اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الديار
نشر بتاريخ: ١٠ أيار ٢٠٢٥
يشهد المجتمع العلمي اهتمامًا متزايدًا بدور الفيتامينات في دعم الجسم خلال الأزمات الصحية، ومن بين هذه العناصر الحيوية، يبرز فيتامين B12 كسلاح محتمل في مواجهة أحد أخطر الالتهابات التي تصيب الجهاز الهضمي: التهاب البنكرياس الحاد. هذا النوع من الالتهابات قد يهدد الحياة في حال لم يُعالج بسرعة، وهو ما يجعل البحث عن وسائل فعالة لتخفيف حدّته وتحسين فرص الشفاء أمرًا بالغ الأهمية.
إنّ الفيتامين B12، المعروف أيضًا بالكوبالامين، يُعدّ أحد الفيتامينات الضرورية التي تلعب دورًا حيويًا في العديد من العمليات الحيوية في الجسم. فهو من العناصر الأساسية في الحفاظ على صحة الأعصاب، حيث يسهم في إنتاج الميالين، المادة التي تحيط بالأعصاب وتحميها، كما يُعدّ جزءًا من عملية إنتاج خلايا الدم الحمراء. علاوة على ذلك، يسهم في عملية الأيض الخلوي، مما يعزز قدرة الجسم على تحويل الطعام إلى طاقة. لذلك، فإن نقصه يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية متعددة مثل فقر الدم وضعف الأعصاب.
في السنوات الأخيرة، ربطت الدراسات الطبية الحديثة بين انخفاض مستويات فيتامين B12 في الدم وبين ازدياد شدة التهاب البنكرياس الحاد. تشير هذه الدراسات إلى أن نقص هذا الفيتامين قد يفاقم الالتهاب في البنكرياس ويزيد من تدهور الحالة الصحية للمرضى. كما لوحظ أن المرضى الذين يعانون من نقص فيتامين B12 قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات مرتبطة بالبنكرياس، مما يعكس الأهمية الكبيرة لهذا الفيتامين في دعم الجهاز الهضمي بشكل عام.
أحد الخصائص المثيرة للاهتمام في فيتامين B12 هو قدرته على العمل كمضاد للأكسدة. ففي حالات التهاب البنكرياس الحاد، تتعرض الأنسجة البنكرياسية للأضرار الناتجة عن الشوارد الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة تسبب تلفًا للخلايا والأعضاء. في هذه الحالة، يظهر فيتامين B12 بفعاليته كمضاد للأكسدة، حيث يساعد على مقاومة هذه الشوارد الحرة ويقلل من الضرر التأكسدي في أنسجة البنكرياس. هذا التأثير المضاد للأكسدة قد يسهم بشكل كبير في الحد من تدهور الخلايا البنكرياسية ومنع تفاقم الحالة.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت تجارب علمية على نماذج حيوانية أن إعطاء فيتامين B12 بالتزامن مع العلاجات التقليدية لالتهاب البنكرياس الحاد يمكن أن يُحسن استجابة الجسم ويعزز من فعالية العلاج. فقد أظهرت هذه الدراسات أن تقديم فيتامين B12 ساهم في تقليل المؤشرات الالتهابية في الدم، مما يدل على تأثيره الإيجابي في تقليل الالتهاب. علاوة على ذلك، لوحظ تسريع في عملية التعافي واستعادة توازن الجسم بشكل عام، وهو ما يعزز الآمال في أن يكون فيتامين B12 علاجًا مساعدًا في علاج التهاب البنكرياس الحاد.
إن التأثيرات المحتملة لفيتامين B12 على التهاب البنكرياس الحاد تفتح أفقًا جديدًا للبحث في كيفية تحسين علاج هذا المرض. ورغم أن هذه النتائج بحاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية والتجارب على البشر، فإن الأدلة المتاحة حتى الآن تشير إلى أن الحفاظ على مستويات كافية من فيتامين B12 قد يكون له دور كبير في تحسين صحة البنكرياس وتقليل شدة الالتهاب المصاحب له.
هذا ولا يقتصر تأثير نقص فيتامين B12 على تفاقم التهاب البنكرياس فقط، بل قد يؤثر أيضًا على أداء الجهاز العصبي والهضمي بشكل عام، مما يُعقّد حالة المريض ويبطئ من استجابته للعلاج. لذلك، يُعدّ تقييم مستويات هذا الفيتامين لدى المرضى المصابين خطوة حيوية في أي بروتوكول علاجي حديث. ويُرجّح أن إدماج المكملات الغذائية المحتوية على B12 في المراحل المبكرة من العلاج قد يُحدث فرقًا كبيرًا في النتائج النهائية.