×



klyoum.com
lebanon
لبنان  ٣ أيار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
lebanon
لبنان  ٣ أيار ٢٠٢٤ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

اخبار لبنان

»ثقافة وفن» جريدة اللواء»

حرب غزّة وتجاوُز اضْطرابات ما بعد الصدمات

جريدة اللواء
times

نشر بتاريخ:  الأربعاء ٢٤ نيسان ٢٠٢٤ - ٠٠:٠٥

حرب غزة وتجاوز اضطرابات ما بعد الصدمات

حرب غزّة وتجاوُز اضْطرابات ما بعد الصدمات

اخبار لبنان

موقع كل يوم -

جريدة اللواء


نشر بتاريخ:  ٢٤ نيسان ٢٠٢٤ 

د. مصطفى حجازي*

ليس سهلاً الكتابة عن الحرب في غزّة. فما يجري من عدوانٍ ومَجازر إبادة جماعيّة وبطولاتِ مُقاوَمة يخرج عن قدرة الكتابة العلميّة توصيفاً ومُصطلحاتٍ وتحليلات. ما جرى ويجري في غزّة يحتاج إلى بيانٍ آخر يوصِّف أهواله وإنجازاته وتحليل ظواهره، ما يتطلَّب فِرقاً بحثيّة مُختصّة ومتآزرة تَدرس هذه الحرب في العُمق والشمول والمستويات. وبالتالي ستقتصر هذه المقالة محدودة الحَجْم على التوقّف عند بعض مظاهر هذه الحرب.

بادئ ذي بدء لا بدّ من التأكيد على أنّ الحرب ليست ضدّ هذا الفريق أو ذاك من المقاومة، ولا هي ضدّ فلسطينيّي غزّة وحدها، وإنّما نحن أمام مشروعٍ كبير وطويل النَّفس للسيطرة على المشرق العربي وفصْله عن مَغربه، منذ غزو نابليون لمصر قبل قرنَيْن من الزمان. كما أنّه تكرَّس بوعد بلفور قبل ما يقرب من ثلاثة عقود من المحرقة النازيّة لليهود. إنّه يسبق كثيراً الادّعاء بالحقّ بإقامة وطنٍ آمنٍ لليهود.

الاستيطان في فلسطين يهدف إلى دقّ إسفينٍ في وسط العالَم العربي وصولاً إلى السيطرة متعدّدة الأشكال على هذه المنطقة الجيوسياسيّة الاستراتيجيّة وثرواتها الطبيعيّة الغنيّة. ومن الوَهْم الظنّ بأنّ هذا القطر أو ذاك غير معنيّ وبمنأىً عن هذا المخطَّط الذي يتوسَّل مختلف الوسائل الحربيّة والسياسيّة والاقتصاديّة لإحكام السيطرة. وما إسرائيل سوى القاعدة الأماميّة العسكريّة والتقنيّة المتقدّمة لهذه السيطرة الأميركيّة والغربيّة. يَشهد على ذلك الحشدُ البحري الأميركي غير المسبوق على شواطئ فلسطين بعد طوفان الأقصى، كما يَشهد عليه فَتْحُ مخازن الأسلحة الأميركيّة الأكثر تقدُّماً تقنيّاً ومن دون حسابٍ للجيش الإسرائيلي. وتَشهد عليه حمايةُ إسرائيل في المحافل الدوليّة من خلال الفيتوهات الدائمة، وحمايتها من أيّ إدانة من الهيئات الدوليّة منذ إنشائها.

وهنا يُطرح التساؤل عن صمت المثقّفين العرب عمّا يجري في غزّة. فما هو دَور المثقّف إن لم يكرِّس فكرَهُ وجهدَهُ للدفاع عن كيانِ أُمّته ومصالحها؟ ولماذا يَسكت هؤلاء المثقّفون وينخرطون في مُناقشاتٍ لا حدود لها لبعض المفاهيم الغربيّة وقضاياها؟ وما نفع المثقّف ودَوره إن لم يهتمّ بمصير أمّته وما يحيط بها من أخطار؟

نتوقّف بعجالة عند أمور ثلاثة يحتاج كلٌّ منها إلى أبحاثٍ مستفيضة قائمة بذاتها: بطولات المقاومة؛ مخطّط الإبادة والتطهير العرقي الذي تُمارسه إسرائيل وصمود الأهالي إزاء مجازر الإبادة ومِحن الاعتداءات.

بطولات المُقاوَمة

يُجمِع المُحلِّلون العسكريّون والسياسيّون على أنّ الحرب في غزّة تشكِّل بكلّ المعايير أنموذجاً إبداعيّاً في فنون مُقاوَمة جيش العدوّ الإسرائيلي. ويذهب بعضهم إلى القول إنّ هذه المُقاوَمة وفنونها سوف تُدرَّس في المعاهد العسكريّة نظراً لفرادتها وفاعليّتها. إنّها إبداعُ حرب الأنفاق ومفاجأة العدوّ من الخَلف، ومن مسافاتٍ صفريّة أُعِدَّ لها بتخطيط مُتقنٍ وطويل النَّفس. أوَ ليس إبداعاً استخدام المظلّات الشراعيّة بمثابة وسائل إنزال مظلّي على ما يُسمّى غلاف غزّة وأَسر الضبّاط والجنود في مَهاجعهم؟ إلّا أنّ هذه النماذج الخارجة عن المألوف، ما كانت لتُنفَّذ بهذا الاستبسال والإقدام والفاعليّة لولا الإيمان الرّاسخ بالقضيّة الكبرى والحقّ في الوجود؛ ما يَجعل المستحيل مُمكناً ويُفجِّر طاقاتِ العطاء الحيويّة مُحطِّماً كلّ العوائق وقاضياً على كلّ المخاوف، وأوّلها الخوف من الموت. وإذا تمَّ التغلُّب على الخوف من الموت إيماناً بالقضيّة الكبرى لا يعود هناك من خوفٍ مُمكن من أيِّ خطر، بل تسابُق على الشهادة من أجل الظَّفر بالحقّ في الوجود. ولن تتّضح صدقيّة هذا الكلام إلّا بعد أخْذ شهادات هؤلاء المُقاومين وكيف جابهوا آلة الحرب الإسرائيليّة فائقة التقنيّة وتعامَلوا معها، من خلال الإيمان بالقضيّة الكبرى في حقّ الوجود بكرامة وجدارة واسترداداً لإنسانيّتهم.

عدوانيّة التدمير والإبادة الجماعيّة غير المسبوقة

نحن لسنا بصدد عدوانيّةٍ محدودة تتّصف بالوحشيّة، والوحوش منها براء، فهي لا تُمارِس سلوكَها العدواني إلّا في حالاتٍ محدَّدة: الصيد؛ والدّفاع عن الصغار؛ والدّفاع عن المجال الحيوي؛ والتنافُس على التزاوُج. الإنسان فقط يتفنَّن في العدوان ويتلذَّذ به في حالاتٍ من التشفّي. عدوانيّة الإنسان مفتوحة النهاية تماماً كما ملائكيّته في المقابل. الإنسان فقط يَشعر بالزهو والمتعة خلال مُمارَسة حرب الإبادة، توكيداً لقدراته وجبروته؛ من مثل ذلك الضابط الإسرائيلي الذي تباهى أمام وسائل الإعلام بأنّه سيُقدِّم عمليّة تفجير مبنى على ساكنيه هديّةً لابنته في عيد ميلادها.

تقوم إسرائيل على حالةٍ مَرضيّة تتمثّل بثنائيّة العصمة وما فوق البَشر، في مقابل التهديد الوجودي. وكلّما بَرَزَ التهديدُ، تصعَّدت المُمارساتُ العدوانيّة وعصمة ما فوق البشر لتعزيز الطمْأنَة الذاتيّة. وذلك من خلال التغوُّل بالدمّ والقتل واستعراضه على شاشات التلفزة، من قَبيل التنكيل بالأطفال الخدج وترْك جثامينهم لاستعراض العنف وإظهار الجبروت، وبحيث تحوّل الجندي الإسرائيلي إلى مجرّد آلة قتل. أوَلم يَصِف وزيرُ الدّفاع الإسرائيلي الفلسطينيّين بأنّهم حيوانات وليسوا بَشراً، وبالتالي لا حرمة لحياتهم؛ كما لو أنّ إبادتهم ليست تعدّياً على كائناتٍ بشريّة لها حرمتها؟ إذ لا يُمكن نفسيّاً استباحة دمّ الآخر إلّا بعد سحْب صِفته الإنسانيّة منه وتحويله إلى أسطورة الشرّ التي تشكِّل إبادتها عَملاً نبيلاً. وكذلك بعد تحويله إلى مكبٍّ للنفايات النفسيّة الذاتيّة ووهْم التطهير الذاتي. هذا مع العِلم أنّ الفلسطيني ساميٌّ مثله مثل اليهود الآتين من أربع رياح الأرض لإقامة دولة إسرائيل ذات الهويّة اليهوديّة الخالصة.

وهكذا تُدمِّر إسرائيل كلّ مقوّمات الحياة في غزّة، بدءاً بالعمران ومروراً بتهديم المباني على ساكنيها، وكذلك تدمير المستشفيات وقتل مرضاها وأطبّائها، واللّاجئين إليها، واستهداف سيّارات الإسعاف ومَن فيها، وضرْب كلّ مقوّمات الحياة بقطْع الماء والكهرباء والغذاء، وانتهاءً بمؤسّسات التعليم من مدارس وجامعات وأساتذتها، وحرب التجويع والتهجير القسريّ. هذا التهجير القسريّ يحمل معنى الهزيمة الكيانيّة، ومن هنا التشبُّث بالأرض. فالموت أخفّ وطأة من ذلّ التهجير، وما يعنيه من عجْزٍ وهوانٍ وفقدانِ السيطرة على المصير، ما يَجعل من العسير تحمُّل صورة الذّات.

المقاومة الأهليّة لمِحَن الإبادة

ما تعجز الكلمات عن وصفه، تنقله شاشاتُ التلفزة بفصاحةِ الصورة وقدرتها التعبيريّة من ألوان كوارث الإبادة التي يتعرَّض لها أهالي غزّة: الساحات المليئة بأشلاء الجثث، الأكفان المتراصّة لأجسام الضحايا والمَدافن الجماعيّة، إخراج الناس من تحت أنقاض المباني المدمَّرة بالغارات، مشهد بعض الأشخاص الناجين الذين فقدوا كلّ أفراد أسرهم دفعةً واحدة، تلك الطفلة التي أُخرجت من تحت الركام وهي معفّرة بالدماء والغبار والتي فقدت سائر أهلها، نظرات الأطفال المذهولين وهُم في حالة جمود، وكذلك العمليّات الجراحيّة وبتْر الأعضاء المُصابة من دون بنج.

إنّنا هنا في ما يتجاوز ما يُسمّى اضْطرابات ما بعد الصدمات PTSD الشائعة، وبحاجة إلى توصيفاتٍ نفسيّة مُغايرة وفريدة. كما أنّ الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس DSM5 الذي يوصِّف الاضْطرابات النفسيّة والعقليّة عاجزٌ بدَوره عن الإحاطة بهذه المِحن النفسيّة. المَبيت في العراء تحت المطر على أنقاض المنازل، كلّها مشاهد فوق احتمال البشر، ولم يتبقّ للإنسان الذي ظلَّ على قَيد الحياة سوى ترداد عبارة «حسبنا الله ونعم الوكيل» مرّات ومرّات، وتسليم أمره إلى الرحمة الإلهيّة.

وأمام أهوال هذه الكوارث المتكرّرة يصمد مَن تبقّى على قَيد الحياة. وتتصدَّر المشهَدَ عمليّاتُ التآزر والتعاضُد والمُسارعة إلى النجدة والتشارُك في كلّ شيء في حالةٍ من الانصهار الجماعي، والمُسارعة إلى البذْل والعطاء لدرجة المُخاطرة بالحياة. المَخابز توزِّع مخزونَها من الطحين على الناس، ووكالات الأدوية تَفتح مخازنها للجمهور وتوزّعها على المستشفيات والمستوصفات التي لا زالت تعمل في ظروفٍ خارجة عن كلّ احتمال. إنّها الفاعليّة الجماعيّة التي تُطلق طاقات الحياة والبَذل والعطاء إلى أقصى مَداها متسلّحة بالإيمان وما يوفّره من استنفارٍ لقوى الحياة. إنّه الإيمان بالحقّ في الأرض والوجود والعناية الإلهيّة. وكذلك التضحية بالحياة للمُسارعة إلى الحصول على حقَنِ بنجٍ مخصَّصة للحيوانات لاستخدامها في جراحات المصابين بعد انقطاع وسائل التخدير.

إنّها صفحاتٌ من مِحن الإبادة، وما يقابلها من إطلاقِ طاقات الحياة والفاعليّة الجماعيّة والإصرار على الحقّ في الوجود، تستحقّ أن تُسجَّل وتوثَّق بتفاصيلها، وصولاً إلى بحثها واستخلاص دروسها غير المسبوقة. فالجماهير لا تُهزم إذا تسنّى لها القيادات التي تكون بمستوى التحدّيات. ذلك ما تُعلِّمنا إيّاه تجارب الشعوب التي تحقِّق ما يبدو مستحيلاً. فالمعركة لا تزال مفتوحةً، ليس في غزّة وحدها، وإنّما في العديد من الأقطار العربيّة، ومن الوهْم الاعتقاد بالخلاص الفردي وبأنّنا غير مَعنيّين، وغير مُستهدَفين.

في المقابل تَبرز على الساحة العالميّة حركاتُ المؤازرة الشعبيّة وحشودها الهائلة لدعْم حقْ الفلسطينيّين في الوجود، والاحتجاج على مشروع القتل والإبادة غير المسبوقة في التاريخ الحديث.

نعم فَرضتِ المقاومةُ القضيّةَ الفلسطينيّة من جديد على الساحة العالَميّة، شعبيّاً وجماهيريّاً، وكَشفت زيف ادّعاءات الكيانات الغربيّة السياسيّة بالدّفاع عن حقوق الإنسان. ولكن قَبل هذا كلّه أين هي الجماهير العربيّة وأين هو حراكها؟ وماذا أصابها؟ تساؤلٌ كبير مطروح علينا جميعاً، وعلى مثقّفينا في الدرجة الأولى.

----------------

* أكاديمي وباحث من لبنان

(يُنشر هذا المقال بالتزامن مع دورية «أفق» الإلكترونيّة الصادرة عن مؤسّسة الفكر العربيّ)

جريدة اللواء
اللواء جريدة لبنانية، يومية، سياسية،عربية. اللواء: جريدة لبنانية يومية سياسية تهتم بالشؤون العربية والإقليمية والدولية
جريدة اللواء

أخر اخبار لبنان:

مصر تستقبل وفد حماس في القاهرة غدًا السبت لبحث هدنة في غزة

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
1

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 1646 days old | 4,266,349 Lebanon News Articles | 2,892 Articles in May 2024 | 829 Articles Today | from 69 News Sources ~~ last update: 26 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا



حرب غزة وتجاوز اضطرابات ما بعد الصدمات - lb
حرب غزة وتجاوز اضطرابات ما بعد الصدمات

منذ ٠ ثانية


اخبار لبنان

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.






لايف ستايل