اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
ربط خبراء نجاح الأردن بترجمة بنود اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع الحيوي البحري التي أعلن عن انضمامه اليها الشهر الحالي بـ' تطوير نهج وطني قائم على المواءمة التشريعية والإدارية، والسياسية، والممارسات مع بنودها'.
وتلك الخطوة ستضمن، بحد قولهم 'استفادة المملكة من المنافع التي تقدمها بنودها، وأن تنعكس إيجابا على الواقع المحلي'.
وأكدوا على أن 'الانضمام لا بد أن يرافقه رؤية واضحة تضمن عدم تعارضه مع أولوياته البيئية، وأن يكون داعما لها، وليس على حسابها، فالمكاسب السياسية والعلمية قد تكون كبيرة، لكن الأثر الحقيقي يكمن في قدرة الدولة على ترجمة هذه الالتزامات إلى نتائج ملموسة، تنعكس على استدامة نظمها البيئية البحرية الصغيرة ولكن الحساسة'.
وكان قرر مجلس الوزراء بتاريخ 4 أيار (مايو) الحالي، الموافقة على انضمام المملكة لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار بشأن حفظ التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية، واستخدامه على نحو مستدام.
وتهدف الاتفاقية للتعاون ما بين الدول الأعضاء بمجال حفظ التنوع البيولوجي البحري، وبناء القدرات، وتطوير ونقل التكنولوجيا في هذا المجال، وحماية الموارد الطبيعية البحرية، وتوفير أدوات للتعاون والتنسيق مع الدول لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، والحد من التلوث البحري.
أي اتفاق يصادق عليه يجب ان يكون مدروسا بشكل مؤسسي
ومن وجهة نظر الرئيس التنفيذي لمنظمة محامون بلا حدود المحامي صدام أبو عزام فإن 'أي اتفاق دولي ترغب الحكومة بالانضمام اليه يجب أن يكون قرار الموافقة بالتصديق عليه من عدمه، مدروسا بشكل مؤسسي'.
ويعني ذلك، بحسبه أن 'تكون الحكومة قد أعدت الدراسات، وقامت بإجراء تحليلات وطنياً لبيان مدى الحاجة وعلى المستوى الوطني لهذا الاتفاق، وما هي المنافع المكتسبة للدولة عند التصديق عليه'.
وفي حال 'حسمت الحكومة قرارها بالتصديق على الاتفاق فإن ذلك الأمر يترتب معه العديد من الالتزامات، إذا أن كل اتفاقية دولية تتضمن اتخاذ العديد من التدابير التشريعية، والإدارية، وأخرى على مستوى السياسات والممارسات'، وفقاً له.
وبناء على ذلك فإن 'المطلوب حالياً تحليل مضمون هذه الاتفاقية، والمعياري الذي تضمنته، وبيان ما هي الإصلاحات التشريعية المطلوب تعديلها، أو سنها، أو الغائها لتتواءم معه بنودها'.
ومن ثم، وتبعا له، لا بد من تحليل هذه الاتفاقية على الصعيد الإداري، وإذا كانت تتطلب من الحكومة إيجاد أو الغاء مؤسسات، أو استحداث وحدات تنظيمية، أو مسميات وظيفية، لتتواءم مع بنودها.
وينساق ذلك الأمر على السياسات وإن كان هنالك حاجة لوضع إستراتيجيات على المستوى الوطني والقطاعي لأخذها بعين الاعتبار، كما أكد أبو عزام.
وشدد على أن 'أحد أوجه التقدم للدولة التصديق والدخول بالاتفاقيات الدولية بغض النظر عن موضوعها إن كان تجارياً، أو اقتصادياً، أو حقوقيا، أو ثقافيا، وغيره'.
ولكن 'يجب أن يكون لدينا مؤسسات وطنية قادرة على تنفيذ هذه الاتفاقيات، وقادرة على متابعة الالتزامات الواردة منا بهذه الصدد'، في رأيه.
وحذر أبو عزام من 'بقاء ذات النهج المتبع حاليا من قبل الحكومة حيال أغلب الاتفاقيات الدولية والإقليمية المصادق عليها فمن الأفضل عدم الانضمام'.
وأعرب عن أسفه من أن 'الحكومة تصادق على الاتفاقية لكن على سبيل المثال وزارة البيئة لا تقوم بدورها المطلوب ضمنها، وبذلك نحمل الدولة التزامات أعباء تفوق قدرتها في نهاية الأمر'.
تحرك إستراتيجي
وبرأي المختص بالتنوع الحيوي إيهاب عيد فإن، انضمام الحكومة الى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع الحيوي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية يعد تحركا إستراتيجيا يُعزز من حضور المملكة في الساحة البيئية الدولية'.
وقد تكمن أهمية انضمامه في عدة جوانب من ضمنها ترسيخ التزام الأردن بأهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الـ14 المتعلق بالحياة تحت الماء وحماية التنوع الحيوي، ما سيمنح الأردن موقعا فاعلاً بآليات صنع القرار، وصياغة القواعد العالمية المنظمة للبيئة البحرية.
كما، وبحسبه، سيفتح المجال أمام المؤسسات الوطنية سواء الأكاديمية والبيئية منها للانخراط بشبكات بحث وتعاون دولية، والاستفادة من فرص الدعم الفني والمالي الموجهة للدول النامية في مجالات مراقبة التنوع الحيوي وحماية الشعاب المرجانية وتنمية القدرات التقنية في خليج العقبة.
ورغم هذه المكاسب المحتملة، بحد قوله فإن هناك حاجة ملحة للنظر بواقعية لتحديات التنفيذ، خاصة في ظل الطبيعة الخاصة لهذه الاتفاقية التي تُعنى بمناطق لا تخضع لسيادة الأردن مباشرة. ورغم امتلاك الأردن لشريط ساحلي على خليج العقبة بطول محدود، إلا أن هذا الامتداد البحري يُواجه تحديات بيئية وتنموية متعددة، ما يفرض ضرورة إعطائه أولوية في العمل البيئي الوطني، تبعا له.
ومن هنا، ووفق عيد، فإن تحويل الالتزامات الدولية إلى مماثلة ووطنية وقابلة للتنفيذ يتطلب دراسة دقيقة لمتطلبات كل اتفاقية وإدماجها في الخطط، والتشريعات الوطنية بطريقة تحقق التوازن بين الالتزامات الدولية، والاحتياجات الواقعية على الأرض.
كما أن المصادقة على الاتفاقيات البيئية متعددة الأطراف، رغم ما تتيحه من فرص تمويل وشراكات دولية، لكنها تُرتب التزامات قانونية على الدول الأطراف، تستوجب وضع أطر تنفيذ واضحة، وآليات للرصد والتقييم، ومؤسسات قادرة على مواكبة متطلبات الاتفاقية، تبعا لتأكيداته. وفي هذا السياق، فإن الأردن، الذي صادق مسبقا على اتفاقية التنوع البيولوجي مطالب بتعزيز تنفيذ التزاماته القائمة، باعتبار أن هذه الاتفاقية تشكل الإطار الأشمل لحماية النظم البيئية والتنوع الحيوي، بما في ذلك التنوع البحري، في رأيه.
وشدد على أن ترتيب الأولويات البيئية، وتوجيه الجهود نحو استكمال ما هو قيد التنفيذ، يجب أن يسبق التوسع بالالتزامات الجديدة، خاصة حين ترتبط الأخيرة بمجالات ذات صلة محدودة بالجغرافيا البحرية الوطنية.
وأكد على أن انضمام الأردن للاتفاقية تتطلب رؤية واضحة تضمن عدم تعارضه مع أولوياته البيئية، وأن يكون داعما لها وليس على حسابها.
فالمكاسب السياسية والعلمية قد تكون كبيرة، لكن عيد يرى أن الأثر الحقيقي يكمن في قدرة الدولة على ترجمة هذه الالتزامات إلى نتائج ملموسة، تنعكس على استدامة نظمها البيئية البحرية الصغيرة ولكن الحساسة، وعلى دعم قدراتها العلمية والتنموية في مجال حماية البيئة البحرية.
شراكة بالمسؤولية بحماية التنوع البيولوجي البحري
ورغم عمل العالم الغربي منذ عقود جرت، على بناء مستقبل قانوني متكامل لحماية البيئة بشكل عام، والبيئة البحرية بشكل خاص، إلا أن الواقع العملي يبين الفشل الذريع في هذا المجال، وفق المحامية المتخصصة بقضايا وتشريعات البيئة، وعضو مجلس إدارة الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية إسراء الترك.
وأما بالنسبة لهذه الاتفاقية، والتي أطلقتها الأمم المتحدة السنة ما قبل الماضية (وهي بالمناسبة نسخة محدثة عن اتفاقية أعالي البحار التي صدرت عام 1992)، فإننا نجد المجتمع الدولي، ولأول مرة، يستحدث نصا قانونيا يقوم على القاعدة الفقهية العظمية الشاملة الواردة في الحديث الصحيح 'الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار'.
ولفتت الى أن هذه الاتفاقية ببساطة تلزم الدول الأطراف ليس بالمسؤولية اتجاه ما يقع ضمن حدودها البحرية وحسب، وإنما ايضا بما يشكل إضافة إلى ما سبق، ثلثي المساحة المحسوبة بعد حدودها.
وذلك الأمر، بحد قولها، يعد بمثابة ترجمة للشراكة بالمسؤولية بين الدول في حماية التنوع البيولوجي البحري، والذي يتعرض بسبب التغير المناخي، وارتفاع درجات الحرارة إلى موت وفقدان العديد من الأنواع البحرية، وعلى رأسها ابيضاض المرجان وموته بكميات كبيرة جداً.
الأردن وكعادته، سباق في هذا المجال من حيث الانضمام للاتفاقيات الدولية في مجال حماية البيئة، لكن فإن الترك تطرح تساؤلاًت مفادها 'ما معنى الانضمام، وهل حقيقة وقع الأردن وصادق على الاتفاقية وأصبحت جزءا لا يتجزأ من التشريع الوطني، وقبل ذلك، هل تمت مراجعة التشريعات الوطنية لنرى إن كان هناك تعارض مع نصوصها'.
ولم تكتف بذلك بل تساءلت إن 'كان يستطيع الأردن تطبيق نصوص الاتفاقية، وان كان يملك آليات لذلك'.
وهذه التساؤلات التي وضعتها الترك تأتي بحسبها بهدف 'دعوة الحكومة إلى أن تعيد النظر في آلية التعامل مع أي اتفاقية دولية، وأن تتوقف عند كل بنودها قبل الموافقة على التوقيع عليها، والانضمام اليها'، 'حتى لا نصل بالنهاية إلى كمن تأبط شراً'.
وهذا لا يعني، في رأيها أن 'لا يتعاون الأردن مع المجتمع الدولي، وإنما لا نريد أن نشبه علاقته مع الاتفاقيات في هذا المجال كمن يشتري ربطة عنق ثم يذهب ليلبق عليها بدلة'.