ومؤسس جمعية «برجا البيت الجوار» خالد ترو، رحب ترو بخطوة وزارة الثقافة برئاسة الوزير غسان سلامة، وأشار إلى «ان القصر الذي يضم مجموعة من المغاور، و8 غرف محفورة بالصخور، وبداخلها نووايس، تحول إلى موقع أثري وتاريخي معتمد في لبنان».
ولفت إلى «اننا نسعى إلى تحسينه وترتيبه وتنظيمه وحمايته، ليكون مقصدا للزوار والسياح في الشوف، بالتعاون مع وزارة الثقافة وبلدية برجا وجمعية الفنانين»، مشيدا بموقف وزارة الثقافة الوطني».
وتابع: «هذا المعلم الأثري يدل على تاريخ برجا وأهميتها. وسنسعى إلى إقامة حماية للموقع من تعديات البناء، ونحن بصدد تجميله وإضاءته وإقامة شبكة خدمات»، مؤكدا «ان جمعية الفنانين توليه اهتماما كبيرا، ونحن بصدد اصدار طابع بريدي عن المعلم ليكون معتمدا رسميا، إلى جانب حملة تبرعات، لتحويله معلما لائقاو لاستقبال الزوار والسياح».
وأكد انه «ستكون هناك أنشطة تسهم في العجلة الاقتصادية، حيث ستقوم جمعية الفنانين بسمبوزيوم يشارك فيه اكثر من 10 فنانين. وسيكون هناك عمل مميز من خلال مشاركة النحات العالمي رودي رحمة، بالإضافة إلى إقامة احتفالات ثقافية وسياحية وفنية واجتماعية، بإشراف مديرية الآثار في وزارة الثقافة، وبالتعاون مع بلدية برجا».
وشدد على أهمية إبراز تاريخ المنطقة، شاكرا وزراء الثقافة الذين تعاقبوا على الوزارة منذ العام 2000، «والذين ساهموا في الوصول إلى هذا الانجاز الذي تحقق على ايدي وزير الثقافة غسان سلامة ومديرية الآثار». كما شكر رؤساء بلدية برجا وفاعلياتها على جهودهم في تحقيق المشروع.
من جهته، أكد استاذ التاريخ والآثار د.أحمد يونس على «أهمية موقع برجا الجغرافي، المشرفة على ساحل البحر المتوسط، والتي كانت تعتبر خلال العهود القديمة مركزا للمقاطعة والعاصمة، والمكان العالي والمشرف للمراقبة..».
وقال: «بحسب المكتشفات الأثرية، تعاقبت على برجا والمنطقة عدة حضارات، ولاتزال توجد فيها المواقع الأثرية القديمة كالمغاور والكهوف، والآثار البيزنطية والرومانية والبرونزية والفينيقية».
ولفت يونس إلى «ان «قصر ابو حنين» يمتد بطول حوالي 80 مترا في شير صخري شاهق، نحتت فيه ثماني غرف حفرت بداخلها عدة نووايس، وحفرت خارجها عدد من النقوش تمثل أسدا ورجلا يحمل سيفه، وأعمدة مستديرة الشكل ترتكز على قواعد وتنتهي في اعلاها بمنحوتات تزينية كروية الشكل، وتعود للعهد الروماني».
وأكد يونس «ان عالم الآثار والباحث الفرنسي رينان الذي عاين مع بعثته خلال رحلته إلى فينيقيا (الشرق)عام 1862، بما فيها برجا، أطلق على برجا تسمية المكان بمدينة مدفنية واسعة، وقد قام أحد مساعديه Saint - Sene بتصوير مقابرها، وأحضر منها النصب الذي عليه كتابة يونانية وترجمتها: «خور ستوس» الشريف سلام، والذي قضى سنة 238، ويبلغ من العمر 28 سنة، بحسب ما ذكر رينان، الذي أشار إلى ان النصب مؤرخ بالعام المذكور وفقا لتقويم انطاكية».
وأضاف يونس: «النصب الذي تحدث عنه رينان نقل إلى القنصلية الفرنسية في بيروت وقتذاك. وما شاهده رينان في برجا، أسد منقوش بالحفر البارز، يجلس على قائمتيه الخلفيتين وإحدى يديه مرتفعة، وقد تسلم صورة مطبوعة عنه من مساعده دريغللو».
ورجح يونس ان عددا من القطع الأثرية في برجا بما فيها النصب، قد نقلت إلى باريس كغيرها من القطع الأثرية التي عثرت عليها بعثة رينان والبعثات الفرنسية التي تلتها.
كذلك نوهت رئيسة النادي الثقافي في برجا ايلان دمج بقرار وزارة الثقافة، معتبرة انه «خطوة على الطريق الصحيح، وأمر مهم جدا لبرجا، ولفتة جيدة لهذا الموقع بحد ذاته، ويشكل إضافة سياحية لبرجا وللمنطقة، ويساعد على تنشيط اقتصاد البلدة من خلال زيارات هذا المعلم».
وشددت على أهمية ان يكون للنادي والجمعيات والسلطة المحلية، دور للمساعدة بإظهار هذا المعلم بصورة تاريخية وأثرية، عبر تنظيم ندوات تعريفية عن الموقع واظهار اهميته، فضلا عن تنظيم رحلات تعليمية وتثقيفية للمدارس والطلاب من أبناء برجا وخارجها، إلى جانب إقامة محاضرات ثقافية وسهرات، وإضاءة بالليزر على الحائط، وعرض صور لبرجا وتاريخها على الجدارية من خلال بث الصور مباشرة عليه لأنه فريد من نوعه، ونشر آراء الباحثين من خلال منشور يوزع على الجمعيات والمدارس والبلدات والزائرين».
وأشارت إلى «انه موقع مهم جدا في برجا وفريد من نوعه، ويشكل قيمة مضافة، للآثار الموجودة في برجا لاسيما الضيعة القديمة».