إيران أصيبت بـ"حادث صعب"… البحث جارٍ عن رئيسي وعبد اللهيان

وسط إنشغالات كثيرة في المنطقة، من مصير رفح المرتبط مباشرة بما بعد الحرب الاسرائيلية على غزة واحتمالات تسوية شرق أوسطية جديدة، مع انكشاف مسار تفاوضي أميركي – ايراني لضمان عدم فلتان الوضع ميدانياً، جاء خبر فقدان طائرة هليكوبتر تقل الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ومسؤولين، بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان بعد 'حادث صعب'، ليحتل صدارة الاهتمامات والمتابعات، بإفتراض أنه حادث تحطم يمكن أن يحصل في طقس عاصف، فكيف باحتمالات أن يكون حادثاً مدبراً، أي إغتيالاً، حيث يمكن لأي مخيلة مدربة سياسية أن تنتج سيناريوهات كثيرة عن الأهداف والمنفذين.

مثّل 'الهبوط الصعب' لرئيسي الفصل الأول في لعبة الكراسي التي ستستهلك الجمهورية الاسلامية لعدة أشهر، وتمهد الطريق ليس لعصر ما بعد رئيسي وحسب، ولكن لمرحلة ما بعد خامنئي أيضاً، فالمعروف أن رئيسي يُشكل أحد أكبر المنافسين لكونه يُعد خليفة خامنئي، وخصوصاً لكونه محبوباً ومقرّباً من الحرس الثوري الايراني.

وفي المقابل، كان اسم الرئيس الايراني مدرج على القائمة الأميركية السوداء للمسؤولين الايرانيين المتّهمين بـ'التواطؤ في انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان'، وهي اتهامات رفضتها السلطات في طهران باعتبارها لاغية وباطلة.

أما عبد اللهيان الذي عيّنه رئيسي وزيراً للخارجية في تموز 2021، فيؤيّد بشدة الفصائل الموالية لايران في الشرق الأوسط. وكان مقرّباً من قائد 'فيلق القدس' الجنرال قاسم سليماني، الذي قُتل في العاصمة العراقية عام 2020 بضربة أميركية.

وقبيل الحادثة، كان رئيسي يفتتح بالأمس مع رئيس أذربيجان الهام علييف سد 'قيز قلعة سي' على الحدود بين البلدين، وهو مشروع مشترك.

حياة رئيسي وعبد اللهيان بخطر

وتعقيباً على الخبر، قال مسؤول إيراني: 'ان طائرة هليكوبتر تقل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان سقطت بالأمس، في أثناء تحليقها عبر منطقة جبلية يحيط بها ضباب كثيف، وذلك فيما تواجه فرق الإنقاذ صعوبات في الوصول إلى موقع الحادث'. وأشار الى أن 'حياة رئيسي وعبد اللهيان في خطر بعد سقوط طائرة الهليكوبتر، والذي حدث أثناء العودة من زيارة إلى حدود إيران مع أذربيجان'.

وكان رئيس أركان الجيش الايراني أمر بحشد جميع موارد الجيش والحرس الثوري في عمليتي البحث والإنقاذ.

نفي العثور على حطام الطائرة

وبعدما أشارت المعطيات الى العثور على حطام مروحية رئيسي، التي كانت ضمن موكب من ثلاث مروحيات تقلّه برفقة مسؤولين آخرين، نفى 'الهلال الأحمر' العثور على الحطام، بحسب ما نقل عنه التلفزيون الايراني.

وفور شيوع الخبر، توجّه نائب الرئيس محمد مخبر إلى تبريز بصحبة عدد من الوزراء، بحسب المتحدث باسم الحكومة. ومخبر هو الذي سيتولّى مهام الرئيس بالإنابة في حال وفاة رئيسي، في انتظار إجراء انتخابات رئاسية في غضون 50 يوماً، خصوصاً وأن الدستور الايراني ينص على تولي لجنة مؤقتة مهام الرئاسة الايرانية، في حال لم يتمكن الرئيس من ممارسة صلاحياته لمدة شهرين لأي سبب من الأسباب. وبموجب المادة 131، فإن لجنة ستتولى مهام الرئيس في حال وفاته أو غيابه أو المرض لمدة تزيد على شهرين، أو في حال انتهاء ولاية الرئيس، ولم يُنتخَب رئيس جديد.

وهذه ثالث مرة قد تواجه إيران تشكيل لجنة مؤقتة لتولي رئاسة الحكومة، بحيث كانت المرة الأولى بعد عزل الرئيس السابق أبو الحسن بني صدر الذي عزله المرشد الأول، الخميني، بتهمة خيانة مبادئ الثورة الايرانية. والمرة الثانية كانت بعد اغتيال رئيس الوزراء الايراني محمد علي رجائي عام 1981.

خامنئي: شؤون الدولة لن تتعطل

وبعدما عمّت الصلوات إيران، طلب خامنئي، 'أن يصلي الجميع من أجل صحة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه'. ودعا الايرانيين إلى عدم القلق، مؤكداً أن 'شؤون الدولة لن تتعطل'.

ردود الفعل

وفيما عبّرت دول مجاورة عن قلقها وعرضت تقديم المساعدة في عمليات الانقاذ، أعربت وزارة الخارجية والمغتربين عن تعاطفها مع حكومة إيران وشعبها في هذه المحنة، وتمنياتها بالسلامة والوصول الى بر الأمان للرئيس الايراني ومرافقيه.

وأعلن البيت الأبيض أنه جرى إطلاع الرئيس الأميركي جو بايدن على التقارير المتعلقة بالحادث. فيما عرض الاتحاد الأوروبي تفعيل خدمة الخرائط عبر الأقمار الصناعية لمساعدة إيران في جهود البحث.

وأعربت السعودية عن دعمها لايران، وقالت إنها مستعدة لتوفير أي مساعدة لازمة. وأشارت وزارة الخارجية الى أن المملكة تتابع التقارير بشأن سقوط الهليكوبتر 'بقلق بالغ'.

كما أعلنت وزارة الخارجية الاماراتية عن متابعتها لما يحدث بـ 'قلق بالغ'.

وأملت في أن 'تتكلل عمليات البحث والإنقاذ عن مروحية الرئيس الايراني بالنجاح'، مؤكدةً 'الاستعداد التام لتقديم ما يمكن من دعم عمليات البحث والإنقاذ'.

وأمر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الجهات المختصة 'بعرض الامكانات المتوفرة على الجمهورية الاسلامية للمساعدة في البحث عن طائرة الرئيس الايراني'.

وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة 'استعداد المملكة لتقديم كل أشكال الدعم والإسناد اللازم'.

وأرسلت تركيا 32 عامل إنقاذ وستّ مركبات إلى إيران للمشاركة في عمليات البحث الجارية عن المروحية. وأعرب الرئيس رجب طيب اردوغان عن 'حزنه الشديد' للحادث، وعرض على طهران 'كل الدعم الضروري' في عملية البحث.

الراعي

أما داخلياً، فقال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد: 'نصلّي لكي يمسّ ضمائر المعطّلين انتخاب رئيس للجمهوريّة وربطه حاليّاً بحرب غزّة. فمن أجل هذه الحرب، يجب أن يكون للبنان رئيس ذو صلاحيّة كاملة للتفاوض في هذا الشأن. وبما أنّ الحالة التفاوضيّة بشأن لبنان والمنطقة، فمن الضرورة بمكان وجود رئيس للجمهوريّة يستطيع دون سواه الجلوس إلى مائدة التفاوضات'.

وأضاف الراعي: 'لا يوجد بالنسبة إلينا أي سبب مبرِّر لعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة لكي تنتظم المؤسّسات الدستوريّة وتتمّ المحافظة على الدستور والكفّ عن مخالفته يوميّاً. فعلى حفظه يقسم رئيس البلاد يمينه الدستوريّة. ففي غيابه لا دستور، ولا قانون، سوى النافذين بكلّ أسف'.