اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٦ حزيران ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
لا يخفي اللبنانيون المغتربون شوقهم الكبير لزيارة وطنهم الأم، فكل مناسبة دينية أو عطلة صيفية تُعدّ فرصة ثمينة للعودة إلى ربوع لبنان. لكن هذا الحماس يُقابله عائق مادي متكرر يتمثل في الارتفاع الكبير لأسعار تذاكر السفر، خصوصاً في فترات الأعياد والمواسم. فبين رغبة العودة وتكاليف الرحلة، يجد الكثير من اللبنانيين أنفسهم عالقين بين الحنين والقدرة المحدودة، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذا الغلاء، وما إذا كان ناتجاً عن ديناميكيات السوق فقط أم عن عوامل أخرى تزيد من الأعباء على كاهل المسافرين.
فبينما يتداول اللبنانيون في الآونة أن أسعار تذاكر السفر من وإلى لبنان في ارتفاع مستمر، مما يثير القلق خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وبينما يلاحظ الكثير من المغتربين ارتفاعاً كبيراً في الأسعار مع اقتراب موسم الصيف وعودة آلاف اللبنانيين لقضاء عطلتهم، يعتبر البعض الآخر أن الواقع يُظهر أن هذا الارتفاع ليس دائماً، بل موسمي ويرتبط بفترات الأعياد نتيجة زيادة الطلب لا أكثر. ويبقى السؤال: هل تعكس أسعار التذاكر واقعاً اقتصادياً قائماً على قوانين العرض والطلب الموسمي، أم أن هناك عوامل أخرى تؤدي إلى رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه في فترات معينة؟
من هذا المنطلق، يقول رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان، جان عبود في حديثٍ خاص لـ«اللواء» إن «شركات الطيران ومنهم «الميدل ايست» هي شركات تجارية هدفها تحقيق الربح، وثمة عناصر عديدة تحدد سعر تذاكر السفر، بدءاً من العنصر الأهم على الإطلاق وهو عنصر العرض والطلب، فبرنامج شركات الطيران ينقسم إلى قسمين في السنة، القسم الأول المعروف بالـ «low season»، الذي يمتد من شهر كانون الثاني حتى شهر نيسان، فخلال هذا الموسم شركات الطيران تقوم بتخفيض أسعار تذاكر السفر لأن العرض يكون أقلّ من الطلب».
ويتابع: «ابتداءً من أول شهر أيار وما يليه من أشهر الطلب يكون أكثر من العرض، لذا ترتفع خلاله أسعار تذاكر السفر ويسمّى هذا الموسم بما يُعرف بالـ «high season». معتبراً أن «أسعار تذاكر السفر ترتفع بشكل ملحوظ خلال فترات الأعياد وكذلك خلال أشهر محددة على مدار السنة، إذ يعود المغتربون لزيارة أهلهم، ويزداد الإقبال على السفر من اللبنانيين والسياح على حد سواء، فهذا الطلب المرتفع يدفع شركات الطيران إلى تعديل أسعارها وفقاً لقواعد العرض والطلب، وهي ممارسة شائعة عالمياً».
أما خارج هذه الفترات، فيوضح عبود أن «الأسعار تميل إلى الانخفاض، بل ويمكن العثور على تذاكر بأسعار تنافسية جداً، خاصة إذا تم الحجز مسبقاً أو خلال العروض الترويجية. إذاً، المشكلة ليست في الأسعار بحد ذاتها، وإنما في التوقيت الذي يختاره كثير من الناس للسفر، والذي غالباً ما يتزامن مع مواسم الذروة، مما يؤدي إلى الارتفاع الظرفي للأسعار».
من هنا، يرى أنه «من المهم توعية الجمهور بأن التخطيط المسبق، والمرونة في مواعيد السفر، يمكن أن يساعدا في تجنّب الأسعار المرتفعة، وأن ارتفاع التكاليف ليس ناتجاً عن سياسات جائرة أو سوء إدارة، بل هو نتيجة منطقية لديناميكيات السوق التي تُطبق عالمياً».
وعن العنصر الثاني، يشرح عبود أنه «يرتبط بموعد الرحلة وعدد الرحلات المتوفرة، وهما عاملان يؤثران بشكل مباشر في أسعار التذاكر. كما أن اختيار رحلة بدون توقف أو هبوط في مطارات وسيطة ينعكس أيضاً على تكلفة التذكرة».
وفي سياق متصل، يشدّد عبود أنه «اليوم أصبح لدينا إدارة لاحتساب الكلفة التشغيلية للطائرة ذهاباً وإياباً، وهذه الكلفة تختلف من شركة طيران إلى أخرى، فعلى سبيل المثال شركة طيران «الميدل ايست» تضيف كلفة الصيانة والتأمين على الكلفة التشغيلية، وتفرضها على «سيستام» الحجز».
وعليه يختم عبود: «أسعار تذاكر السفر لا ترتفع بشكل دائم أو عشوائي كما يُشاع، بل تخضع لمجموعة من العوامل المتداخلة. يأتي في مقدّمتها مبدأ العرض والطلب، حيث ترتفع الأسعار تلقائياً في فترات الذروة كالأعياد والعطل الصيفية نتيجة الإقبال الكبير. إلى جانب ذلك، يلعب توقيت الحجز دوراً حاسماً، فالحجوزات المبكرة تكون عادةً أقل تكلفة، في حين أن الحجز في اللحظة الأخيرة يرفع السعر بشكل ملحوظ، خاصة عندما تقلّ المقاعد المتاحة. كذلك، فإن عدد الرحلات المتوفرة وشركات الطيران المشغّلة على الخط يؤثر بشكل كبير. من هنا، يتضح أن الأسعار تتحدد بناءً على معايير تجارية يمكن للمسافر التعامل معها بذكاء، من خلال التخطيط المسبق واختيار التوقيت المناسب للحجز».