"الحزب" لـ "لبنان الكبير": مواجهات الجنوب تُدار تحت سقف عدم الانجرار إلى الحرب الشاملة

العين على غزة، وحدها غزة ودائماً غزة، وما لم يكن من تطور في الحرب هناك، لن يستطيع أحد إطفاء أي من النيران المشتعلة على ضفافها. الوضع خطير جداً والجرح مفتوح ويتعاظم، ولا أحد يعلم كيف تتطور الأمور وما يمكن أن يطرأ للضغط على اسرائيل وإلزامها وقف إطلاق النار، وما شد الحبال بين واشنطن وحكومة بنيامين نتنياهو إلا دليلاً على عدم وضوح الرؤية والقرار في مصير هذه الحرب ومسارها.

ولبنان الذي ينتظر تنفيذ هذه الهدنة ليتنفس جنوبه النازف، يراقب عن كثب تطورات جبهة غزة.

بعد أسبوعين من العمليات المحدودة، ارتفعت وتيرة التصعيد الاسرائيلي في الجنوب الذي عاد إلى لغة المجازر، فهل هذا رد فعل على الضغط الأميركي، أم استجابة لـ ٧٠ بالمئة من الرأي العام الداخلي الذي يريد الحرب، أم أن التصعيد هو رد على التحذير من عزلته دولياً؟

'حزب الله' ماضٍ في هذه المواجهة حتى النفس الأخير ولا يزال على أهبة الاستعداد لكل السيناريوهات، هذا ما تؤكده مصادره لموقع ' لبنان الكبير'، أما دخول جبهة بعلبك وانضمامها إلى ساحة المواجهة، فتكشف المصادر أن المعادلة الجديدة التي أرسيت مؤخراً 'بعلبك مقابل الجولان' لن تكون مغايرة لقواعد الاشتباك في الجنوب وحدود توسعتها، يضربون بعلبك رداً على مسيراتنا في أمكنة جغرافية عميقة داخل الأراضي المحتلة، فنرد على الجولان، مشيرة إلى أن العدو يريد من جبهة بعلبك التي فتحها إرسال إشارتين، الأولى أنه قادر على ضرب المنطقة التي يعتبر أنها تضم غالبية المراكز الخلفية للدعم اللوجيستي للمسيرات والصواريخ التابعة لـ'حزب الله'، والثانية أنه 'اذا غمقنا بغمقو'، وأن يكون الرد على صفد وطبريا، بضرب بعلبك، علماً أنها ليست المرة الأولى التي نضرب فيها الجولان منذ اندلاع الحرب.

وتكشف المصادر عن عدم وجود نوايا لدى الطرفين بالتوسعة أكثر أو بضم معادلات مواجهة عسكرية جديدة إلى الحرب، ولا تزال المعارك في غالبيتها وبنسبة ٩٠ بالمئة في المناطق الحدودية بالمواجهات المباشرة مع تبادل ضرب بعض العمق من الجانبين. الحرب تدار في الجنوب تحت سقف عدم الانجرار إلى الحرب الشاملة، من الجهتين، على الرغم من أن نسبة التفاؤل بالاتفاق على هدنة تنسحب على لبنان تراجعت كثيراً.

وتتطرق المصادر إلى ما حصل مؤخراً في بلدة رميش، فتقول: 'نفرح بمظاهر الاحتفال بعيد الشعانين وبعد أيام بعيد الفصح في العيشية ورميش وعين ابل ودبل وعلما الشعب وغيرها من البلدات المسيحية ولم نقل يوماً ان سكان الجنوب مهجرون من ضيعهم، وهم يحتفلون وكأن الجنوب بألف خير، على العكس لأن هذه الاحتفالات تؤكد قرارنا بتحييد القرى المسيحية عن نشاطنا العسكري، أن لا نضرب من هذه البلدات، ومن الطبيعي أن نتخذ هذا القرار أولاً لأن لا بيئة حاضنة لنا فيها وبالتالي لا وجود لنا داخلها، فكيف نتحرك ونحن مكشوفون؟ وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الصدام مع أهالي القرى المسيحية، وبالتحديد مع بعض الشبان المعروفين بانتماءاتهم، لذلك اتخذنا هذا القرار على مستوى القيادة، وما تردد عن محاولات لعناصر من حزب الله اطلاق الصواريخ من داخل البلدات وفي وضح النهار لا يصدقه العقل، فالعمليات العسكرية وإطلاق الصواريخ ينفذها عناصر متخفون من قلب الأحراج ونقل الصواريخ يحدث في عتم الليل، وعلى الرغم من ذلك الطيران الحربي يلاحقهم ويستهدفهم، فكفى استخفافاً بالعقول، وأي راجمة صواريخ يتم تركيبها في وضح النهار بين الأحياء؟ سماء الجنوب بالتحديد مكشوفة على عشرات الطائرات الاستطلاعية ومسيرات الرصد، ما جعل العمل العسكري والأمني للمقاومة أكثر دقة. عدا عن ذلك، كل الصور والفيديوهات التي وصلت إلى أمن الدولة والمعلومات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لم تظهر أي سيارة أو آلية تابعة للحزب'.

وتضيف المصادر: 'نحن متيقظون لهذه المحاولات ولن نسمح بجرنا إلى مواجهات مع أهالي البلدات المسيحية الذين نعتبرهم أهلنا ويربطنا معهم مصير واحد في مواجهة عدو واحد. كما أن القيادات المسيحية وخصوصاً بكركي على علم بقرارنا تجنيب القرى المسيحية، والدليل على ذلك أن سكانها لا يزالون في داخلها ولم يتهجروا بينما البلدات الشيعية المحاذية لهم، فارغة من سكانها، وهذا ثمن ندفعه ونعرف جيداً أننا ندفعه'.

وتخلص المصادر إلى القول: 'المواجهة طويلة وخطيرة وتحتاج إلى نفس طويل وقوة وتضامن ولن نسمح أبداً بتحويل معركتنا إلى الداخل والتلهي بشروخ وصراعات داخلية سياسية أو طائفية، لم نسمح بها قبل الحرب ولا خلالها ولا بعدها'.