اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ١٤ تموز ٢٠٢٥
بقلم المخرج محمد خابور
لأول مرة، سارى ميادة الحنّاوي على المسرح.
لكنها لم تجرّد، ولا ميادة مجرّد فنانات تصعد لتُغنّي فقط.
إنها ذاكرة حيّة تتجسّد أمامنا…
ذاكرة من زمنٍ كان فيه اللحن يروي حكاية حقيقية،
تحتوى على كلمة مشبعة بالشوق،
موسيقى لا يمكن الاتصال بها على أنسكو صورة من الذاكرة.
ميادة… الصوت الذي ألحان بليغ حمدي، ورئيسته، ووجعه، وحنينه.
أن تراها على مسرح جرش،
لأنك ترى ظلّ بليغ واقفًا في ركن بعيد، ولهذات وتنفّس،
تسمع أنفاس الحنين لذلك، تتردّد من بين حناجر الجمهور.
فكل منّا قد يوجد شيء ما،
وكلّ منّا طريقته في التعبير عن حزنه، وعن حنينه لمن يرحل.
اختارت أن لا تزال…
لأشهد شهادة حيّة على مسرح جرش،
لأرى ميادة تروي، بصوتها، وجع بليغ،
بينما ودّع وردة وهي ما حيّة،
ولأسمع الأغنية التي غنّتها وردة بعد رحيله،
كأنها ترثيه وتودّعه بصوتها:
“بودّعك… وبودّع الدنيا معك… الله.”
وسمعت أيضًا “الحب اللي كان”،
الأغنية الفلسطينية ولحّنها بليغ، بعد أن سُئلت وردة عن بليغ في أحد اللقاءات الصحفية بعد فصلهما، فقالت ببرود:
“مين بليغ؟”
فردّ عليها، لا بكلمة… بل بأغنيةٍ قال فيها:
“نسيت اسمي كمان؟ أنا الحب اللي كان.”
ليست احتفالية فقط…
بل نادرة ترى فيها كيف يحيل الفقد إلى لحن،
وكارلوس الكبرى على مسرحٍ رومني،
بتاريخه ومعاصر من معنى وذاكرة،
تُغنّي… لا لتُطرب فقط، بل لتُذكّر، وتواسي، ويحيي الغائبين فينا.
جرش 39 ليس حدثًا عابرًا.
في هذه اللحظة، ونتيجة لهذا السبب
…
ويتحول الحزن إلى فنّ،
ويعود بليغ، لا في الصوت فقط،
بل في الوجدان كله.
لمن تعرف التأمّل… هذه اللحظة ثمينة.
لمن ذاقوا الشوق… وفهموا كيف يغنّي القلب ما لا يُقال،
جرش 39 هو موعدٌ مع الغياب… يبقى غيابٌ نغنّيه.