اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٢٩ حزيران ٢٠٢٥
تلاقت مراجع سياسية وديبلوماسية عربية وغربية معنية بالوضع في لبنان على تقدير حجم الاستجابة التي عبر عنها أهل الحكم والحكومة ردا على مضمون الرسالة التي نقلها اليهم الموفد الرئاسي الاميركي الى سوريا توماس برّاك الاسبوع الماضي بصفته المكلف موقتا بملف لبنان، بما حملته من مجموعة النصائح بالخطوات المطلوبة لتسهيل المساعي المبذولة للخروج من نفق الازمة الى ما يمكن اعتباره حلا مستداما يوفر الانتقال من مرحلة تجميد العمليات العدائية الى وقف شامل وثابت لاطلاق النار.
وقالت هذه المراجع في قراءتها للحراك اللبناني المستجد لـ المركزية ان ورشة الاتصالات التي انطلقت بعد أيام قليلة على نهاية زيارته الى بيروت تشكل نذير خير وبركة، تجلت باللقاء العاجل الذي عقد صباح أول أمس في بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام والتي استكملت أمس بين سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري اطلقت دينامية استثنائية ونمطا جديدا من المشاورات بين أهل الحكم لم تعرفه الساحة اللبنانية من قبل ولا سيما منذ التوصل إلى تفاهم 27 تشرين الثاني 2024 وما تلاه من مباحثات بقيت مجرد افكار لم تر أي منها النور.
وما يثير الارتياح ايضا انها عبرت عن استعدادات لبنانية غير مسبوقة، لتحضير رد موحد على مجموعة الخطوات التي طرحها برّاك في إطار ما يمكن تسميته خريطة الطريق للاسراع بكل ما يؤدي الى مسيرة الإنقاذ والتعافي التي طال انتظارها بعد تثبيت وقف النار وانهاء الاحتلال الاسرائيلي للنقاط الخمس ومحيطها في جنوب لبنان كنتيجة حتمية للخطوات المطلوبة للبت بمصير السلاح غير الشرعي ووضعه في عهدة الجيش اللبناني.
وعند التوسع في قراءتها للتطورات المتلاحقة قالت هذه المراجع ان الحراك السريع اعطى مؤشرا حاسما ان ما اقترحه برٌاك يستوجب توفير اجوبة سريعة لها مهلة محددة قد تكون رهن الموعد المبدئي الذي حدده للعودة الى لبنان في الأسبوع الأول من تموز المقبل ، بما يوحي انها المرة الأولى التي يعبر فيها الجانب الأميركي عن جدية نادرة في التعاطي مع الخطوات الحكومية والعسكرية والسياسية العاجلة التي تنهي البحث في مصير السلاح غير الشرعي وخصوصا لجهة تحديد المهل الخاصة بالتخلي عنه لصالح الجيش اللبناني والقوى الامنية الاخرى، وهو امر كان قد ابقاه الموفدون الاميركيون السابقون ولا سيما اموس هوكشتاين ومورغان اورتاغوس على عاتق المسؤولين اللبنانيين الذين لم يتمكنوا من وضع الجدول المطلوب حتى اليوم.
ولفتت إلى ان هذا التطور في الأداء الرسمي كان نتيجة طبيعية للتطورات المتلاحقة في الداخل والاقليم، التي تلت سقوط نظام الرئيس بشار الأسد والضربتين الاميركية والاسرائيلية ضد الحوثيين التي مهدت وسبقت الحرب على ايران وما تركته من نتائج فورية لا بد من ترجمتها على الساحتين اللبنانية والفلسطينية في سباق بات محموما باتجاه التهدئة المطلوبة على الساحتين معا. وكل ذلك يجري على وقع الجهود المبذولة لترجمة التفاهمات التي واكبت الاتفاق على وقف النار بين اسرائيل وايران صباح ،الثلاثاء الماضي والتوافق على الخطوات التي تترجم الاتفاق من اجل تثبيته على قاعدة ما اكده الرئيس الاميركي دونالد ترامب انه لن تتبادل ايران واسرائيل النار بعد اليوم تحت أي ظرف من الظروف .
وفي الإطار عينه، قالت المراجع العليمة ان المساعي المبذولة ما بين بعبدا والسراي وعين التينة تبحث في تشكيل فريق عمل أو لجنة دستورية وتقنية وعسكرية تكلف بالمشاركة في المفاوضات التي ستستضيفها اللجنة الخماسية بين لبنان واسرائيل بدعوة منها، بعد التعهد بمواكبتها في اطار العودة الى اجتماعات الناقورة. فالطريق إليها باتت سالكة في ظل أجواء حسمت عدم الحاجة لدى أي طرف لبناني ولا سيما قيادة حزب الله الى انتظار المفاوضات الايرانية – الاميركية التي لن تعيد العمل بتفاهمات سابقة سمحت لإيران باستمرار رعايتها لاذرعها خارج حدودها الجغرافية والتي سمح بها اتفاق تموز 2015 بغض نظر اميركي لاستمرار التمدد الايراني في عدد من الدول ، وإن لم تكن هناك اي ورقة عمل مكتوبة تقدم بها برّاك لاستحالة القيام بمثل هذه الخطوة وهو في مرحلة من المفاوضات المكوكية التي قادته الى تل أبيب والرياض والقاهرة ، إلا أنه اقترح خطة عمل تشكل خريطة طريق واضحة بمراحلها الحكومية والسياسية والعسكرية، تمهد في حال الالتزام بها لإحياء المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل في الناقورة. وقد سبق للجانب الاميركي ان مهد لهذه المرحلة بطاقم عسكري وديبلوماسي وتقني جديد، بعدما اعاد النظر برئاسة اللجنة من خلال تسمية رئيسها الجديد الجنرال مايكل ليني الذي رأس أول اجتماع لها قبل ايام في رأس الناقورة للمرة الأولى منذ تولّيه منصبه خلفَاً للجنرال غاسبر جيفرز، في حضور القائد الجديد لليونيفيل الجنرال الإيطالي ديوداتو أبانيارا الذي تسلم مهامه قبل يوم رسمياً من منسّق شؤون عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة جان بيير لاكروا وكامل الأعضاء بعد فترة من الشلل الذي عانت منه اللجنة منذ ١١ آذار الماضي.
وعليه، انتهت المصادر لتقول ان امام المسؤولين مهلة محدودة لاتخاذ الإجراءات المطلوبة حكوميا وعسكريا وسط حديث عن مهلة طلبها بري للتشاور مع الحزب وتقديم المقترحات التي يعرف سقوفها . وهي عملية من المتوقع ان تتبلور حصيلتها في الأيام الاولى من الأسبوع المقبل ليعود سلام الى عين التينة مرة ثانية استكمالا للبحث الذي بدأ في لقاء امس السبت قبل احالة الملاحظات النهائية الى اللجنة الخاصة التي شكلت ممن يمثل رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة وقيادة الجيش لوضع التصور النهائي للرد، تمهيدا لتسليمه بالطرق الديبلوماسية الى برّاك قبل عودته الى بيروت التي بات موعدها رهن جهوزية الجانب اللبناني من ضمن المهلة التي حددها بأسبوعين تلي زيارته الى بيروت.