اخبار لبنان
موقع كل يوم -أي أم ليبانون
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
جاء في 'الراي الكويتية':
لم تكن بيروت خرجتْ بعد من تأثير «الصُداع» الذي أصابها وهي تفكّك «شيفرة» المواقف التي أعلنها خلال زيارته «بلاد الأرز»، حتى عاود الموفدُ الأميركي توماس براك، «الكرّةَ» مُطْلِقاً جولة جديدة من «دبلوماسية الصدمة»، قبل أن يوضحها أمس، مؤكداً أن تحذيراته في شأن سوريا و«العودة إلى بلاد الشام»، «فُهمت خطأً»، موضحاً أنها «لم تكن تهديداً للبنان».
وإذ كان لبنان مازال مشدوداً لكيفية تلقُّف واشنطن الجوابَ الذي حمّله كبارُ المسؤولين إلى براك على الورقة التي سبق أن طَرَحَها حول سلاح «حزب الله» ووجوب سحْبه بتوقيتٍ مضبوطٍ على ساعة التحولات الإقليمية التي تسير «بسرعة هائلة»، أطلّ المبعوث الأميركي إلى سوريا وسفير بلاده إلى تركيا، من نيويورك، الجمعة، بكلامٍ بارز:
– وسّع في جانبٍ منه دائرة الالتباساتِ بإزاء الآليات اللبنانية لسحْب السلاح ودور «حزب الله» في الموافقة على ذلك وتأثير هذا القبول على المسارِ الذي يتعيّن أن يمرّ عبر مجلس الوزراء ويكون الجيش اللبناني «الوعاء» التنفيذي له.
– وأَوْغَلَ في التحذير من «المخاطر الوجودية» التي تترتّب على عدم «لحاق لبنان بالركب» و«الانضمام إلى صفوف» المتغيرات «فكلّ مَن حوله سيفعلون ذلك» في لحظة «يعاود فيها تدوير مستقبل الجميع».
فبراك، الذي تستعدّ بيروت لعودته في الأسبوعين المقبلين في «جولة إياب» من مهمته الشائكة، يُنتظر أن تحمل الردّ الأميركي على الردّ اللبناني، بدا في تصريحاتٍ نقلتْها عنه وسائلُ إعلام عدة أكثر وضوحاً في تحديد ما هو «على المحك» للبنان في حال بالغ في اختبار «صبرَ أيوب» للرئيس دونالد ترامب «والذي ليس بلا حدود»، مقارباً للمرة الأولى مسألة بالغة الحساسية والخطورة وفق معادلة «إذا لم يحلّ لبنان قضية سلاح حزب الله قد يواجه تهديداً وجودياً ويعود إلى بلاد الشام».
ونقلت صحيفة «ذو ناشونال» عن براك «هناك إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تُثْبِت وجودها بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فستعود بلاد الشام من جديد»، مستخدماً الاسم التاريخي للمنطقة السورية.
وأضاف: «يقول السوريون إنّ لبنان منتجعنا الساحلي. لذا علينا التحرّك. وأنا أعلم مدى إحباط الشعب اللبناني. وهذا يُحْبِطُني».
وأوضح رداً على سؤال من صحيفة «عرب نيوز»، أن أي عملية لنزع سلاح الحزب يجب أن تقودها الحكومة، وبموافقة من الحزب نفسه.
وقال «يجب أن تبدأ هذه العملية بمجلس الوزراء. عليهم أن يُقرّوا التفويض. وعلى حزب الله، الحزب السياسي، أن يوافق على ذلك».
وتابع «في رأيي، حزب الله – كحزب سياسي – ينظر إلى الأمور ويقول بمنطقية: من أجل شعبنا، يجب أن يرتكز نجاح لبنان على جمع السنّة والشيعة والدروز والمسيحيين معاً. الآن هو الوقت. كيف نصل إلى ذلك؟ يجب أن تكون إسرائيل جزءاً من هذه العملية».
ولفت الى أنه «اذا تم التوصل الى توافق داخل مجلس الوزراء وبين رؤساء رئيس الجمهورية والحكومة ومجلس النواب ووافق حزب الله تدريجياً على التخلي عن أسلحته الثقيلة، فإن ذلك قد يشكل بداية. فالجميع في لبنان يحمل سلاحاً خفيفاً، لكن الحديث هنا عن الأسلحة التي يمكن أن تؤثر على إسرائيل. هذه عملية تحتاج إلى دعم وإلى أن يتم تمكين الجيش اللبناني للقيام بمهمة جمْع الأسلحة. كل هذه العناصر يجب أن تحدث في وقت واحد: تمكين الجيش، الذي يتمتع باحترام واسع بين اللبنانيين، ثم، بهدوء، مع حزب الله، ولينٍ يمكنهم أن يقولوا: إليكم آلية إعادة الأسلحة وجمْعه من دون إشعال حرب أهلية. لأن هذه الأسلحة مخزنة في مرائب وسراديب تحت الأرض وتحت المنازل. اذا حصل ذلك فهذا مسار… هذه القطع يجب أن تأتي معاً».
محادثات خلف الكواليس
وأشار براك، بحسب «عرب نيوز» إلى أن الولايات المتحدة سهّلت محادثات خلف الكواليس بين لبنان وإسرائيل «رغم الحظر القانوني الذي يفرضه لبنان على الاتصال المباشر».
وقال «شكّلنا فريقاً تفاوضياً وبدأنا بدور الوسيط، وأعتقد أن هذا يحدث بكثرة».
وأضاف «انهم (المسؤولون اللبنانيون) راضون بالستاتيكو السياسي – حتى لا يعودون كذلك. ما الذي سيغيّر ذلك؟ ما سيغير ذلك هو انهم سينقرضون».
وختم مؤكداً «أعتقد أن هذه الحكومة مستعدة، هم يتصدون للقضايا. لن نتهاون معهم. نقول لهم: هل تريدون مساعدتنا؟ ها هي. لن نُملي عليكم أي شيء. إن لم ترغبوا، فلا مشكلة – سنعود إلى ديارنا».
«فُهمت خطأً»
وأمس، أكد برّاك، أن تصريحاته الأخيرة بشأن سوريا «فُهمت خطأً»، موضحاً أنها «لم تكن تهديداً للبنان»، بل جاءت في سياق الإشادة بـ»الخطوات المثيرة للإعجاب» التي تتخذها دمشق.
وكتب عبر منصة «إكس»، «تصريحاتي (أول من) أمس كانت إشادة بالتقدم اللافت الذي تحققه سوريا، وليست تهديداً للبنان»، مضيفاً «أشرت إلى واقع أن سوريا تتحرك بسرعة فائقة لاغتنام الفرصة التاريخية التي أتاحها الرئيس دونالد ترامب برفع العقوبات».
وأوضح أن دمشق «بدأت باستقطاب استثمارات من تركيا ودول الخليج، إلى جانب انفتاح دبلوماسي على الدول المجاورة، ورؤية واضحة للمستقبل». وشدد على أن «قادة سوريا لا يطمحون سوى للتعايش والازدهار المتبادل مع لبنان».
وأكد برّاك التزام الولايات المتحدة بدعم العلاقات بين لبنان وسوريا «على أساس جارين متساويين يتمتعان بالسيادة والسلام والازدهار»، معرباً عن تفاؤله بمستقبل العلاقة بين البلدين في ضوء هذه التطورات.
«دبلوماسية التوسّع»
ولم يكن عابراً أن «دبلوماسية التوسّع» في التحذير من المخاطر ومداها، ترافقتْ مع تطورين:
– الأول تصعيد «حزب الله» من لهجته في ما خص سلاحه. إذ في موازاة التداول بشريط (فيديو) لأحد مشايخه وهو يخاطب جمهوره مهدداً «من يرددون عبارات نزع السلاح سننزع أرواحكم»، أعلن عضو المجلس السياسي محمود قماطي (عبر قناة «او تي في») «ان ما قلناه بردّنا ألا بحث بأي أمر جديد ما لم يُنفذ اتفاق وقف النار (27 نوفمبر) وقبل ذلك لسنا مستعدين للتعاطي بأي بند جديد. والرد اللبناني الرسمي تضمّن هذه الأولوية لتنفيذ الاتفاق وانهاء الاحتلال».
وأضاف: «هناك خلط. فحصرية السلاح تشمل الأمن الداخلي ولا علاقة لسلاح المقاومة بهذا المعنى. وسلاح المقاومة يندرج ضمن إطار الدفاع عن لبنان وهو يُبحث على طاولة الحوار مع الرئيس عون بشأن الإستراتيجية الدفاعية».
– والثاني طغيان العنوان السوري في المشهد اللبناني، لدرجةِ كاد معها أن يحجب ملف السلاح.
إجراءات عقابيةّ
ولم يكن ينقص هذا العنوان سوى تحذير براك من «عودة لبنان الى بلاد الشام»، والذي جاء على وهج مناخاتٍ أشيعت (وبينها عبر «تلفزيون سوريا» عن توترات مع بيروت على خلفية ملف الموقوفين السوريين (عددهم أكثر من ألفين) في السجون اللبنانية «الذي بات مادّة مشتعلة قابلة لتفجير أزمة سياسية جديدة»، وأن دمشق تدرس اتخاذ إجراءات عقابية بحق لبنان على المستوى الاقتصادي «كفرض قيود على حركة الشاحنات اللبنانية العابرة للأراضي السورية».
ولم تهدأ المخاوف من هذه المناخات وخلفياتها رغم ما نقلتْه قناة «الإخبارية السورية» عن مصدر في وزارة الإعلام نفى صحة ما تمّ تداوله عن وجود نية لدى الحكومة باتخاذ إجراءات تصعيدية تجاه لبنان.
وكانت الأجواء «الرمادية» في العلاقات حضرت على هامش جلسة مجلس الوزراء اللبناني، الجمعة، حيث أكد وزير الإعلام بول مرقص رداً على سؤال «تم البحث في الكثير من النقاط المرتبطة بالعلاقات اللبنانية – السورية، وما تم تسريبه أخيراً لجهة التوترات وإمكان حصول أعمال أمنية وعسكرية. وقد تبيّن بالفعل أن هذه الأخبار غير صحيحة».