اخبار الاردن
موقع كل يوم -صحيفة السوسنة الأردنية
نشر بتاريخ: ٢٤ أيار ٢٠٢٥
في ظل التصاعد المتواصل للتحديات الأمنية والمالية التي تواجه المجتمعات والدول، تبرز الحاجة إلى أدوات عملية ومستمرة للتصدي لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بوصفها أحد أخطر التهديدات العابرة للحدود. ومن هذا المنطلق، أطلق التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب برنامجًا تدريبيًا متخصصًا في مقره بالرياض، يُعد خطوة استراتيجية ضمن جهوده الرامية إلى بناء قدرات فعّالة ومتماسكة في مواجهة التدفقات المالية غير المشروعة.
يتجاوز هذا البرنامج طبيعته التدريبية التقليدية، ليُجسد استثمارًا منهجيًا طويل الأمد في تأهيل الكوادر المتخصصة من الدول الأعضاء، وتطوير أداء المؤسسات المالية والأمنية. ويعكس البرنامج إدراكًا عميقًا بأن مواجهة الإرهاب تبدأ من تتبّع المال، وفهم الأساليب المعقدة التي يعتمدها المجرمون لإخفاء مصادر أموالهم غير القانونية.
صُمم البرنامج بأسلوب تطبيقي يجمع بين المعرفة النظرية والخبرات العملية، وتناول أحدث تقنيات التحقيق المالي، وتحليل البيانات، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي، بما يتماشى مع معايير مجموعة العمل المالي (FATF). ويمتاز أيضًا بمعالجة متكاملة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب باعتبارهما منظومتين مترابطتين تعملان في الخفاء لتهديد الاستقرار والأمن.
ومن أبرز محاور البرنامج هذا العام، المشاركة الفاعلة لدولة فلسطين، في إطار التعاون المستمر مع التحالف الإسلامي، حيث شكّلت هذه المشاركة إضافة نوعية تعكس حرص المؤسسات الفلسطينية على رفع جاهزيتها في مواجهة التحديات المالية والأمنية، رغم تعقيدات الواقع الجيوسياسي. وقد أظهر الوفد الفلسطيني تفاعلًا واضحًا مع محاور التدريب، مما يؤكد أهمية تمكين الدول الأعضاء الأقل قدرة من خلال التدريب والتأهيل.
ويُسهم البرنامج في تعزيز العمل المشترك، وتبادل الخبرات، وبناء شبكة من الكفاءات الإقليمية القادرة على الاستجابة بفعالية للتحديات المتغيرة. كما يعكس التزام التحالف بتقديم الدعم الفني والمعرفي للدول الأعضاء، وتعزيز البنية التحتية المؤسسية لديها لمواجهة الجريمة المالية العابرة للحدود.
إن ما يقوم به التحالف من جهود تدريبية هو نموذج يُحتذى به في مكافحة الجريمة المالية، ويثبت أن المعركة ضد الإرهاب لا تُخاض بالسلاح فقط، بل بالعقل، والخبرة، والتنسيق المشترك. ومن خلال الاستمرار في مثل هذه المبادرات النوعية، يرسّخ التحالف الإسلامي دوره كمحور فاعل في تعزيز الأمن المالي الإقليمي والدولي، وترسيخ مفهوم الأمن الجماعي المبني على المعرفة والشراكة.