اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢٣ أيار ٢٠٢٥
تستأنف إيران والولايات المتحدة اليوم، في العاصمة الإيطالية روما، حيث بدأت الجولة الخامسة من مفاوضاتهما النووية في مقرّ سفارة سلطنة عمان، وسط أجواء من التشكيك المتزايد في طهران بشأن جدوى الحوار، وتصلّب متزايد في المواقف الأميركية، الأمر الذي يقلّل من احتمالات التّوصّل إلى اتّفاق يحدّ من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات.
الخطوط الحمراء الإيرانية تصطدم بمطالب أميركية
الوفد الإيراني، الذي يترأسه وزير الخارجية عباس عراقجي، دخل مفاوضات روما اليوم بنية اختبار النوايا الأميركية أكثر من السعي إلى تحقيق اختراق. وقد سبق لعراقجي أن أوضح الموقف الإيراني قبل مغادرته طهران، حيث كتب على منصة X: 'الوصول إلى اتفاق ليس علمًا معقّدًا: صفر أسلحة نووية = لدينا اتفاق. صفر تخصيب = لا اتفاق.'
وتعتبر إيران أنّ تخصيب اليورانيوم حق سيادي في إطار سلمي، وتقبل بمراقبة مشددة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنها ترفض التخلي عن هذا الحق. بالمقابل، تشترط واشنطن وقف التخصيب بالكامل، معتبرة أنّ أيّ مستوى من التخصيب يشكّل خطوةً نحو 'التمكين النووي العسكري'، وفق ما صرّح به المفاوض الأميركي ستيف ويتكوف.
تدهور الثقة: إيران ترى في المفاوضات وسيلة ضغط لا نية حقيقية للتفاهم
ومن جهتها تحدّثت مصادر دبلوماسية إيرانية لقناة CNN مؤكّدةً أنّ الأوساط السياسية في طهران باتت مقتنعة بأنّ الإدارة الأميركية، تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، لا تسعى إلى تسوية بل إلى فرض الشروط بهدف تعميق الضغط السياسي والاقتصادي.
وأوضحت المصادر بأنّه 'حين يعرف الطرف الأميركي أنّ التّخصيب خط أحمر إيراني، ويُصرّ عليه رغم ذلك، فإنّ هذا يُعدُّ مؤشّراً على أنّه لا يريد اتّفاقاً حقيقياً، بل يستخدم المفاوضات أداة لزيادة الضغوط.'
كما أضافت أنّ الإيرانيين لم يعودوا يثقون بالحديث الأميركي عن استقلال موقف واشنطن عن إسرائيل، معتبرين أنّ المطالب الأميركية تعكس وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرفض أيّ شكل من أشكال التخصيب في إيران.
تشديد العقوبات عشية المحادثات: تصعيد أم أوراق تفاوضية؟
في تصعيد واضح، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية قبل يومين عن حزمة جديدة من العقوبات، استهدفت قطاع الإنشاءات الإيراني، واصفةً إياه بأنه 'تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة للحرس الثوري الإيراني'. كما أدرجت عشر مواد استراتيجية ترى واشنطن أنّ إيران تستخدمها في برامجها النووية أو الباليستية.
وفي رد قوي، وصفت الخارجية الإيرانية هذه الخطوة بأنها 'غير قانونية وغير إنسانية'، وكتبت على منصة X: 'الجولات المتكررة من العقوبات الأميركية تعزّز قناعة شعبنا بأنّ واشنطن تسعى لتعطيل تقدّم إيران، وليس التفاوض معها بصدق.'
رسالة ترامب لخامنئي: دبلوماسية متناقضة؟
في سابقة لافتة، وجّه ترامب رسالة مباشرة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي في مارس الماضي، عبّر فيها عن أمله في التفاوض، محذّرًا من أنّ الخيار العسكري لا يزال مطروحًا.
وقال ترامب في مقابلة تلفزيونية: 'كتبت له رسالة أقول فيها: آمل أن تتفاوضوا، لأنّ العمل العسكري سيكون أمرًا مروّعًا.'
ورغم أنّ هذه الرسالة تعيد إلى الأذهان رسائل ترامب السابقة إلى زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، إلا أنّ الردود الإيرانية على الخطابات الأميركية تتّسم بالتشكيك العميق، خصوصاً بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
البرنامج النووي الإيراني
تؤكد طهران أنّ برنامجها النووي سلمي، رغم تخصيبها لليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تقترب من حد الاستخدام العسكري. وفي آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب أكثر من 8,000 كيلوغرام، وهو ما يثير قلق الدول الغربية.
وبينما تقول تقارير الاستخبارات الأميركية أنّ إيران لم تبدأ برنامجاً لتصنيع السلاح النووي، فإن المسؤولين الإيرانيين يحذرون من أنهم قد يضطرون إلى ذلك إذا تعرضت البلاد لهجوم.
وفي مقابلة تلفزيونية، قال علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى: 'نمتلك القدرة على تصنيع السلاح النووي، لكن لا نريد. إذا ارتكبت واشنطن أو إسرائيل خطأ في التعامل مع الملف النووي الإيراني، فقد تُجبر إيران على تغيير موقفها.
إلى أين تتجه الأمور؟
يرى مراقبون أن جولة روما قد تكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ المسار الدبلوماسي قبل أن تنزلق الأمور نحو مواجهة مباشرة أو تعثر طويل الأمد في المسار التفاوضي.