اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٥ أيار ٢٠٢٥
تُعدّ الانتخابات البلدية أحد أبرز مظاهر الممارسة الديمقراطية الفعلية، إذ تتيح للمواطنين فرصة التعبير المباشر عن إرادتهم في اختيار من يمثلهم في إدارة شؤونهم المحلية. ومن خلال هذه العملية، يتحقق مبدأ المشاركة الشعبية الذي يُعد حجر الأساس في أي نظام ديمقراطي حقيقي، حيث تكون السلطة في يد الشعب، ويُمارسها من خلال صناديق الاقتراع.
البلديات تمثّل الحلقة الأقرب إلى حياة المواطن اليومية، فهي المسؤولة عن الخدمات الأساسية مثل البنى التحتية، النظافة، التخطيط العمراني، والصحة العامة. ومن هنا، فإن فعالية العمل البلدي تنعكس مباشرة على جودة حياة المواطنين. وتُعتبر الانتخابات البلدية فرصة لتجديد الدماء في المجالس المحلية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إذ يصبح المنتخبون تحت رقابة الناخبين الذين منحوا ثقتهم لمن التزم بتحقيق مصالحهم.
وعلى صعيد التنمية المستدامة، فإن دور البلديات لا يقل أهمية عن دور الحكومات المركزية. فهي القادرة على تنفيذ خطط التنمية وفقًا لخصوصيات المناطق، بما يراعي الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية. فالاستثمار في الطاقة النظيفة، وإدارة النفايات، وتوفير بيئة ملائمة للعيش، كلها مسؤوليات يمكن للسلطات المحلية الاضطلاع بها بفعالية إذا توفرت لها الشرعية والدعم الشعبي اللازم.
إن الانتخابات البلدية ليست مجرد استحقاق دستوري، بل هي ممارسة أساسية لإشراك المواطن في صنع القرار، وتعزيز ثقافة المواطنة، وتحقيق تنمية متوازنة وشاملة. ومن هنا، تكتسب أهمية قصوى في بناء مستقبل ديمقراطي قائم على التشاركية والعدالة والاستدامة.
تشجيع المواطنين على المشاركة بكثافة في الاقتراع للانتخابات المحلية يتطلب مزيجًا من التوعية، التحفيز، وبناء الثقة، لأن كثير من المواطنين لا يدركون مدى تأثير المجالس البلدية على حياتهم اليومية، وأهمية دور البلديات في الخدمات والتعليم والبنية التحتية والبيئة. وبالتالي فإن صوتهم يصنع فرقًا مباشرًا.
وعندما يشعر المواطن أن صوته قد يحل أزمة النفايات، أو يُحسّن الطريق، أو يوفّر فرص العمل، يزداد حماسه للمشاركة.
وبناء الثقة في العملية الانتخابية أمر أساسي. وكلما شعر المواطن أن صوته لن يُهدَر، وأن النتائج ستكون نزيهة، زادت رغبته في التصويت.
وأخيراً فإن المشاركة تبقى واجباً وطنياً، لأن الإنتخابات البلدية تعتبر بمثابة الخطوة الأولى نحو اللامركزية الإدارية الموسعة التي نص عليها إتفاق الطائف والدستور المنبثق عنه، والتي طال إنتظار تحقيقها نحو عشرين عاما.
في مطلق الأحوال، فإن إجراء الإنتخابات البلدية في موعدها، بعد تأجيلات متكررة في سنوات الشغور الرئاسي، يعتبر إنجازاً مهماً للعهد والحكومة السلامية، يضاف إلى مجموعة مشاريع القوانين الإصلاحية التي أقرتها الحكومة في فترة زمنية قياسية، وكان آخرها مشروع قانون إستقلالية القضاء.