اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ١٦ نيسان ٢٠٢٥
رغم مرور سنوات على إدراج الكوتا النسائية في المجالس البلدية اللبنانية، لا يزال الجدل قائماً حول فعاليتها. ففي مدينة كطرابلس، المليئة بالتحديات والتحولات، تشكّل تجربة النساء في البلدية انعكاساً لمزيج من الطموح والعوائق، بين التمكين والمحدودية. فهل حققت الكوتا تمثيلاً فعّالاً للنساء، أم بقيت شكلية ضمن معادلة سياسية يهيمن عليها الذكور؟
تقول عضو مجلس بلدية طرابلس السابقة، سميرة بغدادي، في حديث لـ “نداء الوطن”: “إن حضور المرأة ليس شكلياً. من الضروري تواجدها في كل القطاعات، بخاصة البلديات، على أن تُختار من بين المناضلات العاملات على الأرض واللواتي يملكن الخبرة والتخصص”.
وتشير إلى أنه في دورتها الأولى داخل المجلس، لم تواجه تحديات تُذكر، وتمكنت من تنفيذ خطة عمل. لكن في الدورة الثانية، شعرت بوجود محاولات للحد من أداء بعض النساء، ومنهن هي شخصياً، لأسباب قد تكون سياسية أو ناتجة فقط عن كونها امرأة. وهنا تؤكد على أهمية دور رئيس البلدية في إدارة الكفاءات.
وترى بغدادي أن الكوتا ليست وحدها المعيار، فالعديد من النساء يبرزن على المستوى الدولي. وتتابع: “هناك نساء قادرات على التخطيط والمبادرة داخل وخارج البلدية”. لكنها تعترف بوجود معوقات مرتبطة بالثقافة السياسية والعادات، بالإضافة إلى نظرة المجتمع وأحياناً النساء أنفسهن، ما يعرقل ترشح المرأة.
حول تعاطي الناخبين مع المرشحات، تقول بغدادي: “النظرة تغيّرت، بخاصة بعد انخراط المرأة في مشاريع مع مؤسسات دولية، ما عزز قدراتها التقنية”. وتشدد على أهمية وضع خطة شاملة تعالج الإشكاليات البلدية وتخدم المدينة ككل، وليس فقط شريحة معينة.
وتشير إلى وجود نساء متخصصات كالمهندسات والمحاميات القادرات على خلق تشابك حيوي بين العمل البلدي والقضايا الاجتماعية والبيئية. فالبلدية، بنظرها، 'حكومة مصغّرة' تطال جميع مناحي الحياة، ويجب أن تبنى على رؤية متكاملة لا على مشاريع فردية.
وتوجّه بغدادي نصيحة للنساء الراغبات في الترشح بانتخابات 2025 أو ما يليها، بضرورة التسلّح بالشجاعة، خوض التدريبات، الاطلاع على التجارب السابقة، والسعي لتقديم مشروع متكامل يعكس رؤيتهن، لا الاكتفاء بلعب دور رمزي داخل المجلس.
من جهته، يرى الدكتور جلال حلواني، عضو مجلس بلدية طرابلس سابقاً، أن للنساء دوراً أساسياً في العمل العام، لكنه لا يؤيد فرض الكوتا، بل يفضل أن تُثبت النساء جدارتهن بالكفاءة والعمل، قائلاً: “رأينا نساء في مناصب أساسية، وقريباً نراهنّ في رئاسة البلديات”.
ويختم بالقول: “زيادة مشاركة النساء في الانتخابات دليل تقدّم للمجتمع. ونأمل أن تشهد طرابلس دوراً فاعلاً للنساء في الانتخابات المقبلة”.
في النهاية، يبقى الفيصل هو الأداء، لا الجنس أو الرقم. فالمرأة في البلدية لا تحتاج فقط إلى مقعد، بل إلى مساحة حقيقية للتأثير، وإلى دعم مجتمعي يتجاوز الاعتبارات الضيقة، نحو تمثيل يعكس كفاءة ورؤية حقيقية للتغيير.