اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
في مشهد لا يبعث على الاطمئنان، باتت البطالة في الأردن كابوسًا يؤرق مئات الآلاف من الشباب، ويهدد حاضرهم ومستقبلهم على حد سواء. فمع تجاوز عدد العاطلين عن العمل حاجز 430 ألف شاب وشابة، وفق ما أعلنه وزير العمل خالد البكار خلال مشاركته في منتدى التواصل الحكومي يوم الثلاثاء، لم تعد الأزمة مجرد أرقام تُتداول في نشرات الأخبار، بل تحولت إلى واقع يومي يعيشه جيل بأكمله، يبحث عن فرصة، أو حتى أمل بسيط يُخرجه من دوامة الانتظار القاتل.
ورغم جهود وزارة العمل لتوفير فرص مناسبة وتطبيق نظام معلومات متطور يشمل بيئة العمل والتشغيل وتطوير المهارات، لا يزال الواقع صعبًا، ويزداد تعقيدًا مع الوقت. الوزير البكار أوضح أن هناك مساعٍ جادة لتهيئة الظروف المناسبة، لكنّ التحديات تبدو أكبر من مجرد تصريحات أو خطط قصيرة المدى.
من جهته، أكد أمين عام وزارة الاتصال الحكومي زيد النوايسة أن العمل جارٍ على تعزيز التدريب المهني والتقني بما يتوافق مع متطلبات السوق، وهو أمر في غاية الأهمية، لكن الشباب، على الأرض، لا يزالون عالقين بين برامج نظرية وسوق عمل مشبع أو غير قادر على استيعابهم.
والأخطر من كل ذلك، أن اتساع رقعة الفقر الناتج عن البطالة، فتح الباب واسعًا أمام أزمات اجتماعية أكثر حدة، أبرزها انتشار المخدرات التي وجدت في الشباب العاطل عن العمل بيئة خصبة، لا سيما حين يتحول الفراغ إلى إحباط، والإحباط إلى هروب مؤلم نحو خيارات مدمرة. وهذا ليس تحذيرًا إعلاميًا مبالغًا فيه، بل واقع تؤكده تقارير أمنية واجتماعية تشير إلى زيادة ملحوظة في قضايا تعاطي وترويج المخدرات بين فئة الشباب، بل وارتباط ذلك بارتفاع معدلات الجريمة.
جيل بأكمله بات يقف على حافة المجهول، لا لضعف في طموحه، بل لانسداد الأفق، وعدم اتساق مخرجات التعليم مع واقع السوق، وغياب الفرص المستقرة التي توفر حياة كريمة.
إن البطالة لم تعد مجرد قضية اقتصادية، بل أصبحت قضية وطنية تمس الأمن المجتمعي، والاستقرار النفسي، والنمو المستقبلي للدولة. الحلول لا بد أن تكون شاملة، وجريئة، وتبتعد عن المسكنات المؤقتة. المطلوب ليس فقط خلق فرص عمل، بل إعادة بناء ثقة الشباب بالدولة وبجدوى البقاء في الوطن، في زمن أصبحت فيه الهجرة حلمًا مشروعًا، إن لم يكن الخيار الوحيد للهروب من واقع خانق.
في الختام، فإن مواجهة البطالة تتطلب أكثر من تنظيم سوق العمل وبرامج تشغيل؛ إنها تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، واستثمار ذكي في الإنسان، وجرأة في التغيير، قبل أن يتحول الإحباط العام إلى أزمة لا يمكن احتواؤها لاحقًا.