اخبار لبنان
موقع كل يوم -الصدارة نيوز
نشر بتاريخ: ٣ كانون الأول ٢٠٢٥
كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
يشهد البقاع هذه الأيام حالة من القلق والترقب غير المسبوقة، في ظل أنباء عن ضربة إسرائيلية محتملة ضد لبنان، قد تأتي في أعقاب زيارة البابا أو خلال فترة رأس السنة. المخاوف تتضاعف مع استمرار الحديث عن أن الهدف الرئيسي لهذه الضربة هو القضاء على سلاح “حزب الله” المتبقي، وأن البقاع سيكون له الحصة الأكبر من أي تصعيد محتمل، نظرًا للمعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية حول انتشار منظومات الصواريخ في المنطقة ورصد حركة الاستطلاع الجوي المستمرة التي لا تفارق سماء المنطقة.
تعيش المدن والبلدات البقاعية حالة من الحذر الشديد، مع انتشار الحديث بين السكان عن ضرورة التحوط والاستعداد لكل الاحتمالات. البعض يعبّر عن تمنيه لو كان هناك زيارة للبابا للبقاع لتكون بمثابة حماية رمزية، أو على الأقل تهدئة لقلق السكان من الهول الذي قد يواجهونه في الأيام المقبلة. الأجواء العامة تعبّر عن خوف وارتباك، إذ يسود شعور بأن المنطقة على خط المواجهة الأولى، وأن أي تحرك أو تصعيد قد يكون له أثر مباشر على حياة الأهالي.
في هذا السياق، يتعامل “حزب الله” بحذر شديد مع الوضع الراهن، وتشير مصادر متابعة إلى أن عناصره يتنقلون بحذر متناهٍ، ويتجنبون استخدام الهواتف المحمولة، ويعطون التعليمات الدقيقة بالتحفظ والانضباط التام. التحضيرات الجدية للمرحلة المقبلة تظهر أن القيادة الحزبية تتوقع أي سيناريو محتمل، وتعمل على تأمين استعداد عناصرها لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي، مع التركيز بشكل خاص على حماية البقاع وتأمينه، بما في ذلك سيناريو التوغل البري، كما أن التنظيم يولي اهتمامًا كبيرًا لتأمين المراكز الحيوية والخطوط الأساسية التي قد تتعرض لأي تهديد مباشر، بما يشمل شبكات الإمداد والمرافق العامة، لضمان عدم وقوع فراغ أمني في حال حصول أي مواجهة.
الوضع الاقتصادي في المنطقة يعكس بدوره حالة الترقب والخوف، إذ يسود شعور بعدم اليقين يثقل كاهل الأهالي. الكثيرون لجأوا إلى استئجار منازل في مناطق أكثر أمانًا، بينما يواجه آخرون مشكلة استمرار دفع بدلات الإيجار وثمن الفرش الذي حصلوا عليه العام الماضي بعد انتهاء الحرب، مع دخولهم في السنة الثانية دون أي بداية حقيقية لإعادة الإعمار بعد الأضرار السابقة. الخوف من حرب جديدة جعل من حالة التقشف ضرورة فرضتها الظروف، وليس مجرد خيار، كما يلمس بعض المراقبين أن “الحزب” نفسه قد يكون مضطرًا لاتخاذ تدابير اقتصادية داخلية تحسبًا لما قد يأتي. وفي الوقت ذاته، تتنامى المخاوف حول انقطاع مصادر التزويد الأساسية، وارتفاع الأسعار بشكل مفاجئ، ما يضاعف الضغوط على الأسر التي لم تتعاف بعد من الأزمات السابقة، ويزيد شعور عدم الاستقرار في الحياة اليومية.
ولا يقتصر تأثير الترقب على الجانب الاقتصادي فقط، بل يمتد ليشمل البعد النفسي والاجتماعي. فالأهالي يعيشون حالة من القلق المستمر، يتأثر فيها الأطفال وكبار السن على حد سواء، وتنتشر بينهم المخاوف من أي تطور مفاجئ قد يغيّر حياتهم اليومية. المقاهي والأسواق تعكس أجواءً مشحونة بالتوتر، بينما تحاول بعض العائلات تنظيم حياتها على أساس احتمالات الأيام القادمة، بما في ذلك تأمين الطعام والمياه والإمدادات الأساسية استعدادًا لأي طارئ. هذه الحالة تجعل الترقب مشحونًا بعاطفة الجمع بين الخوف والأمل، ويبدو أن أي خبر، حتى الرمزي، يصبح مادة للتفكير والقلق بين الناس.
ما يجري في البقاع اليوم ليس مجرد حالة قلق عابرة، بل هو انعكاس لمزيج من التهديدات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي تتقاطع مع واقع معيشة السكان. التوتر لا يقتصر على احتمالات الضربات الإسرائيلية، بل يمتد إلى تأثيرها المحتمل على حياة الناس اليومية، واستقرار المنطقة، واستعدادات الفصائل المسلحة. ومع استمرار عدم اليقين، يبقى البقاع في حالة ترقب حذر، يعيش أهله بين خوف من القادم وأمل في أن تخفف أي مبادرات رمزية وطأة الهول المنتظر.











































































