اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
أثارت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأخيرة إلى لبنان سلسلة تساؤلات حول خلفياتها وتداعياتها، خاصة أنها تزامنت مع إعلان الدولة اللبنانية عن خطة ثلاثية المراحل لسحب السلاح من المخيمات الفلسطينية، بدءاً من بيروت مروراً بالبقاع والشمال، وصولاً إلى الجنوب.
المراقبون لم يغفلوا توقيت الزيارة، معتبرين أنها تأتي في سياق إقليمي يشهد تحولات جذرية، أبرزها الورقة الأميركية التي تضغط باتجاه نزع سلاح 'حزب الله'، ما أعطى لملف السلاح الفلسطيني في لبنان بعداً سياسياً وأمنياً غير مسبوق.
تحولات داخل 'فتح' مرتبطة بالملف الأمني
مصادر متابعة ربطت بين إعادة هيكلة 'فتح' في لبنان وبين الانخراط الفلسطيني الرسمي في ملف سلاح المخيمات. فمن إقالة السفير الفلسطيني في بيروت، أشرف دبور، من مهامه الحركية ونزع صفة 'نائب المشرف العام على الساحة اللبنانية' منه، إلى إعادة ترتيب البنية العسكرية والتنظيمية داخل الحركة، بدا واضحاً أن هناك خطة لإعادة التموضع استعداداً لما هو قادم.
وتقول المصادر إن هذه التغييرات تعكس نية الرئيس عباس 'تنظيف البيت الفتحاوي' من عناصر تعارض سياساته، تمهيداً لتطبيق أي اتفاق حول نزع السلاح دون عرقلة داخلية، مع الحرص على تجنب أي صدام مباشر مع الفصائل الفلسطينية الأخرى أو الأجهزة الأمنية اللبنانية.
رسائل فلسطينية في لحظة حساسة
بقاء دبور في منصبه كسفير رغم تجريده من مهامه الحركية، فُسّر على أنه محاولة للفصل بين الدور الدبلوماسي والدور التنظيمي، في ظل توتر أمني متصاعد داخل بعض المخيمات، اعتبره البعض 'رسائل' موجّهة إلى أطراف لبنانية وفلسطينية، وربما إلى رام الله نفسها، حول حساسية ملف السلاح.
وفيما تحاول بعض المصادر الفلسطينية حصر ما يجري في إطار 'إعادة تنظيم داخلية'، يرى مراقبون أن الخطوات الأخيرة لا تنفصل عن الضغوط الدولية، خصوصاً الأميركية، على السلطة الفلسطينية لتنفيذ ما يتماهى مع المصالح الإسرائيلية في المنطقة، ومنها ضبط السلاح الفلسطيني خارج إطار الدولة.
اللجان الشعبية: الهيكلة القادمة
مصادر مطلعة تحدثت أيضاً عن نية السلطة الفلسطينية إعادة تشكيل اللجان الشعبية داخل المخيمات، في محاولة لإرساء تمثيل شامل وعادل للفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير، مع تمهيد الأرضية لتحمل هذه اللجان دوراً في ملف السلاح، بغض النظر عن الموقف السياسي للفصائل المعنية.
ختاماً… نحو انفجار أم توافق؟
التحركات الفلسطينية في لبنان، والتي جاءت في أعقاب عملية 'طوفان الأقصى' وتداعياتها على المشهد الفلسطيني العام، توحي بأن الرئيس عباس يسعى لبناء جبهة داخلية متماسكة تمكنه من احتواء نفوذ الفصائل المنافسة، وعلى رأسها 'حماس' و'الجهاد الإسلامي'.
لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحاً: هل تمر هذه التغييرات بسلاسة، أم أن مخيمات لبنان تقف على شفير انفجار جديد، وسط تعقيدات محلية وإقليمية متشابكة؟