اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أريد أن أطرح موضوعًا غاية في الأهمية متعلقًا بطلب المستشفيات دفعات تحت الحساب تصل إلى آلاف الدنانير، وإلا تُترك الإصابة دون علاج أو أي اهتمام. وهذا الموضوع ذو أهمية كبيرة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة للمواطنين، حيث لا يخلو يوم من وقوع حوادث سير ينجم عنها إصابات تستدعي دخول المستشفيات والحصول على المعالجة الطبية، والتي تُقدّر بأكثر من خمسين حالة يوميًا. وعند دخول المصاب، مهما كانت حالته، فإن المستشفيات لا تبدأ بالعلاج إلا بعد الدفع مباشرة أو وضع تأمينات نقدية تصل إلى حوالي خمسة آلاف دينار وقد تزيد قبل المباشرة بالمعالجة.
ومع احترامي لوجهة نظر كلٍّ من المستشفيات وشركات التأمين، فإنها مقبولة من حيث المبدأ المادي، أي إن كلًّا منهما يريد ألا يقع في مشاكل مادية. أما من حيث المبدأ الإنساني، فإن الإنسان أغلى ما نملك، وهو المحرك الأساسي للتقدم بكافة أشكاله، وحق الإنسان في الوصول المادي أو القدرة على تحمل التكاليف للوصول إلى المرافق والخدمات الصحية مصون من الناحية الدينية وفي القوانين الإنسانية.
ومن حيث المبدأ، فإن مثل هذه المبالغ الكبيرة لا تتوفر لدى المصاب أو المتسبب بالحادث نظرًا للظروف الاقتصادية التي يعيشها المجتمع، ولعدم وجود وفورات لدى الغالبية العظمى كونهم موظفين ودخولهم متواضعة، سواء أكانوا مصابين أو متسببين في الحوادث. وحيث إن تقارير مديرية الأمن العام تشير إلى أن أغلب الحوادث تقع في ما بعد الفترة المسائية، فإن ذلك يصعّب اللجوء إلى أشخاص يمكن أن يقرضوا مثل هذه المبالغ ليستدينها المصاب أو المتسبب، كما أنه لا يمكن لأي شخص أن يعطي أيًّا منهم هذا المبلغ بسهولة.
لذا فإن طلب مثل هذا المبلغ الكبير يشكّل عائقًا كبيرًا للوصول إلى العلاج، خاصة أن المستشفيات لا تقبل الشيكات أو الكمبيالات أو وجود كفيل.
وتصنَّف إصابات حوادث السير إلى بسيطة أو متوسطة أو بليغة أو وفاة وقتية أو خلال 21 يومًا. وتشير الإحصاءات الصادرة عن إدارة السير لعام 2024 إلى أن عدد حالات الإصابة يصل إلى أكثر من 51 إصابة يوميًا، و1.5 حالة وفاة. كما أن حوالي (57%) من الإصابات هي إصابات بسيطة، و(35%) حالات متوسطة. وإن نسبة لا بأس بها من الحالات البسيطة لا تتطلب تكاليف علاج كبيرة، بل تغادر المستشفى بعد أخذ الإسعافات الأولية مباشرة، أو على الأكثر تبقى ليوم واحد لغايات المراقبة، وفي الغالب تقل تكلفة العلاج لها عن ألفي دينار، بل قد لا تتجاوز ألف دينار. كما أن حوالي ثلث الإصابات ناتجة عن دهس أو تدهور، أي إن السيارة المتسببة بالإصابة البشرية مؤمّن عليها عادة لدى شركة تأمين واحدة، وكذلك الحال بالنسبة للتأمين الشامل، مما يسهل التعامل معها. أما فيما يتعلق بالإصابات الناتجة عن الصدم فإنه يمكن الاعتماد على الكروكي لمعرفة الشركة المؤمَّن عندها، والتي يتم تحصيل المبلغ منها، وهذه العملية لا تأخذ وقتًا طويلًا.
وبما أن شركات التأمين تلتزم بدفع بدل المعالجة بحد أقصاه سبعة آلاف وخمسمئة دينار حسب قانون التأمين، فهذا يعني أن الحالات البسيطة والمتوسطة يمكن أن تقل تكاليف علاجها عن هذا المبلغ بكثير، في حين أن الحالات البليغة قد تزيد عن هذا المبلغ وقد تبقى في المستشفى مدة تزيد عن أسبوع.
وبناءً على ما ورد سابقًا فإنني أقترح ما يلي:
أن تتعامل المستشفيات مع الإنسان على أنه إنسان كرّمه الله ورفع من شأنه، لا ليأتي إنسان آخر ليقلل من شأنه، وأن يتم وضع نظام مُلزم للمستشفيات بمعالجة الإصابات بموجب وثيقة التأمين السارية المفعول، وإجراء مقاصة بين المستشفيات وشركات التأمين من خلال اتحاد شركات التأمين بما يتيح معالجة المصابين بحوادث السير.
أن تقبل المستشفيات دخول المصاب بكفالة وثيقة التأمين المُبرَزة من المتسبب بالحادث، والبدء بالمعالجة لحين وصول المبلغ إلى حد معين تتفق عليه جمعية المستشفيات الخاصة واتحاد شركات التأمين، بحيث لا يقل عن خمسة آلاف دينار (أي 75% من الحد الأعلى).
لا مانع من أن يدفع المصاب عند خروجه من المستشفى نسبة من تكاليف العلاج لا تزيد عن 10% كاحتياطي. أما إذا قرر الأطباء أن الحالة تحتاج إلى مبلغ أكبر من المبلغ المتفق عليه، فيُطلب من المتسبب بالحادث توفير الفرق خلال فترة المعالجة أو عند خروج المصاب من المستشفى.
إنشاء تطبيق يتيح للمستشفى الوصول إلى الشركات من خلال اتحاد شركات التأمين، وإدخال بيانات وثيقة التأمين، وإشعار الشركة بأن السيارة المؤمَّن عليها لديها تسببت بإصابة، وعلى الشركة صرف قيمة فواتير المعالجة بما فيها المراجعات للمستشفى مباشرة. وهذا يضمن حق المستشفى.
أن يتم في المستقبل تأسيس صندوق دوّار في اتحاد شركات التأمين يوضع فيه مبلغ أولي يتيح الحصول منه على أجور المعالجة باستخدام الوسائل الحديثة لأنظمة الدفع، ويتم إجراء مقاصة بينه وبين المستفيد من التأمين بعد تحديد مبلغ المعالجة.
وأخيرًا، أتمنى على الحكومة ووزارة الصحة وجمعية المستشفيات الخاصة واتحاد شركات التأمين ونوابنا الأكارم تبنّي هذه المقترحات وإيجاد حلول لهذه المشكلة، بحيث يُقدَّم للمصاب أولًا العلاج والرعاية الصحية، ثم يُنظر إلى الجانب المادي.












































