اخبار اليمن
موقع كل يوم -شبكة الأمة برس
نشر بتاريخ: ٦ أيلول ٢٠٢٥
عند الوقوع في الحب، يُفرز الدماغ مواد كيميائية تعزز الشعور بالسعادة والمكافأة، مثل الأوكسيتوسين (هرمون الحب)، والدوبامين (هرمون المكافأة)، والسيروتونين (هرمون السعادة والاستقرار النفسي)، بحسب الرجل.
وعلى الرغم من أهمية هذه الهرمونات ودورها في تحسين مزاجك وصحتك النفسية، فإنها قد تُؤثر بشكلٍ مباشر على مراكز اتخاذ القرار الموجودة بدماغك، مما قد يجعلك تعتقد بأن الحب وحده يكفي لاستدامة العلاقات والزواج، وهذا ليس صحيحًا.
لماذا الحب لا يكفي لزواج مستدام؟
تصوّر الأفلام، والوسائط الرومانسية عمومًا، الحب على أنه كلمة السر لنجاح العلاقات، وهو فعلًا كذلك بدرجةٍ ما، لكن الحب في حد ذاته مفهوم معقد، ولا يوجد تعريف واضح وثابت له، بعكس الكثير من المفاهيم الأخرى التي يمكن قياسها وفهمها.
العلاقات الناجحة والمُستدامة تستوجب عناصر أوضح وأبسط بكثير من مفهوم الحب؛ عناصر مثل الثقة، والتواصل، والاحترام المتبادل، والذكاء العاطفي، والتوافق مع المبادئ والأهداف، وغيرها من المفاهيم التي يمكن قياسها.
وإلى جانب السبب العلمي الموضّح في مقدمة هذا التقرير، فإن أبسط دليل على أن الحب وحده لا يكفي أنك قد تقع في الحب، وتتقدم للارتباط، ومع أول اختبار قد تكتشف أنه لا يثق بك، أو يقدر مجهوداتك، أو مستعد للالتزام، والأمثلة تطول، فالحب المبني على أُسسٍ واضحة يعمي صاحبه.
أسس النجاح في الزواج
قبل أن نسرد أسس النجاح في الزواج، يجب أن نعرف أن هذه الأسس وسيلة وليست غاية، وفقًا لجون غوتمان؛ الباحث النفسي والطبيب الأمريكي الذي أمضى 4 عقود من عمره يدرس حالات الطلاق واستقرار الزواج، وألّف الكثير من الكتب الناجحة.
ما هو الأمان العاطفي؟
'الأمان العاطفي Emotional Safety'، هو ذلك الإحساس بالراحة الداخلية أثناء التفاعل مع الآخر، حيث لا نشعر بالحاجة للدفاع عن أنفسنا، بينما نكون قادرين على التعبير بحرية عما يجول داخلنا، من رغبات واحتياجات وانكسارات، دون أن نشعر بالخوف من التعرض للنقد أو الإهانة.
تُشير أبحاث غوتمان إلى أن واحدًا من أكثر أسباب تعثر العلاقات هو 'الدفاعية Defensiveness'، حيث يخاف الإنسان من احتمالية التعرض للنقد أو اللوم أو الرفض عندما يُعبر عما بداخله، وهذا هو المفهوم المعاكس تمامًا لفكرة الأمان العاطفي.
كيف تصل إلى الأمان العاطفي؟
حان الوقت لسرد أسس النجاح في الزواج، والتي تؤدي بدورها إلى الأمان العاطفي، وهي:
1. احترام الحدود:
هناك اعتقاد غير صحيح بأن الحدود الشخصية يجب أن تذوب كلما تطورت العلاقة بين طرفين، لكن الحقيقة أن احترام الحدود الشخصية هو مفتاحٌ لتعزيز الأمان والثقة، والعكس ليس صحيحًا، إذ يجب على الطرفين أن يعبرا بوضوحٍ عن حدودهما الشخصية، سواء كانت جسدية أو عاطفية، وأن يكون كلاهما على أتم الاستعداد لاحترام وتقدير هذه الحدود.
2. الانتباه للتواصل غير اللفظي:
التواصل غير اللفظي أو لغة الجسد بمعنى آخر، يلعب دورًا أساسيًا في بناء الأمان العاطف، فأحيانًا لا يكون الشخص مستعدًا للتعبير عما يريده بشكل مباشر، وينتظر من الطرف الآخر أن يفهم نبرته، وحركات عينيه، وتعبيراته المختلفة التي تحمل رسائل معينة، من المهم أن تنتبه لطريقة تواصل الطرف الآخر مثلما تنتبه لطريقة تواصلك.
3. الاستماع الفعّال:
الاستماع الفعال أو الـ'Active Listening' ضروري لفهم الطرف الآخر وجعله يشعر بالأمان، ويعني أن تنتبه بجوارحك مع الطرف الآخر وتنحي دفاعاتك جانبًا حتى ينتهي من فضفضته، مع الانتباه إلى الإيماءات غير اللفظية كما أشرنا، واطرح الأسئلة إن لزم الأمر، ولا بأس من تلخيص أو إعادة تكرار ما قاله الطرف الآخر للتأكد من أنكما تفهمان بعضكما.
4. الشفافية:
عندما تكون صريحًا بشأن أفكارك ومشاعرك مع الطرف الآخر، يزداد الأمان العاطفي وتقل فرص الشك الذي يُفسد الكثير من العلاقات، والشفافية لا تعني الإفشاء عن كل كبيرةٍ وصغيرة كما قد يظن البعض، لكنها تعني الانفتاح العام حول الذات، والأمور الجوهرية التي يمكن أن تؤثر على العلاقة حقًا.
5. حسن الظن بالشريك:
أي التخلي عن إصدار الأحكام المسبقة أو الافتراضات السلبية حول دوافعه، وبدلًا من ذلك، البحث عن تفسير سلوكه -الذي يبدو غريبًا لك- بدافع الفضول والرغبة في الفهم، فكثير من التصرفات تعود إلى دوافع لاشعورية أو جراح قديمة يحملها كل طرف معه، وعندما تتوقف عن إصدار الأحكام، تكون البيئة أكثر أمانًا، حتى عند الاختلاف.
6. الوفاء بالوعود:
الوفاء بالوعود يُظهر للطرف الآخر أنك أهل للثقة وتقدّر العلاقة، وحتى الخطوات الصغيرة نحو الوفاء بالالتزامات تُعزز من الشعور بالأمان، خاصة عندما تُبقي شريكك على اطلاع بما تنوي فعله وما تحقق فعليًا.
7. التفكير في الاستعانة بالعلاج أو الاستشارة الزوجية:
أحيانًا يكون تدخل المتخصصين مفيدًا لبناء الأمان العاطفي، حيث يساعد العلاج على توجيه الطرفين نحو التعامل مع الخلافات بطريقة صحية، بدلًا من التركيز على المشكلة بحد ذاتها، ويوضح المختصون أن نجاح العلاقات لا يعتمد على مضمون الخلافات، بل على الطريقة التي يتم بها التعامل مع الخلاف، والعلاج يساعد الزوجين على بناء آليات تعامل جديدة تهيئهما للنجاح طويل الأمد رغم تحديات الحياة.
عوامل تؤثر على استمرارية الزواج
هناك أيضًا عوامل تؤثر على استمرارية الزواج والعلاقة مهما كانت قوية، منها:
1. إجبار الآخر على التغيير:
واحدٌ من أقسى أشكال الأنانية، إذ كثيرًا ما يحاول الأزواج إعادة تشكيل شركائهم وفقًا لنسختهم المثالية عن الذات، ويركزون على رغباتهم واحتياجاتهم وتفضيلاتهم، دون الاهتمام بمشاعر الطرف الآخر أو أحلامه أو حتى احتياجاته اللحظية، يؤدي هذا النمط من التفكير بعقلية 'أنا أولًا' إلى زيادة الاستياء مع مرور الوقت، ويضعف العلاقة بين الزوجين.
2. التنصل من الواجبات:
كثيرٌ من المقبلين على الزواج ينظرون لهذا المفهوم بطريقةٍ حالمة وينسون، أو يتناسون، فكرة المسؤولية والواجبات، فعندما يكون الالتزام في الزواج موضع تساؤل، تظهر حالة من عدم اليقين فيما يخص استدامة العلاقة، تُظهر الأبحاث أن الالتزام مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقة، فكلما زاد الالتزام زادت الثقة، والعكس صحيح، فضعف الالتزام يؤدي تلقائيًا إلى ضعف الثقة بين الطرفين، وبالتالي فشل العلاقة ككل.
3. تأطير الزواج في الرومانسية:
تشير الدراسات إلى أن الاعتقاد بأن الزواج هو مجرد ارتباط عاطفي أو رومانسي قوي يزيد من احتمالية عدم الاستقرار، فالأشخاص الذين يرون الزواج كعلاقة عاطفية فقط يكون لديهم شكوك أكثر بشأن استمراره، بينما من يتبنون مفهوم 'الأسرة أولًا'، أي أن الزواج يشمل أيضًا الأطفال والالتزام والمسؤوليات المالية والاجتماعية، يكون لديهم استقرار أكبر في رؤيتهم للمستقبل.
4. فشل التواصل:
الانشغال بالحياة، وضغط الأولويات، وتأثير التكنولوجيا، والإرهاق، وضعف جودة الحياة الجنسية، كلها عوامل تؤدي إلى إهمال الجهد المبذول في العلاقة الزوجية، ومع الوقت تختفي لقاءات الأزواج، ويتوقف كل طرف عن رؤية وسماع وتقدير الطرف الآخر، مما يسبب فجوة بينهما.
5. التأثر بالأشخاص المحيطين الذين لا يقدرون الزواج:
تشير الدراسات إلى أن وجود أصدقاء مقربين مطلقين يزيد من احتمال الطلاق بنسبة تصل إلى 75%، حتى الأصدقاء من الدرجة الثانية، أي أصدقاء الأصدقاء، يمكن أن يزيدوا هذا الاحتمال بنسبة 33%، مما يدل على وجود 'عدوى' تجعل الطلاق أكثر قبولًا وانتشارًا في الدوائر الاجتماعية.