رمضان في غزة.. الحياة أقوى من العدوان

رمضان في غزة.. الحياة أقوى من العدوان

في محاولة منهم لجني بعض المال، يعرض المئات من الباعة المتجولين وبينهم أطفال بضاعتهم على بسطات صغيرة فيما يصدحون على زبائنهم لشرائها.

على غير عادتها تتمنى الفلسطينية أمينة العشي لو أن شهر رمضان المبارك لا يأتي في ظل مواصلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من 5 أشهر على التوالي، وسط دمار كبير في المباني والبنية التحتية.

وتقول العشي البالغة من العمر (44 عاماً) وهي أم لـ 6 أبناء العام الماضي، في مثل هذه الأيام كنت منشغلة في تعليق الزينة الخاصة برمضان وتحضير مستلزمات الطعام الخاص بالسحور والفطور لعدة أيام'.

أما اليوم تشتكي المرأة من أنها لم تتمكن حتى بالشعور بالفرح لقدوم شهر رمضان، خاصة بعدما فقدت كل ممتلكاتها في مدينة غزة جراء استهدافها من الطيران الحربي الإسرائيلي.

كانت العشي تعيش حياة كريمة في منزلها الذي تمتلكه في حي الرمال غرب غزة، وتعمل في محل لبيع الملابس(الحريمي) في منطقتها، وتهتم بتفاصيل الاحتفال بقدوم رمضان والأعياد، فيما تقضي عطل أيام الأسبوع مع صديقاتها وعائلتها أحياناً.

وبين ليلة وضحاها انقلبت حياة العشي رأسا على عقب بعدما أٌجبرت على النزوح من منزلها إلى مخيم النصيرات للاجئين وسط القطاع، ومن ثم إلى مدينة خانيونس جنوبا وأخيرا إلى مدينة رفح أقصى الجنوب، حيث تعيش في خيمة مؤقتة أقامتها بالقرب من الحدود المصرية.

وتقول 'بعد أن كنت أتلهّف لقدوم شهر رمضان والاستمتاع بعيش طقوسه أصبحت أتمنى لو أنه لا يأتي هذا العام (...) لا يوجد طعام ولا أي شيء من مظاهر الاحتفال برمضان'.

وتضيف بنبرة حزينة 'أنا وأطفالي نتضور جوعا أغلب الأوقات بسبب نقص الغذاء فلا أعرف كيف سأشجعهم على الصيام، وهم لا يجدون إلا أقل القليل من الطعام'.

وما يزيد الطين بلة بالنسبة للعشي، هو عدم امتلاكها المال الكافي لشراء الطعام اللازم لأطفالها، قائلة 'حتى المعلبات التي من المفترض أن نستلمها كمساعدات يتم بيعها في الأسواق المحلية بأسعار باهظة لا أستطيع شراءها'.

بالإضافة إلى ذلك، لا ترغب العشي أن ترى زينة رمضان بأي مكان في غزة معتقدة بأن 'الجميع هنا يموت دون أي رحمة'.

أما امتثال أبو رمضان، وهي نازحة أخرى تسكن في خيمة مجاورة للعشي، فهي تحاول أن تصنع بهجتها الخاصة بقدوم شهر رمضان على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها مع عائلتها داخل الخيمة.

وتقول أبو رمضان البالغة من العمر (33 عاماً)، وهي أم لثلاثة أبناء 'لأكثر من خمسة شهور، نحن نعيش أجواء الحرب والخوف بسبب القصف الإسرائيلي المستمر وتدمير حياتنا ومدينتنا (...) لكننا (نحن الفلسطينيون) نريد أن نثبت للعالم بأننا شعب يحب الحياة حتى في مثل هذه الظروف المأساوية'.

وفي محاولة منها لصناعة أجواء فرح لقدوم رمضان، صنعت أبو رمضان فوانيس رمضان من الورق المقوى فيما علقت داخلها مصابيح صغيرة لتزين بها خيمتها وتمنح أطفالها فرصة أخرى للاحتفال بشهر رمضان.

وتضيف 'حتى في مثل هذه الأيام علينا أن نتذكر بأن الحياة تستحق النضال من أجلها (...) رغم كل الألم والحزن الذي نعيشه إلا أننا قادرون على إعادة بناء منازلنا مرة أخرى وقادرون على إعمار مدينتنا طالما بقينا أحياء'.

وفي محاولة منهم لجني بعض المال، يعرض المئات من الباعة المتجولين بضاعتهم على بسطات صغيرة فيما يصدحون على زبائنهم لشرائها.

وبالكاد تمكن عبد القادر البحيصي من شراء كميات بسيطة من احتياجات عائلته لإعداد طعام فطور أول يوم رمضان في ظل ارتفاع أسعار البضائع بشكل 'غير معقول' لا تمكنه من شراء أي شيء.

ويقول البحيصي 'لا يوجد شيء أساسي في الأسواق، لم أجد أي نوع من اللحوم سوى المعلبات والتي تباع بأسعار لا يمكنني شراءها'.