ملف التفرّغ بـ"اللبنانية": البحث عن معجزة ترضي الثنائي الشيعي

في محاولة لتحريك ماء ملف التفرغ في الجامعة اللبنانية الراكد، طالبت لجنة الأساتذة المتعاقدين بالساعة وزيرَ التربية عباس الحلبي بإيجاد حل لرفع الملف إلى مجلس الوزراء. ووفق مصادر اللجنة، سيصار إلى طلب موعد من الحلبي بعد عطلة الأعياد، للاحتجاج على بقاء الملف في عهدته لمدة تتجاوز الثلاثة أشهر ونصف الشهر من دون إيجاد أي حل له. وسيطالبونه بابتداع حلول لرفع الملف إلى مجلس الوزراء، وعدم إعادته إلى رئيس الجامعة بسام بدران. ففي هذه الحالة سيعود ويتأخر الملف لبضعة سنوات، كما حصل سابقاً.

في انتظار المعجزة

ورغم بعض الشائعات التي تتوارد عن قرب إيجاد حلول خلاقة تفضي إلى رفع الملف إلى مجلس الوزراء لبته سريعاً، تؤكد مصادر مطلعة أن الملف متوقف عند العقد التي باتت معروفة، وعلى رأسها رفض الثنائي الشيعي المعايير التي تم العمل عليها، وأدت إلى تقليص عدد الأساتذة الشيعة المراد تفريغهم إلى أكثر من النصف.

وتضيف المصادر، أن الحلبي ورئيس الجامعة توقفا عن المتابعة بعد الفيتوات الحزبية على الملف. فهذه الفيتوات تصعِّب إقراره في مجلس الوزراء، في حال رفُع على أساس المعايير الموضوعة لاختيار المتعاقدين الذين سيدخلون إلى التفرغ. وعليه، بات كل الكلام عن تفريغ المتعاقدين وحاجة الجامعة لهم، مجرد 'تمرير وقت' لتهدئة غضب المتعاقدين، وكسب 'سكوتهم' لإنهاء العام الجامعي. وذلك في انتظار بداية العام الدراسي المقبل في مطلع فصل الخريف. حينها ربما تحصل معجزة تفضي إلى إيجاد حل يرضي جميع الأحزاب السياسية وعلى رأسهم طرفي الثنائي الشيعي. فلا أحد يجرؤ على إعلان موت محاولة وزير التربية إخراج ملف التفرغ من وزارته صعوداً إلى مجلس الوزراء. أما الحلبي، فينتظر معجزة من نوع آخر تفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية يتبعها تشكيل حكومة جديدة، تبعد عنه 'كأس التفرغ المر'، الذي ما زال عالقاً منذ نحو سبع سنوات نتيجة الفيتوات الحزبية والطائفية. ففي الوقت الحالي لا حلول يمكن ابتداعها لإرضاء جميع القوى المتصارعة.

لماذا تضخم الملف؟

كانت حاجة الجامعة للتفرغ في العام 2017 مقدرة بنحو 550 أستاذاً، بناء على دراسة سابقة، ثم ارتفع العدد إلى نحو 760 أستاذاً في العام 2019، رفعت أسماؤهم إلى مجلس الوزراء. وإلى جانب ملف التفرغ هذا رفعت لائحة من نحو 140 أستاذاً ليس للتفرغ بل لحفظ حقهم في التفرغ مستقبلاً. فمن ناحية لم تكن حاجة الجامعة تقتضي حينها تفريغ أكثر من 760 أستاذاً، ومن ناحية ثانية كان هؤلاء الأساتذة المستحقون للتفرغ من الطائفة الشيعية. وسجلت أسماؤهم في لائحة لحفظ حقهم مستقبلاً بالتفرغ. ما يعني أن العدد الكلي حينها كان نحو 900 متعاقد. والسؤال الذي يطرح هو لماذا ارتفع عدد المتعاقدين في الجامعة إلى أكثر من 1700 أستاذ وفق الملف الذي عمل عليه الوزير الحلبي والرئيس بدران؟ لماذا تم نسف الملف الذي وضع وفق حاجة الجامعة ولم يقر، وأعيد العمل على ملف جديد؟ ولماذا عمل الحلبي وبدران أكثر من شهرين على وضع معايير وانتقاء المتعاقدين للتفرغ من جديد؟ ولماذا تم تسجيل جميع الذين يدرّسون في الجامعة (أساتذة الندوات) إلى جانب الأساتذة المتعاقدين بعقود شرعية؟ هل كل ذلك بمثابة تلاعب بالمتعاقدين لتمرير الوقت وتأخير التفرغ الموعود منذ عشر سنوات؟

أساتذة الندوات

مصادر في لجنة الأساتذة المتعاقدين تشير إلى الظلم المضاعف الذي يعاني منه المتعاقدون جراء 'أساتذة الندوات'. فمن ناحية جرى تضخيم ملف التفرغ بهؤلاء، وأمضى الحلبي أكثر من شهرين على تنقيح الملف لتقليص العدد، وفق معايير الحاجة والأقدمية والتوازن الطائفي، ومن ناحية بات هؤلاء الأساتذة يحلون مكان الأساتذة المتعاقدين أصولاً مع الجامعة. وقد تم استخدام هؤلاء الأساتذة في مختلف الكليات (في بعض الكليات يزيد عدد أساتذة الندوات عن عدد المتعاقدين) لضرب حراك المتعاقدين وإفشال إضرابهم. فهم تحت اسم الندوات باتوا لا يعلمون الطلاب مواداً كاملة وبنصاب يزيد عن 60 ساعة بالفصل الدراسي فحسب، بل يضعون الأسئلة ويصححون المسابقات. وفي مخالفة لقوانين الجامعة باتوا يدرسون كأساتذة متعاقدين مثل غيرهم، رغم أن أجر ساعاتهم تحتسب كفئة ثالثة، ولا يقبضون بدلات إنتاجية كسائر الأساتذة.

وتضيف المصادر أن هؤلاء الأساتذة باتوا يرفعون لواء المظلومية بأن أجور ساعتهم لا تحتسب مثل السابق. فمبدأ الندوات كان ليس لتدريس الطلاب، بل لتنظيم محاضرات متخصصة وبعدد ساعات محدود. وكان أجر الساعة يزيد عن 160 ألف ليرة على اعتبار أنهم خبراء ويتم الاستعانة بهم لتزويد الطلاب بمهارات معنية. لكن لاحقاً تحولت الندوات إلى مواد تدريس، وتم استخدامهم لضرب تحركات الأساتذة المتعاقدين، لقاء وعود تنظيم عقود شرعية لهم مستقبلاً.

وصحيح أنهم راضون على وضعهم حالياً، لكنهم عاجلاً أما آجلاً سيرفعون لواء المظلومية لتحصيل ما يعتبرونه حقوقاً مكتسبة أي عقود شرعية مع الجامعة.