اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٦ تموز ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
رغم وجود رغبة ووجود واقعية بالقول أن الوقت ضيق ويمر بحالة أنه ينفد؛ إلا أنه داخل هذا الاعتقاد يوجد ميل وبعض الواقعية بالقول أن ملف حزب الله وسلاحه وعلاقته بإيران وإعادة صياغة دوره الداخلي اللبناني والإقليمي لا يمكن حصر الجهود لحله بأسبوعين أو ثلاثة.
طبعاً هناك من يقول أن ملف حزب الله موجود على طاولة مقاربته منذ عقود، ولم يصل المفاوضون معه إلى نتيجة؛ وعليه فإنه يجب التوقف عن تبديد الوقت خاصة وأن المطلوب من حزب الله واضح وهو أن ينفذ من جانبه تطبيقات جعل الدولة هي المحتكرة الوحيدة لحمل السلاح. وهذا ثمن يدفعه الحزب للدولة وليس تنازلاً يقدمه لإسرائيل.
.. ولكن بمقابل هذا المنطق هناك منطق اخر يقول التالي: لا يوجد أحد في لبنان يستطيع القول – حتى لو كان ضمنياً يرغب بذلك – أنه ضد حصرية السلاح بيد الدولة؛ غير أن بعض هؤلاء يضيف على هذه الجملة كلمة 'ولكن ..'.
.. 'ولكن ..' هذه تتضمن عدة اعتبارات أبرزها أن سلاح المقاومة كان لفترة طويلة جزء من السياسة الرسمية للدولة اللبنانية (شعب – جيش – مقاومة)؛ وعليه فإن هذا السلاح في حال كان مطلوباً اليوم تفكيكه لأسباب خارجية وداخلية؛ فإنه بنفس الوقت سيكون مطلوباً ثمناً له من الخارج لأسباب داخلية.. وهذا الثمن يطلق عليه باللغة السياسية العالمية تسمية 'ضمانة'، أي حصول لبنان على 'ضمانات' دولية وإقليمية مقابل تنازله رسمياً عن تبني مبدأ المقاومة ضد إسرائيل؛ والبدء بسحب سلاح هذه المقاومة.
.. ومن نافل القول هنا أن الجهة التي تستطيع تقديم هذه الضمانات للبنان، هي ذاتها الجهة التي تستطيع الضغط على إسرائيل.. ولقد بينت الأحداث الكبيرة الأخيرة أن هناك جهة واحدة تستطيع الضغط على إسرائيل هي الولايات المتحدة الأميركية، وبينت أيضاً أن هناك شخص واحد يستطيع الضغط على بنيامين نتنياهو هو دونالد ترامب.
وأمام هذه الصورة يصبح موقف لبنان في 'ربع الثانية الأخيرة' قبل وصول المبعوث الأميركي توماس باراك إلى بيروت للحصول على إجاباتها عن أسئلة واشنطن حول سحب سلاح الحزب؛ مرهون – أي موقف لبنان – بمدى تقبل واشنطن لفكرة أن لبنان يريد منها ضمانات بخصوص عدة أمور؛ أهمها وقف الاعتداءات الإسرائيلية؛ وهذا أمر لا تضمنه إلا واشنطن؛ وأيضاً هذا أمر لا يكفي أن يوافق نتنياهو عليه شفوياً أو حتى كتابة، بل مطلوب أن يوافق ترامب – ربما خطياً – على تقديم ضمانة للبنان بأنه سيمنع نتنياهو عن الاستمرار باعتداءاته..
.. أضف لذلك أن الطرح اللبناني الرسمي بخصوص أن تل أبيب لم تطبق قرار وقف النار (بدليل أنها لم تنسحب من التلال الخمس ولم تتوقف عن الاغتيالات، علماً أن حزب الله يتجاوب مع خطوات الجيش اللبناني في جنوب الليطاني)؛ يبرز جانباً خطراً بقدر ما هو مهم؛ ومفاده أن نتنياهو لا يطبق اتفاق وقف النار ويخرقه، بالاعتماد ليس على حق أعطاه إياه اتفاق وقف النار الموقع في الخريف الماضي بين إسرائيل وبين لبنان؛ بل بالاعتماد على اتفاق موقع بين إسرائيل وأميركا سمي من دون موافقة لبنان عليه، بالاتفاق الملحق.
.. وخلاصة القول في هذه النقطة أن نتنياهو يتجاوز تطبيق وقف النار انطلاقاً من أن لديه ضمانات أميركية تتيح له ذلك؛ وهذا يعني انه بمقابل قبول نتنياهو بوقف حربه على لبنان، سمحت له واشنطن باستمرار اعتداءاته على لبنان؛ في حين أن أميركا بالمقابل لم تعط الدولة اللبنانية أية ضمانة بأن سحب سلاح حزب الله يقابله بنفس الوقت سحب الاحتلال من لبنان.
وأخطر ما في هذه النقطة أن واشنطن كانت وعدت لبنان بإرغام نتنياهو على الانسحاب من التلال الخمس مع حلول موعد سابق، ولم تف بوعدها؛ واليوم تطلب عبر توماس باراك أجوبة لبنانية على أسئلة أميركية؛ فيما إسرائيل يعطيها باراك امتياز أنها تطرح الأسئلة على لبنان من دون أن يكون مطلوباً منها تقديم أية إجابة عن أي سؤال يطرحه لبنان عليها.
ويحسب أصحاب هذا الرأي فإن المطلوب لبلوغ النهاية السعيدة هو أولاً أن يلتزم الموقف اللبناني الرسمي بالحصول على التالي بنفس الوقت: ضمانات أميركية بخصوص سيادة أراضي لبنان من جهة؛ والحصول على موافقة غير مشروطة من قبل حزب الله بحصرية السلاح للدولة من جهة ثانية؛ وبالحصول من جهة ثالثة على موافقة دولية غير مشروطة بإعادة الإعمار.
يختم أصحاب هذا الرأي بالقول أنه لو سارت هذه المسارات الثلاثة جنباً إلى جنب من دون أن يكون هناك ربط سياسي مباشر بينها، بل ربط تقني ووظيفي فقط؛ فإن ذلك سيؤدي للهدف الأخير المنشود وهو ١- تأمين سيادة الأرض اللبنانية؛ ٢- تامين حصرية السلاح للدولةة و٣- تأمين إعمار ما هدمته الحرب.