اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٤ نيسان ٢٠٢٥
أمرت إيران بسحب أفرادها العسكريين من اليمن، متخلية عن حلفائها من الحوثيين، في الوقت الذي تصعّد فيه الولايات المتحدة حملة الضربات الجوية ضد الجماعة المتمردة.
وقال مسؤول إيراني رفيع لصحيفة «تلغراف» البريطانية إن هذه الخطوة تهدف إلى تجنّب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة إذا قُتل جندي إيراني.
شغل إيران الشاغل
وأضاف المسؤول أن إيران تقلّص أيضًا استراتيجيتها في دعم شبكة من الوكلاء الإقليميين، من أجل التركيز على التهديدات المباشرة من الولايات المتحدة. وقال المصدر إن الشاغل الرئيسي لطهران هو الرئيس الأميركي دونالد «ترامب وكيفية التعامل معه».
وأضاف: «كل الاجتماعات تهيمن عليها مناقشات حوله، ولم نعد نناقش أيًّا من الجماعات الإقليمية التي كنا ندعمها سابقًا». ومنذ تسرّب رسائل دردشة من كبار مسؤولي إدارة ترامب إلى الإعلام الشهر الماضي، شنت الولايات المتحدة هجمات شبه يومية على الحوثيين».
وقد وصف دونالد ترامب الضربات بأنها «ناجحة بشكل لا يُصدق»، حيث دمّرت أهدافًا عسكرية مهمة وقتلت قادة ميدانيين.
وقال متحدث باسم البنتاغون إن مزيدًا من الطائرات الحربية سيتم إرسالها إلى المنطقة، دون إعطاء تفاصيل محددة.
ومع ذلك، أعلنت وحدة المقاتلات 124 التابعة لسلاح الجو الأمريكي في أواخر الشهر الماضي أنها سترسل «عدة»' طائرات هجومية من طراز A-10 Thunderbolt II و300 فرد من الطاقم الجوي إلى الشرق الأوسط.
ويُعتقد أيضًا أن خبيرًا عسكريًا روسيًا في صنعاء، عاصمة اليمن، يقدّم المشورة للحوثيين بشأن كيفية تنفيذ هجماتهم مع تجنّب استهداف السعودية.
وقد قصفت المملكة قوات الحوثي في اليمن منذ تدخلها في الحرب الأهلية عام 2015، واستضافت محادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن إمكانية وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وأعلن الحوثيون أنهم يهاجمون السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر، بما في ذلك حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» التي تقود الجهود لضرب الجماعة المتمردة.
ولم تصب أي سفينة حتى الآن، لكن البحرية الأميركية قالت إن نيران الحوثيين كانت الأثقل التي واجهها بحارتها منذ الحرب العالمية الثانية. وتتجه حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس كارل فينسون»، الموجودة حاليًا في آسيا، إلى الشرق الأوسط لدعم «ترومان».
«لن يتمكنوا من البقاء»
وقال مصدر في النظام الإيراني: «وجهة النظر هنا هي أن الحوثيين لن يتمكنوا من البقاء، ويعيشون شهورهم الأخيرة أو حتى أيامهم، لذلك لا جدوى من الإبقاء عليهم ضمن شبكتنا»
وأضاف: «كانوا جزءًا من سلسلة اعتمدت على نصر الله [الأمين العام السابق لحزب الله] والأسد، والإبقاء على جزء واحد فقط من تلك السلسلة لا معنى له في المستقبل».
وكان ترامب قد كثف الضغوط على إيران للجلوس إلى طاولة المفاوضات لمناقشة الحد من برنامجها النووي. وفي الأسبوع الماضي، نقل قاذفات الشبح B-2 إلى قاعدة دييغو غارسيا العسكرية الأمريكية-البريطانية في جزر شاغوس.
وقد تغيّر الموقف الأمريكي من إيران والشرق الأوسط بشكل جذري منذ تولي ترامب السلطة.
وقالت سنام وكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز «تشاتام هاوس» للدراسات الدولية، إن تصاعد الضربات الأميركية على اليمن يمثل محاولة من إدارة ترامب للتميّز عن الإدارة السابقة.
وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد أزال الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية في عام 2021 – وهو قرار ألغاه ترامب في كانون الثاني الماضي.
وقالت وكيل: «ترامب يحاول إثبات أنه أكثر فاعلية في إنهاء وحل النزاعات من إدارة بايدن». وأضافت أن الضربات «مرتبطة بحملة الضغط القصوى التي يتبناها، ويريد في الوقت نفسه توجيه رسالة إلى إيران ومحور المقاومة بأن إدارته ستتخذ نهجًا أكثر جرأة تجاه زعزعة الأنشطة الإقليميةù.
وقال محمود شهره، دبلوماسي يمني سابق ومشارك حالي في «تشاتام هاوس»، إن الولايات المتحدة كانت تنتهج «استراتيجية دفاعية» ضد الحوثيين خلال فترة حكم بايدن.
وقال من عمان، عاصمة الأردن، لصحيفة التليغراف: «سوء التقدير السابق بشأن الحوثيين في الولايات المتحدة دفع ترامب إلى توجيه ضربات أثقل ضدهم الآن، و[الولايات المتحدة] بدأت تستهدف أفرادًا ومؤثرين رئيسيين في صفوفهم».
وأوضح أن الأسلحة التي يمتلكها الحوثيون أكثر تطورًا، مما يجعلهم أقوى من الجماعات غير الحكومية الأخرى التابعة لإيران في المنطقة.
وأضاف شهره: «بعد انهيار حزب الله ونظام الأسد، أصبح الحوثيون الآن في الخط الأمامي، وقد نفذوا هجمات مكثفة للغاية – إنهم يصعّدون ويغامرون لأن ذلك يطيل عمرهم السياسي في اليمن، بحسب حساباتهم الخاصة».
وقال «إنهم يتلقون صواريخ وطائرات مسيرة من إيران ويعيدون تسميتها بأسماء حوثية لأنهم لا يريدون إظهار صلتهم بإيران بسبب البروباغندا الداخلية». وقد أتاح نجاح إسرائيل في مواجهة حماس وحزب الله – وهما عنصران أساسيان في شبكة وكلاء إيران – فرصة لإضعاف نفوذ النظام الإسلامي.
ويعتقد المحللون أيضًا أن فشل إيران في تنفيذ ضربات صاروخية فعالة على إسرائيل العام الماضي قد أضرّ بقدرتها على تقديم ردع موثوق ضد الهجمات الخارجية، كما أضعف معنويات حلفائها.
وقد دمّر الجيش الإسرائيلي معظم البنية التحتية لحماس في غزة، وألحق خسائر فادحة بحزب الله. كما فشلت إيران في حماية بشار الأسد، الرئيس السوري المخلوع والحليف الأساسي، من هجوم مفاجئ شنّه المتمردون وأسفر عن الإطاحة به في كانون الأول.
ومع تراجع نفوذ حزب الله، حاول الحوثيون أخذ مكانه في قيادة القتال ضد إسرائيل.
«ليسوا مثل حزب الله»
ومنذ هجمات 7 أكتوبر 2023 التي قادتها حماس على إسرائيل، حسّن الحوثيون من تكتيكاتهم وقدراتهم الصاروخية، وبنوا صورة عامة قوية.
تقول الصحيفة «إنهم يسيطرون على صنعاء، يطبعون النقود، يجمعون الضرائب، يحوّلون المساعدات، يهرّبون المخدرات، يبيعون الأسلحة لجماعات إرهابية في إفريقيا، ويعطلون طرق الشحن الدولية في البحر الأحمر».
كما أنهم يتمتعون بميزة جغرافية؛ فطبيعة اليمن الجبلية، المشابهة لأفغانستان، تساعدهم على إخفاء مخازن الصواريخ والطائرات المسيرة في الكهوف وتحت الأرض.
وقال شهره: «ليس لديهم خبرة مثل حزب الله، لكنهم أكثر عدوانية وخطورة في الوقت ذاته – عبد الملك الحوثي يطمح إلى قيادة محور المقاومة».
وأضاف «شوارع اليمن مليئة بالغضب – الحوثيون لا يدفعون الرواتب ويفرضون ضرائب مطلقة دون تمثيل، لذلك فإن قاعدتهم الاجتماعية ليست قوية، ولهذا يعتمدون على حرب غزة».