"صراع متفاقم" جنوب لبنان... وقوّات "اليونيفيل" تحاول التهدئة

تحتدم مناوشات الاستنزاف المتسارعة جنوب لبنان من دون أن تكون هناك متغيّرات تقلّص الصراع الناشب منذ أشهر، مع حديث التقارير العسكرية الاسرائيلية عن الإبقاء على وتيرة العمليات الحربية التي تتّخذ طابعاً استنزافياً لن يضمحلّ إلا إذا استطاعت المفاوضات الديبلوماسية غير المنقطعة التوصّل للحلّ الذي يبدأ من انسحاب 'حزب الله' والعمل على بلورة منطقة خالية من السلاح جنوبي الليطاني. وتشدّد الأجواء العسكرية الاسرائيلية على ضرورة تحقيق تغيير كليّ في الأوضاع على أن يتبلور التغيير ديبلوماسياً أو حربياً على حدّ سواء، مع التلويح في عملية عسكرية أكثر تأجّجاً في مرحلة مقبلة. وتشكّل الاستهدافات الحربية التي تعمل تل أبيب على شنّها في الداخل اللبناني ارتياحاً في أوساط 'غرفة الحرب' الإسرائيلية، خصوصاً لناحية الضربات التي تنفذّها والخسائر التي أرهقت 'حزب الله' ما أنهى قواعد الصراع التي كانت حاضرة قبل أشهر مع بدء المناوشات الحربية في الجنوب اللبنانيّ. ولا تضع تل أبيب مهلة نهائية يمكن أن تسبق مرحلة الحرب الشاملة التي تلوّح بها منذ أسابيع، لكن ثمة اكتفاء حالياً في التفوق التكتيّ الذي استطاعته من خلال استنزاف 'حزب الله'. في سياق آخر، كان لافتاً اهتمام بعض الصحافة الاسرائيلية في ما تضمّنته 'وثيقة بكركي' واعتبارها بمثابة نداءات لبنانية هادفة لإنهاء الصراعات الحربية العبثية الناشبة التي يشهدها لبنان حالياً.

يخفت الحديث في الداخل الإسرائيلي عن إصابة ثلاثة مراقبين عسكريّين من هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة ومترجم لبناني في الانفجار الذي وقع بالقرب من موقعهم. في الموازاة، لا تزال هناك استفهامات في لبنان حيال الضربة التي أصابت مراقبي الأمم المتحدة. من ناحيته، قال المتحدّث الرسمي بإسم اليونيفيل أندريا تننتي في حديث لـ'النهار' إنّ 'القوات الدولية تحقّق في سبب الحادثة التي تعرّض لها المراقبون العسكريون. وقد حصل إرسال فريق التحقيق لدينا للنظر في ذلك، إذ نحن بحاجة للتحقق مع فريق التحقيق الخاص بنا'. وردّاً على سؤال حول مدى اتخاذ إجراءات أمنية محدّدة بعد الحادثة، أجاب تننتي: 'لقد تمّ اتخاذ الإجراءات الأمنية، وقد كان لدى 'اليونيفيل' دائماً إجراءات أمنية مشدّدة جدّاً'. وعن المطالب والنداءات التي تحثّ قوّات حفظ السلام على تحقيقها، أضاف المتحدّث الرسمي بإسم 'اليونيفيل': 'نواصل محاولة تخفيف حدّة الأوضاع ومحاولة منع التصعيد، ومن المهم الآن أن توقف الجهات المتصارعة إطلاق النار وأن تفتح نافذة الفرص للتوصل إلى حلّ سياسي أو ديبلوماسيّ من أجل فضّ الصراع، إذ لا يوجد حلّ عسكريّ إنما فقط حلّ سياسيّ أو ديبلوماسيّ أيضاً'.

لا ترجيحات في إمكان اضمحلال المناوشات العسكرية الحالية التي يشنّها الجيش الاسرائيلي في الجنوب اللبناني رغم كلّ المحاولات الديبلوماسية الهادفة لإنهاء الصراع وتحقيق المنطقة الخالية من السلاح جنوبي الليطاني. ولن تكون هناك متغيرات بحسب الانطباعات السياسية اللبنانية والاقليمية على حدّ سواء، إذا لم يقتنع محور 'حزب الله' في ضرورة تنفيذ مندرجات القرار الدولي 1701 شمولاً في أهمية التوصل للمنطقة الخالية من السلاح باستثناء وجود الجيش اللبناني وقوات 'اليونيفيل' حصراً في المنطقة الحدودية الجنوبية. وتحفّز أوساط لبنانية مراقبة للأوضاع الحربية على ضرورة التوصل لحلّ ديبلوماسي سريع يسهم في إنهاء المناوشات الحاصلة، طالما أن إمكانات الحلّ لم تتقلّص حتى اللحظة رغم عدم موافقة 'حزب الله' على الانسحاب الحدوديّ.

وثمّة من يعتبر أنّ انتظار محور 'الممانعة' وقف إطلاق النار في قطاع غزّة قبل إنهاء المناوشات الحربية على الجبهة الجنوبية اللبنانية بمثابة عمل جنونيّ، ذلك أنّ حرب غزّة يمكن أن تبقى مدى أشهر متلاحقة خصوصاً في حال احتدمت الأوضاع أكثر في منطقة رفح. في غضون ذلك، لا يمكن أن يتحمّل لبنان أعباء المناوشات الحاصلة في الجنوب، خصوصاً وسط حال الانهيار الاقتصاديّ وعدم القدرة حالياً على معرفة الأضرار المتلاحقة التي يشهدها لبنان في الأراضي الزراعية والأبنية في غياب الاستقرار جنوب لبنان. ولن يكون ذلك ممكناً في حال عدم القدرة على بلورة حلّ ديبلوماسيّ سريع مع تحبيذ أن يكون قبل انتهاء حرب غزّة. ولا يمكن إغفال الإنذارات التي توجّهها إسرائيل للداخل اللبناني والتلويح في تفرّغ تل أبيب عسكرياً للحرب مع لبنان وسط إرسال إنذارات يوجّهها الإسرائيليون نحو الجبهة القتالية اللبنانية الجنوبية، ما يجعل ضرورة التوصل لتطبيق القرار 1701 سريعاً بمثابة الحلّ الديبلوماسيّ الذي في إمكانه أن يحيّد لبنان.