اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
التوسع التجاري في زمن الركود الاقتصادي.. بين الطموح والمجازفة
كتب وسام السعيد- حين يتحوّل الانتشار من مؤشر نجاح إلى محاولة إنقاذ في ظل تراجع القوة الشرائية وارتفاع التكاليف التشغيلية، يلفت انتباه المراقبين الاقتصاديين مشهد غير مألوف:
محال تجارية من الماركات العالمية إلى المحال المحلية التقليدية تتسابق لافتتاح فروع جديدة في كل شارع ومجمع، رغم حالة الركود العام التي يعيشها السوق.
هذا السلوك التجاري يطرح تساؤلات جوهرية:
هل هو تعبير عن ثقة المستثمرين بالسوق، أم محاولة لتعويض الخسائر عبر توسع غير مدروس قد يحمل بذور الانكماش؟
الركود ليس عائقًا دائمًا في الأوضاع الاقتصادية الصعبة، من الطبيعي أن تميل الشركات إلى تقليص النفقات والحفاظ على السيولة.
لكن بعض التجار يرون في فترة الركود فرصة للانتشار بأقل كلفة، مستفيدين من انخفاض الإيجارات وتراجع المنافسة على المواقع الحيوية. هذه الفئة تراهن على أن وجودها المبكر في مواقع استراتيجية سيمنحها الأفضلية عند عودة الانتعاش الاقتصادي، فيكون توسعها 'مغامرة محسوبة” وليست مقامرة.
عجز مالي أم طموح مفرط؟
على الجانب الآخر، ثمة توسع نابع من ضغوط مالية أكثر منه من رؤية اقتصادية. بعض التجار الذين يواجهون ضعف المبيعات أو تراكم الديون يعتقدون أن زيادة عدد الفروع قد تعوّض الخسائر، في حين أن التجربة أثبتت أن هذا الأسلوب يؤدي إلى تشتت السيولة، تضخم النفقات، وضعف الرقابة التشغيلية. في بيئة تتراجع فيها القدرة الشرائية للمستهلك، يصبح التوسع غير المدروس عبئًا ماليًا بدل أن يكون وسيلة للإنقاذ.
المحال التقليدية وتحدي البقاء اللافت أن المتاجر التقليدية، خصوصًا محال التصفية والتخفيضات، باتت تتبنى ذات الأسلوب الذي كان يميز الماركات العالمية: الانتشار الأفقي السريع.
غير أن هذا التوسع يعتمد على حجم لا نوع، وعلى التواجد لا التميّز، ما يجعل السوق مملوءًا بالنسخ المتشابهة من المتاجر التي تتنافس على ذات الزبون، بنفس البضاعة والسعر. النتيجة:
توزيع المبيعات على عدد أكبر من الفروع دون زيادة حقيقية في الطلب، أي أن السوق لا ينمو بل يتشظّى.
إن التوسع التجاري في فترات الركود الاقتصادي ليس بالضرورة خطأ، لكنه سلاح ذو حدين. فبينما يراه البعض خطوة استباقية لبناء حضور طويل الأمد، يستخدمه آخرون كوسيلة للهروب من أزمات مالية متراكمة.
وفي النهاية، لا يُقاس النجاح بعدد الفروع ولا بمساحة الواجهات، بل بقدرة المؤسسة على تحقيق استدامة مالية وسط ظروف السوق المتقلبة. ففي الاقتصاد، كما في البحر، ليس كل من يُبحر في العاصفة شجاعًا… بعضهم فقط لا يملك طريق عودة.