اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ١٩ أيلول ٢٠٢٥
شعب يرتكب إبادة جماعية لا يمكنه مواصلة الغناء. العالم الذي يرى شعباً ينفذ إبادة جماعية لا يمكن الغناء معه. ولن يقبل بأنه شعب يريد مواصلة الغناء وكأن شيئاً لم يحدث. ألم يخطر ببالها أنها ستشارك في منافسة اليوروفيجن وهي في ذروة ارتكاب إبادة جماعية في غزة. ومع كل هذا البهاء والاحتفال، وبينما جنودها يقتلون ويدمرون بلا شفقة، فهذا دليل على فقدان بصيرتها. كان عليها أن تدرك بأنه لا مكان لها في أي احتفال دولي الآن. لو انحنت بتواضع وابتعدت عن مسابقة اليوروفيجن لحافظت على كرامتها بكثير من نشر وابل من اتهامات معاداة السامية ضد العالم كله، كما لو أن العالم هو الذي يقوم بالذبح في غزة وليس الجيش الإسرائيلي.
مسابقة اليوروفيجن هي مسابقة غنائية لهيئات البث في أوروبا، التي دخلت إليها إسرائيل مثلما دخلت إلى أحداث أوروبية أخرى في مجال العلوم والرياضة والفن، بفضل النظرة الأوروبية الخاصة لها. أسبوع من المتعة والغناء والفن الذي لا يضاهى لعشاق نوع الموسيقى هذا. هذه المسابقة تعتبر غير سياسية، لكن إدارتها قررت في 2022 طرد روسيا منها بعد غزوها لأوكرانيا.
اعتبر إبعاد روسيا في حينه أمراً مفهوماً ضمناً. لم يذرف أحد الدموع في حينه على “كراهية الروس”. فمن يريد الرقص مع شباب يقصفون المباني السكنية في كييف؟ روسيا الآن ليست في مسابقة اليوروفيجن. هذا هو ما تستحقه. لم يكن طردها خطوة سياسية، بل أخلاقية. إسرائيل لم تحدث ضجة عالمية بسببها.
غزو إسرائيل لغزة أمر وحشي وإبادة جماعية، أكثر بكثير من غزو روسيا لأوكرانيا، الذي هو غزو وحشي وإجرامي. إذا نظرنا مثلاً إلى مؤشر الأطفال القتلى، وهو المؤشر الذي يعكس البربرية، فقد قتل في أوكرانيا 659 طفلاً في غضون ثلاث سنوات ونصف للحرب. أما في غزة فقتل أكثر من 18 ألف طفل في غضون سنتين.
أساساً، هل هناك سؤال: دولة كهذه، جنودها يقتلون أطفالاً بهذا القدر الكبير، هل تستحق المشاركة في أي احتفال دولي؟ ما الذي تتحدثون عنه عندما تتحدثون عن اللاسامية في هذا السياق؟ محبة السامية ومحبة إسرائيل هي فقط التي أبقت إسرائيل في المنافسة هذه السنة. لم يجب أن يكون مكانها هناك.
الإسرائيليون يتظاهرون بالغضب، ووسائل إعلامنا الغبية تخبرهم بأن الجميع يكرهوننا بسبب وجود المسلمين في أوروبا. هذا سهل على الفهم، لكنه محض كذب. أوروبا تكرهنا بسبب الأطفال الذين قتلتهم إسرائيل في قطاع غزة، وليس بسبب المهاجرين المسلمين. لا عاقل في العالم يشاهد صور الفظائع من غزة ثم لا يحتقر من يرتكبون هذه الفظائع.
خلافاً للإسرائيليين الذين لديهم وسائل إعلام عمياء تحميهم، فالعالم يشاهد ولم يعد باستطاعته الصمت. هذا ليس من حق العالم، بل واجبه. ربما يستطيع إقناع الشعب الروسي بقبول نظام ديكتاتوري، لكن بالنسبة لمن يدعون الديمقراطية، لا مجال للتنازل. الحكومة في إسرائيل تمثل الشعب. والحرب في غزة تقبلها أغلبية الإسرائيليين. في الحقيقة، الأغلبية الساحقة ستخوضها بفرح وخضوع أعمى، ومعظم الإسرائيليين لا تهمهم الإبادة الجماعية، بل ويطالبون بإعادة المخطوفين فقط. لولاهم، لما كانت هناك مثل هذه المظاهرات هنا.
نحن نستحق عقاباً ثقيلاً لا يمكن تحمله، لا سيما منذ بدء مرحلة الهستيريا المطلقة في مدينة غزة. هذه ليس كراهية ضد إسرائيل أو مازوشية، بل شعور بالعدالة؛ فإسرائيل مع كل هذه الدماء على يديها لا يجب عليها حتى محاولة قبولها في منتدى يقبل أعضاء مجرمين مثلها. الركض في قاعة “ستاد هولا” في فيينا على دماء غزة، المطهرة والمدمرة؟ عار على أوروبا أن خمس دول فقط هي التي عارضت مشاركة إسرائيل حتى الآن. هي لا تستحق أن تكون هناك.
جدعون ليفي
هآرتس 18/9/2025