معركة خفيّة على الإتحادات البلديّة... سباقٌ رغم الإفلاس

شهدت معظم المناطق اللبنانيّة معارك إنتخابيّة حامية، بطابع سياسي في المدن والبلدات الكبرى، إلا أن المعركة الخفيّة الأكبر بالنسبة الى غالبية الأحزاب كانت على مصير رئاسات إتحادات البلديات. فما السبب ولِمَ هذا الاهتمام؟

تشكّل اتحادات البلديات رافعة إنمائية أساسية، من خلال استقطاب المشاريع الكبيرة على مستوى الأقضية، عبر وزارات الدولة أو الجهات الدولية المانحة، والتي يستفيد منها مختلف أهالي المناطق المحيطة. وتنظر الكتل النيابية والقوى السياسية لهذه الإتحادات كرافعة نيابية أيضاً ومعبر مهم للكثير من الخدمات.يشير الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، عبر موقع mtv، إلى صراع سياسي على هذه الإتحادات، ولكن من المبكر معرفة كيف ستتوزع الرئاسات على الجهات السياسية. ويعتبر شمس الدين أن هذه المعركة غير مجدية، لأننا أمام إتحادات بلديات مفلسة ولا إمكانيات مالية لديها، وبالتالي هي غير قادرة على القيام بالخدمات المطلوبة منها، مستطرداً: من الآن حتى ٣ سنوات لا أموال.تحصل اتحادات البلديات على التمويل عادة من مصادر مختلفة، منها الرسمي والثابت، ومنها على شكل هبات ومشاريع مدعومة من جهات غير رسمية، كالمنظمات الدولية وسفارات الدول الصديقة للبنان.وأما بالنسبة إلى المصادر الثابتة، فيلفت شمس الدين إلى أن التمويل يصل إلى الإتحادات البلدية من مصدرين، الأول هو ١٠ في المئة من إجمالي إيرادات البلديات المنضوية تحتها، أما الثاني فمن تحويلات الصندوق البلدي المستقل.

تغيّرت الأوضاع كثيراً في السنوات الست الماضية، بعد الازمة الاقتصادية الخانقة وانهيار قيمة الليرة وتراجع قدرة مؤسسات الدولة والبلديات. فكيف انعكس الأمر على الاتحادات البلدية؟يكشف شمس الدين أنه قبل أزمة ٢٠١٩ كان إجمالي التحويلات للإتحادات البلدية يصل الى ٣٧ مليون دولار، أما اليوم فتصل التحويلات إلى ٦٨٠ ألف دولار فقط.ويعطي شمس الدين مثلاً حيّاً، اتحاد بلديات المتن الشمالي، الذي كان يحصل سنوياً من الدولة على مليون و٦٠٠ ألف دولار، أي على مدى ٦ سنوات كان بإمكانه القيام بمشاريع بقيمة ١٠ ملايين دولار. أما اليوم فتحويلاته بحدود ٢٩ ألف دولار فقط لا غير.وأمام هذا الواقع، يرى شمس الدين أن المعركة على اتحادات البلديات لا تستحق، وإن كان البعض يعتبر العكس وأن الأمور ستتحسن، لكنني أعتقد أنه في المدى المنظور لا أموال.يشار إلى أن في لبنان ٦١ اتحاد بلديات، تضم ٧٠٨ من أصل ١٠٦٥ بلدية، بسبب وجود بلديات غير منضوية ضمن الاتحادات.

تكتسب اتحادات البلديات أهمية خاصة في هذه المرحلة بالذات، بغض النظر عن إمكاناتها وقدراتها المالية، مع تصاعد الحديث عن الاتجاه أكثر نحو اللامركزية الإدارية الموسّعة، والتي ستكون هذه الاتحادات عمادها الأساس، ما يبرّر أكثر التسابق السياسي للسيطرة عليها.