اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة رم للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٨ تموز ٢٠٢٥
رم - بقلم: د. ذوقان عبيدات
بعد جهود استمرت عامًا، حصلت على إهداء كريم :كتاب سمر الشهوان الصادر عن 'ناشرون وموزعون' سنة ٢٠٢٤. الكتاب أنيق شكلًا، معقد موضوعًا. تصدت المؤلفة لمناقشة أكثر المفاهيم تعقيدًا: المواطنة، الفردية، الحداثة، ما بعد الحداثة، العولمة، الصلابة، السيولة، العلمانية، ومفاهيم أخرى. أوردت المؤلفة آراء عدد كبير من الفلاسفة مثل: كانت، وديكارت، وروسو، وبودلير، ودوركايم، وماركس، وغيرهم، فجاءت دراستها تبسيطًا دقيقًا لأكثر المفاهيم تعقيدًا.
تناولت الدراسة جزءًا تطبيقيًا على شباب مادبا؛ لاستطلاع آرائهم حول هذه المفاهيم، وتأثيرها على حياتهم العملية.
(١)
السيولة والصلابة
ناقشت المؤلفة الاختلافات بين التحديث بشكليه: الصلب، والسائل، وعَدّت التحديث هو عملية عقلية تهدف إلى التقدم، وبناء الفرد، والمجتمع بأساليبَ مختلفة. فالتحديث الصلب هو عملية لحظية مؤقتة، تهدف للوصول إلى الكمال، والثبات، والالتزام. بينما تسعى السيولة إلى تقديم الخيارات عبر سلسلة متواصلة من التغير. الصلابة تقود إلى الاستقرار، والثبات، في حين تقودك السيولة إلى الشك واللايقين، وعدم الطمأنينة. فالسيولة حالة حركية لا تستطيع الاحتفاظ بشكل ثابت سوى لفترة قصيرة.
(٢)
الحداثة وما بعد الحداثة
الحداثة هي منظومة فكرية ثقافية اجتماعية، نشأت في أوربا في القرن التاسع عشر . ارتبطت الحداثة بالعلم والموضوعية، والحركات التجريبية والتطويرية، والعلمانية. وهي حركة شاملة نتيجة لخروج أوروبا من عصور الظلام الديني، وسيطرة الكنيسة، ما سمح للعقل النقدي والتحليلي ممارسة الشك، والنقد، والبحث عن الحقيقة التجريبية.
فالحداثة هي عصر تحرر العقل.
وهي سياسيّا تعني انتهاء قداسة السلطة، واجتماعيّا تعني نشوء العائلة النووية الصغيرة، وحلول الدولة محل النفوذ العائلي والإقطاعي. إذن، الحداثة هي حرية الشك، والتفكير، وحقوق الإنسان، والحرية، والديموقراطية.
وتأتي مرحلة ما بعد الحداثة نتيجة لفشل الحداثة في تحقيق وعودها برفاهية البشرية، واستقرارها.
تعالت في خمسينات القرن العشرين صيحات الانتقال إلى ما بعد الحداثة؛ لتبشّر بعالم الشك واللايقين والتغير السريع، والسيولة المفرطة.
إن مجتمع ما بعد الحداثة هو عالم عدم الانتظام، وعدم الحتمية، وغياب اليقين!!
(٣)
المواطَنة
تعترف المؤلفة بصعوبة تعريف المصطلحات. فالمواطَنة مصطلح غامض متحول، يختلف من دولة لأخرى، حيث يختلط مفهوم المواطَنة بالفردية، وإنسان المجال العام والمشاركة، والفردية تعني انشغال الأفراد بأحوالهم الخاصة، وتحقيق ذواتهم على حساب المجتمع. وقد ترجمت المؤلفة المواطَنة إلى سلسلة من السلوكيات ذات الصلة بالحياة العامة مثل: انتشار ثقافة الحقوق، والحرية، ونبذ التعصب، واحترام الآخر، وتمتع المواطن بحقوقه كاملة، والشعور بالأمان والاستقرار.، حيث تمكنت من قياس هذه السلوكيات.
(٤)
شبابنا بين الحداثة والمواطَنة
تحدّثت سمر الشهوان عن مدى وصول مفاهيم الحداثة والمواطَنة، وكشفت عن تباينات في معارف الشباب، ومفاهيمهم. فالشباب لا يشاركون في أعمال جماعية، ولا يؤمنون بالانتماء إلى الأحزاب وغيرها من النتائج!!
(٥)
وما المطلوب؟
قلت: قدّمت سمر شهوان معلومات مهمة، خلت أن وزارة الشباب ستلتهم هذه الدراسة، وتوظفها في استراتيجياتها. فهي تلهم الوزارة بالأسس التي يجب اعتمادها في التعامل مع الشباب! فهل تفعل؟
لن أستبق الأمور لأقول: وما العلاقة بين البحث العلمي، والمسؤولين؟ فهم باحثون، ومخطّطون وعلماء، وأصحاب قرار!!
وزارة الثقافة وهي الأكثر رشدًا:
قدّمت لكم سمر الشهوان ثقافة مجانية، يمكنكم نقلها لمجتمعنا!
أما المؤلفة، فأراها شخصيّا: مواطِنة حداثية ذات حالة صلبة مع مرونة! مواطِنة لم تنل حظّا من رعاية الدولة!!!
فهمت عليّ؟!!