اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢٥ أيار ٢٠٢٥
بيروت ـ ناجي شربلوأحمد عز الدين
يعود اللبنانيون، إلى ما يصح تسميته «اليوم التالي» للانتخابات البلدية والاختيارية، والتي شكلت باكورة الملفات التي تصدى لها العهد برئاسة الرئيس العماد جوزف عون والحكومة برئاسة نواف سلام بنجاح. وستكون الأنظار منذ «اليوم التالي» على الخطوة الديموقراطية الأكبر، أي الانتخابات النيابية المقررة بعد سنة، والتي يتوقع ان ترسم خارطة جديدة خاصة بالقوى السياسية في البلاد.
وبين المحطتين الانتخابيتين في صناديق الاقتراع، نجحت الإدارة السياسية اللبنانية في تسجيل نقطة بارزة، مفادها تقدمها بخيار الديبلوماسية والطلب من الدول الصديقة الضغط على إسرائيل لتمرير الانتخابات في محافظتي الجنوب والنبطية. وان كانت الغصة الأبرز، عدم القدرة على إقامة مراكز اقتراع في القرى والبلدات من الحافة الحدودية المتقدمة، والتي دمرتها إسرائيل في حربها الموسعة بين 20 سبتمبر و27 نوفمبر 2024.
وبين المحطتين، لابد للعهد الرئاسي من بذل مزيد من الجهد لتحريك ملف المساعدات الاقتصادية للبنان، والعمل قدر الإمكان على تفادي ربط ملية إعادة الإعمار بتسليم السلاح، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، خشية غرق البلاد بمزيد من التعثر الاقتصادي والخدماتي.
ولا يختلف اثنان على صعوبة مهمة رئيس الجمهورية وحكومته، ذلك انه يسير بين النقاط، من دون إسقاط الحزم لجهة تقديم منطق الدولة على ما عداه. وهو يجهد لحث القوى الداخلية على تفهم حاجات البلاد، ومساعدتها الدولة في إطلاق عملية النمو وخصوصا على الصعيد الاقتصادي والخدماتي.
في أي حال، انتهت الانتخابـــات البـلـديـــة والاختيارية، عشية ذكرى التحريري في 25 مايو التي اختلفت هذه السنة عما كانت عليه البلاد منذ 24 سنة، اذ عاد الاحتلال الإسرائيلي بقوة إلى البلاد من جنوبها إلى بقاعها: جغرافيا في مناطق حدودية تقدر بخمس، وعمليا بوضع الجنوب والبقاع تحت دائرة العمليات الحربية الإسرائيلية من دون رادع، ذلك ان إسرائيل تتذرع بالحرص على إزالة أي تهديد عسكري قد يطالها.
ولا بديل للبنان عن التعويل على «الحصانة» الدولية والعربية في وجه إسرائيل، شرط ان تكون الأمور في عهدة الدولة اللبنانية بلا شريك، كما يطالب المجتمعان الدولي والعربي، والغالبية الساحقة من اللبنانيين.
وأكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، في رسالة نشرها عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه «يأتي عيد التحرير وفرحتنا لن تكتمل ما لم تحرر كامل أراضينا من الاحتلال الإسرائيلي. وبهذه المناسبة أعود وأؤكد التزام الحكومة في بيانها الوزاري بالثوابت التالية: وجوب اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي وبسط سيادة الدولة على جميع أراضيها، بقواها الذاتية، وفق ما جاء في اتفاق الطائف».
وأكد على «حق لبنان في الدفاع عن النفس في حال حصول أي اعتداء، وذلك وفق ميثاق الأمم المتحدة، بالإضافة إلى اعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي من خلال حشد الدعم العربي والدولي من أجل تحقيق ذلك».
الرئيس ميشال سليمان قال في تصريح خاص بعيد التحرير الذي تزامن مع انتخابه رئيسا للجمهورية في 2008: «اليوم وبعد النكبة التي حلت بلبنان من جراء حرب الاسناد، يتعين على حزب الله اتخاذ قرار وطني ينقذ لبنان ويحفظ ما تبقى من هذه الانجازات عبر الاعلان عن إلغاء التنظيم العسكري وتسليم السلاح للدولة».
وقد شكلت الانتخابات البلدية والاختيارية في الجنوب، والتي كانت خاتمة هذه العملية وصودفت مع ذكرى تحرير الجنوب في 25 مايو 2000 مناسبة ليوجه من خلالها «الثنائي الشيعي» رسالة داخلية وخارجية بأن القرار عنده في تلك البقعة من البلاد، على الرغم من ان الانتخابات إنمائية بلدية ولا علاقة لها بالسياسة وبالقرارات الدولية.
ولابد من الإشارة إلى ان عمليات «التزكية» التي شملت معظم بلديات الجنوب، جاءت نتيجة ضغوطات تحت عنوان ان غياب قوة الموقف الموحد لهذا «الثنائي» يضعف المواجهة مع الاحتلال والسعي إلى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي وإعادة اعمار البلدات المهدمة. ولابد من التوقف في المقابل عند الكثير من اللوائح التي واجهت «الثنائي»، واستطاع بعضها إقصاء لوائحه، فيما اعتبر البعض الآخر انه حقق فوزا معنويا وان لم يصل إلى المجالس البلدية والاختيارية.
وختم المشهد البلدي اللبناني على «عودة مظفرة» لحزب «التيار الوطني الحر» من بوابة الجنوب، وتاليا دائرة صيدا ـ جزين، اذ شكلت الانتخابات البلدية والاختيارية «بروفة جيدة» للتجربة النيابية السنة المقبلة، وعودة «التيار» نيابيا.
وتوجه قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى العسكريين بمناسبة انتهاء الانتخابات البلدية والاختيارية ومهمات حفظ الأمن المتعلقة بها، بكلمة هنأهم فيها «على أدائكم المشرف خلال مواكبة الانتخابات البلدية والاختيارية، في مرحلة دقيقة يشهد فيها وطننا تحديات استثنائية. لقد أثبتم مجددا أنكم على قدر الثقة والمسؤولية، حاضرين بكل التزام وانضباط، ومؤتمنين على حماية وجه لبنان الديموقراطي». وأضاف «إن ما قمتم به لتأمين الظروف المناسبة، ومعالجة الإشكالات بحكمة واحتراف، فضلا عن ملاحقة مطلقي النار وتوقيفهم، كله ساهم في إنجاح هذا الاستحقاق الوطني، وعكس صورة مشرقة عن دور الجيش كضامن للاستقرار وحام للدستور. مسؤوليتنا كبيرة، لكن ثقتي بكم وبصلابتكم تجعلني على يقين بأننا سنواصل مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، مهما اشتدت الصعاب، حفاظا على أمن الوطن وكرامة شعبه».
وبانتهـــاء العمليـــة الانتخابية، يسجل للحكومة الإشراف الحيادي والمتابعة المسؤولة. فيما تعود عجلة الحركة السياسية إلى نشاطها السابق. وفي هذا الإطار، ذكرت مصادر ديبلوماسية ان محادثات الملف النووي في جلستها الأخيرة ناقشت موضوع الموقوفين من جنسيات مختلفة سواء في العراق أو ايران ومنهم الجنسية الإسرائيلية، ما يفتح الباب أمام مناقشة مصير الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل.