اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٣٠ أيار ٢٠٢٥
خاص الهديل…
كتب بسام عفيفي
منذ الاستقلال عام ١٩٤٣ وهناك قول مأثور يتوارثه رؤساء وزراء لبنان ومفاده 'أن عمر الحكومات في لبنان قصير كعمر الزهور'؛ ولكن بالمقابل هناك قول مأثور يوازيه وهو أن قامات رؤساء الحكومات في لبنان هي كقامات الأرزة عالية الحضور..
.. الرئيس نجيب ميقاتي يستطيع القول أن عمر حكوماته لم تكن قصيرة كعمر الزهور وأنه أيضاً كان فيها عطر الزهور… فخلال العقد الماضي حينما كان ميقاتي رئيساً للحكومة قال عنه الرئيس الفرنسي آنذاك أنه الخيار الأمثل في الوقت الأصعب.. وبعد أن أصبحت حكومته في عهد الرئيس ميشال عون حكومة تصريف أعمال بعد خروج الأخير من قصر بعبدا؛ يحفظ لميقاتي من قبل خصومه قبل أصدقائه أنه مارس تصريف الأعمال وكأنه رئيس تنفيذ الأفعال؛ فهو رفض أن يصبح معنى تصريف الأعمال يساوي شلل أعمال الدولة وموت مصالح الناس الحيوية داخل الدولة..
والواقع أن الجميع بغض النظر عن مشاربهم السياسية يعترفون اليوم بأن ميقاتي كان دولة رئيس مقتدر خلال رئاسته لحكومة الفترة الأصعب في تاريخ لبنان؛ وأثبت مرة أخرى وبمناسبة ثانية أنه يستحق وصف الرئيس الفرنسي له خلال العقد الماضي بأنه الخيار الأفضل بالوقت الأصعب.
والواقع أن صفات نجيب ميقاتي كرئيس حكومة مقتدر ولديه مخزون كبير من الخبرة بالسياسة المحلية والخارجية، يجعله رئيساً لا يسقط عنه مع تقادم مكوثه خارج السرايا الكبير مبدأ وبرتوكول حفظ الألقاب من جهة؛ ويجعله من جهة ثانية مرشحاً دائماً ليكون دولة الرئيس القادم..
.. والحق يقال أن الكلام عن الرئيس ميقاتي يقود للقول أن نادي رؤوساء الحكومات في لبنان ليس فيه ردهات كثيرة رغم أن فناءه الخارجي يتسع لعابري سبيل يحملون لفترة قصيرة لقب دولة الرئيس؛ وهؤلاء رغم كامل الاحترام لهم؛ إلا أنهم يصبحون رؤوساء حكومة ولكنهم لا يدخلون إلى الردهة الداخلية لبيت نادي رؤساء الحكومات، بل يبقون بالفناء الخارجي للمبنى.. غير أن ميقاتي هو من الشخصيات السنية والوطنية القليلة المقيمة داخل الردهة الداخلية أو بالأصح في صدارة صالون نادي المرشحين لرئاسة الحكومة؛ فهو كرشيد كرامي الأفندي ودولة الرئيس والمرشح الدائم ليكون دولة الرئيس المقبل في حال كان لسبب طارئ خارج السرايا الكبير؛ وعليه يمكن التكهن من باب التعبير المجازي أن ميقاتي لديه في منزله 'هاتفاً خاصاً' لا يوجد رقم الاتصال به إلا حصراً لدى قصر بعبدا الذي من اختصاصه إبلاغ الشخصية السنية بتكليفها تشكيل الحكومة العتيدة. ومن جهته يعتبر ميقاتي أن تكليفه برئاسة الحكومة هو نوع من تحصيل الحاصل كونه يعلم أن لبنان بين فترات متقاربة يحتاج للشخصيات الوطنية السنية القادرة على ترجمة الشراكة الوطنية في خدمة ومصلحة تحقيق هدف صمود لبنان بوجه أزمات تتهدد الميثاقية فيه وتتهدد أمنه ووجوده.
خلال آخر حكومة له ترك ميقاتي على باب السرايا الكبير العبارة الخالدة: 'لو دامت لغيري ما وصلت لي'؛ ولكن ميقاتي ترك فوق هذه اللوحة عبارة غير مقرؤة ولكنها مفهومة ومفادها 'لأنها لا تدوم لغيري ستعود لي'…